13-12-2017 12:43 PM
بقلم : منال أحمد كشت
تعرف التنمية المستدامة بوصفها العملية التي ينتج عنها تحسين فرص حياة الأفراد، دون نقصان فرص الاخرين، وتمكين الإنسان من حياة مستقبلية أفضل من خلال تحقيق المزيد من الرفاهية والعدالة الإجتماعية والأمان المجتمعي . ولهذا كان من المهم التأكيد على دور التعليم في تطوير المعارف والمهارات وبناء القيم مما يساهم في إيجاد وسيلة فعالة للعيش ضمن مجتمعات تشهد تطورا سريعا بإتجاه الثورة الصناعية الرابعة.
ولما كان التعليم حقا أساسيا من حقوق الطفل فقد حدد الإعلان العالمي الذي اعتمد في تايلند (1990) وإطار عمل داكار (2000) رؤية شاملة تتمثل في تحسين التعليم بهدف تحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية وأتاحة الفرص للجميع بالتماشي مع ثقافة المجتمعات للوصول جميع الأطفال واحترام احتياجاتهم وقدراتهم وابداعاتهم.
إن التعليم المتوافق مع أهداف التنمية المستدامة في القرن الحادي عشر قائم على أربع مرتكزات أساسية وهي تعلم لتعرف، تعلم لتعمل، تعلم لتعش مع الاخرين وتعلم لتكن. لذلك فإنه من المهم رسم السياسات والخطط والقرارات التنفيذية التعليمية من أجل ضمان تعليم مستمر وتعلم ذاتي قادر على بناء شخصية إنسانية متكاملة متوازنة من النواحي العقلية والروحية والإجتماعية والأخلاقية.
ان التعلم بهدف المعرفة يهدف الى اكتساب المعارف وإتقان أدوات المعرفة بهدف فهم العالم المحيط بالطالب بدرجة كافية من الثقافة العامة وتعلم الإستفادة من المعارف المكتسبة مدى الحياة. أما التعلم بهدف العمل فيعنى بالحصول على التأهيل المهني واكتساب الكفاءات التي تؤهل الطالب بشكل أشمل لمواجهة مواقف حياتية عديدة ضمن منظومة العمل الجماعي والفريق والتعلم للعمل في إطار التجارب الاجتماعية المختلفة.
فيما يعد التعلم للعيش مع الاخرين من أهم المهارات التي ينبغي إدراجها وتعزيزها ضمن المناهج المدرسية بهدف تنمية القدرة على احترام وفهم الآخر وتحقيق مشروعات مشتركة والاستعداد لتسوية النزاعات في ظل احترام التعددية الثقافية والتفاهم والسلام. أما تطوير الذات وتعزيز مفاهيم المواطنة والإنتماء تكون من خلال تعلم لتكن وتهدف لتطوير الشخصية بشكل أفضل وتعزيز المهارات الحياتية لضمان موضوعية الحكم على الأمور وتنمية طاقات الفرد وتحسين الذاكرة والحس الجمالي والقدرات البدنية والقدرات على التواصل الاجتماعي.
قد لا يبدو من الممكن تحقيق التنمية المستدامة ان لم نقم بتغيير طريقة تفكيرنا وعملنا، الأمر الذي يفرض علينا توفير نوعية تعلم مختلفة على جميع المستويات مما سيمكننا من مواجهة التحديات العالمية بشقيها الحالي والمستقبلي بطريقة أكثر فاعلية. لذلك لا بد من إدراج قضايا التنمية المستدامة مثل التغير المناخي والحد من الكوارث والفقر والتنوع الإيدولوجي ضمن مناهج تشاركية تفاعلية تحفز الطلبة على تغيير سلوكياتهم وتمكنهم من اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تشجيع التفكير النقدي وتطوير اسلوب حل المشكلات بطرق تعاونية.
ان معالجة أزمة التعليم يتطلب إعادة تحديد الهدف من وراء المنظومة التعليمية لتعكس المهارات والمعارف والقيم التي من شأنها تعزيز التفكير النقدي لذلك فإن الأطفال بحاجة الى التعلم بطرق فاعلة وتعاونية وذاتية التوجيه لكي يتمكنو من المساهمة في بناء مجتمعاتهم وتطويرها. ان التعليم من أجل التنمية المستدامة يتطلب إحداث تغييرات جذرية في منهجية التعليم لتشمل اللتأكيد على الحق في التعليم وضمان تحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير التعليم النوعي والتدريب على المهارات اللازمة لاستمرارية التعليم مدى الحياة.
فالتعليم من أجل تحقيق التنمية المستدامة من شأنه تمكين الطلبة وإكسابهم التقنيات والمهارات والقيم والاسترايجيات التي تضمن لهم الانتفاع من العملية التعليمية بغض النظر عن السياق المجتمعي او البيئة العائلية او المدرسية ويخلق مواطنين قادرين على تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم من خلال تطبيق الممارسات الديمقراطية.