16-12-2017 09:38 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
لعل العالم وخاصّة الأمتين العربيّة والإسلاميّة مشغول بقضيّة فلسطين عموما وقضيّة القدس خصوصا وما نجم عنها من رفض لقرار الرئيس الأمريكي بالإعتراف بمدينة القدس عاصمة ابدية للكيان الصهيوني ونقل مقر سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس وكان الرفض لذلك القرار شبه عام من خلال جلسة مجلس الأمن الدولي وتصريحات الزعماء الأوروبيّين وإجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبيّة ومؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلاميّة ومجلس برلمانيي الدول العربيّة ومجلس الجامعة العربيّة والتي بالرغم من كل ذلك الرفض لم يتراجع الرئيس الأمريكي قيد انملة واعتبر القراربمثابة هديّة للشعب اليهودي في عيد حانوكاه وكان القرار بمثابة ضربة قاسمة لنفوس الشعوب الإسلامية عامّة والعربية بشكل خاص وضربة لضمائر الزعماء العرب وكراماتهم خاصّة للزعماء الذين تعتبرهم امريكا ينتهجون خط الوسط والإعتدال وكثيرا ما اشاد الرئيس الأمريكي بتعاونهم في عملية السلام التي اعتبرها الفلسطينيُّون بمثابة الميِّتة كما اشعلت الشباب الفلسطيني غضبا ضدّ قوات الإحتلال والمستوطنين .
وقد يكون هذا القرار بمثابة بالون إختبار لإسرائيل للقيام بخطوات وإجراءات أشدُّ إيلاما للشعوب العربيّة والإسلاميّة ومنها لا سمح الله هدم المسجد الأقصى بهدف المباشرة ببناء الهيكل المزعوم وإجلاء عرب 48 عن بيوتهم بهدف نقاء يهوديّة الدولة ضمن حدودها المحتلة وكذلك دفن قرارات العودة والتعويض للآجئين الفلسطينيّين والتوسُّع في الأرض المحتلّة نحو تحقيق الحلم الإسرائيلي من الفرات للنيل وثم تبدء مخالبهم بالإمتداد نحو دول ومقدّسات اخرى في العالم العربي بحيث يستمرُّ نهشهم هنا وهناك ونحن لا حول لنا ولا قوّة إلاّ بالله .
وقد دأبت الحركة الصهيونيّة منذ مائة عام وهي تلعب على كل الحبال المتوفِّرة فمن حبال الدولة العثمانيّة الى الحبال الهتلريّة والحبال الأوروبيّة وخاصّة البريطانيّة والفرنسيّة والحبال القيصريّة ومن بعدها السوفياتية والشيوعيّة وبعد الحرب العالميّة الثانية ركزت اللعب على الحبال الأمريكيّة وخاصّة اللوبي الصهيو امريكي وفي كل ذلك اللعب استطاعت ان تملك بيديها حبال المال والإعلام والجنس بحيث استطاعت ان تُسخِّر عربا ليشدّوا لها تلك الحبال الثلاث دون كلل او ملل وشعرت اسرائيل ان مجيئ ترمب لقيادة الإدارة الأمريكيّة في هذا الوقت الذي ينشغل فيه العالم العربي بعدِّ قتلاه وإحصاء جرحاه ليتفرّغ بعد ذلك للمِّ وتضميد جراحه وإعمار بلاده وإطعام لاجئيه ومشرّديه والتغلب على انقساماته وخلافاته وان هذا هو الوقت المناسب لهذا البالون المفصلي فيصيب عدة عصافير مقدسيّة بحجر واحد من مقلاع داوود .
واول هذه العصافير هو درس عملي لجميع الرؤساء الأمريكان القادمون مستقبلا كيف يكون دعم الصهاينة الفعلي وكيف يكون الإخلاص لهم والجرأة في مواجهة العالم من اجل المصلحة الإسرائيليّة والجناح الآخر يوجِّه درسا للشعب الأمريكي يؤكِّد لهم ان مصلحة اليهود واسرائيل لها اولويّة عن الشعب الأمريكي وان الحزب الجمهوري يفيد اكثر من الحزب الديموقراطي للشعب من خلال ما استطاع ان يحصله من العرب على شكل صفقات سلاح وعطايا وخلافه لتحسين حياة الأمريكان وتخفيف البطالة بين شبابهم .
والعصفور الثاني يحمل درسا للفلسطينيّين انه مع ضياع القدس لم تحمل اي دولة إسلاميّة او عربيّة سكينا في وجه اسرائيل كما ان ضياعها لم يستطع لحام الإنقسام بالرغم من عدم وجود حاجز طبيعي بين الضفّة والقطاع كما انّه بالرغم من حماس الشباب باستعمال الحجارة في وجه آلة الحرب الإسرائيليّة لم تعلن السلطة أو حماس الحرب علانية على اسرائيل .
والعصفور الثالث يحمل درسا للشعوب العربيّة يدعوهم للراحة والإستجمام وعدم الأخذ بالحميّة حيث ليس لديهم سوى إمكانيّة التظاهر تحت الشمس الحارقة او الثلوج المنهمرة ولن تسمح لهم حكوماتهم حتى بمقاطعة الكوكا كولا او الكاكا الإسرائيليّة من انتاج الكيبوتسات والمستوطنات اليهوديّة وقد يأتي يوما تمنعكم من الدوس على العلم الإسرائيلي او الأمريكي تحت طائلة الحبس والغرامة وإعادة تعليقه فوق منزل المتسبب بالحرق لا سمح الله وهذا العصفور يشجعكم على المحافظة على لقمة العيش مع او بدون كرامة .
والعصفور الرابع يحمل رسالة من اليهود للمسلمين متمثلين بالشيعة والسنّة ان لا ترتاحوا واستمرّوا في العداء المبطّن والمعلن لأن الطرفين لم تهبّ دولهما لنصرة الأقصى حسب الشعارات والخطابات الناريّة وهي رسالة تهدئة لشعوب الأرض غير الإسلاميّة بأن عصر المنظمّات المتطرفة مهما كان منشئها وممولها وداعمها كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها انقضى ذلك العصر خاصّة بعد ان اوشكت إتفاقية القرن ان تكون حقيقة واقعة أيّا كان شكلها .
والعصفور الخامس يحمل رسالة الى الحكّام الشيوعيّون في كوريا الشماليّة وهو إبقوا على عنادكم مع الأمريكان لأنهم لا يقدْرون سوى على العرب خاصّة ان معكم كلُّ من الروس والصينيُّون يشدُّوا من أزركم فلا تتهاونوا .
والعصفور المقدسي يقف بجناحيه احدهما على الهلال والآخر على الصليب ويحمل موعظة لكل شعوب الأرض ما عدا الصهاينة ومن آمن بنهجهم وعمل بشرورهم ويقول العصفور المقدسي ها قد اقترب عيد الميلاد المجيد ميلاد يسوع عليه السلام رسول المحبّة والسلام بينما الصهاينة ومن لفّ لفيفهم من إسرائيليّين وامريكان يعتدون على مسرى رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام وقيامة اليسوع عليه السلام غير آبهين بغضب الله وقدرته على إبادتهم كما كان حال عاد وثمود وفرعون وغيرهم وامريكا لن تبقى متّحدة بإذن الله وإسرائيل لن تعيش صهيونيّة زمنا طويلا وستبقى الأخوّة بين الهلال والصليب متعانقين مدى الأزمان ولن يطول عناق ترمب وباراك ان شاء الله .
فيا عصافير القدس ابشروا ويا صهاينة امريكا واسرائيل افشروا .
اللهم احفظ الأردن ارض وشعبا وجيشا وقيادة واجعله كما كان دوما ارض الحشد والرباط ونصيرا وسندا لأهل فلسطين وقدسها ومقدساتها الإسلاميّة والمسيحيّة .
قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)صدق الله العظيم
ambanr@hotmail.com