23-12-2017 09:52 AM
بقلم : روشان الكايد
عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لاسرائيل ، اجتاحت عواصم العالم العربي والإسلامي موجات غضب وسخط لتمتد للعالم بأكمله ، ولتنتفص لهذه المدينة المقدسة مدنا أجنبية لا تعرف العروبة ولا الإسلام إلا أن إحساس الحق الذي انتهك وسلب عنوة أمام الملأ كان المؤثر الحقيقي في نفوسهم ..
لم يتوانى الأردن ممثلا بجلالة الملك كما العادة عن القيام بجولات ومباحثات وعن إيضاح الموقف الثابت الذي لن يتغير ، فقد أمضى جلالته أسبوعين متواصلين على المستوى العربي والإقليمي لبحث تداعيات هذه الأزمة ..
إن ما حدث كشف وجه الولايات المتحدة الحقيقي ، وابتعادها عن السلام بعد أن كانت الراعي الرئيس للسلام ، وإن استخدام ترامب للغة التهديد والتلويح بالضغط من خلال المساعدات على الدول التي ستصوت ضد القرار ، نفى الشكوك التي كانت تدور في خلد كل من كان يظن بأن الولايات المتحدة مرساة للسلام العالمي .
العالم الإسلامي بدوله المتقدمة كماليزيا وسنغافورة وبدوله الفقيرة الكثيرة لم يجد إحساسا بالخوف لنجدة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، والعالم العربي بصراعاته وتلاحماته وثوراته لم يخشى قطع الإمدادات من "ماما أمريكا" بل زاد إصرارا وثباتا أمام هذا الموقف ، وبات كالغريق الذي لن يخشى البلل.
إن ما يظهره ترامب اليوم بات جليا للباحثين في تاريخ الولايات المتحدة ، بأن هذه الفترة هي الأكثر شراسة وتخبطا في السياسة الأمريكية الخارجية ، فكان من المفروض للرئيس الأمريكي عدم خروجه عن سياق الدبلوماسية أيا كانت النتائج وعدم التحدث بلغة الفوقية عن موضوع المساعدات .
مشاعر عالمية موحدة انصهرت وتكاتفت وتآلفت في وجه شرطي العالم ، دعاة إنسانية وقوميين ومسلمين ومن شتى المنابت والأصول ومن مختلف القارات توحدوا على قرار واحد ممثلين 128دولة اختارت رفض قرار ترامب حول القدس ، أليس هذا بالنصر المنقطع النظير ؟ أليس هذا بالسابقة التي لم تحدث يوما في تاريخ الولايات المتحدة ؟! ..
ليكن هذا القرار الموحد ، صحوة حقيقية في وجدان الشعوب العربية وحكوماتهم ، وفكرة أن وحش الولايات المتحدة الذي لا يقهر باتت من الماضي ، وأن الاتحاد هو أساس الثقل وأن التكاتف هو أساس الوحدة ، وأن يد الله دوما مع الجماعة ..
وللأمانة إن ما جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة من موقف كبير غير مسبوق بالأغلبية الساحقة التي وقفت في وجه الولايات المتحدة ، تذكرت مقالا كنت قد قرأته قبل ما يزيد عن ستة أشهر يتحدث عن العرافة البلغارية الشهيرة " فانغا " ، وإن كنت لا أؤمن بالمنجمين ، وإن كذب المنجمون ولو صدقوا ، إلا أنني ما زلت أذكر أنها قالت أن آخر رئيس للولايات المتحدة أسود اللون ..وهذا ما يدفعني لأتساءل ؛ هل ستنتهي الولايات المتحدة على يد ترامب ؟؟! ، وحدها الأيام تجيبنا ..