23-12-2017 09:58 AM
بقلم : جهاد علي البرق
مدى شرعية قانون القدس الامريكي والطعن به امام القضاء الامريكي
لاشك بأن الإعلان بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس من قبل الرئيس الأمريكي –دونالدترامب-
وذك في السادس من ديسمبر للعام 2017 هو في أحد خلفياته . جاء تطبيقاً لتشريع الكونجرس
الأمريكي , بقانون القدس الصادر في العام 1995, والذي أخذ جدلاً واسعاً من حيث تطبيق هذا القانون
من قبل الإدارات الرئاسية السابقة , والتي تحفظت على تطبيق قانون الكونجرس الأمريكي , معلنةً
بأن مبررات هذه التحفظات في عهد إدارة كلنتون -جاء منسجماً للحفاظ على إستمرارية المفاوضات,
وتحقيق فرص السلام, حيث قدمت إدارة كلنتون إعتراضات قوية خلال المناقشات التي دارت حول هذا
القانون , وربط الرئيس كلنتون شرعية إعتراضاته تحت تبرير بأن تطبيق قانون أمريكي يجيز فيه نقل
السفارة الأمريكية إلى القدس , ضربةً لإتفاقية طابا- التي حدثت بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول
ترتيبات حكومة فلسطينية مؤقتة للضفة الغربية وقطاع غزة, وبأن التركيز على القدس السابق لأوانه
سيعمل على تقويض المفاوضات وعدم تحقيق فرص السلام .
مما لاشك فيه بأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة شكلت الغطاء الشامل لإسرائيل من حيث الدعم
المختلف لها ,وخصوصاً غطاء حق الإعتراض الأمريكي داخل مجلس الأمن منذ العام 1973 الى
2017, ولكن تم التعاطي مع ملف – مدينة القدس- عبر القادم بيانه:
-في بدايات القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الأولى , تم وضع "مدينة القدس" تحت سيطرة إنتداب
الإستعمار البريطاني لفلسطين ,ووضع مدينة القدس تحت إدارة الأمم المتحدة في إطار خطة التقسيم
التي قامت بتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى دولتين عربية ويهودية بقرار صادر من الجمعية العمومية
للأمم المتحدة, وفي نهاية الإنتداب البريطاني في أيار/مايو1948 , إستند الزعماء الصهاينة إلى قيام
دولتهم طبقاً لخطة التقسيم ,وبعد الهدنة التي أعقبت حرب 1948 تم تقسيم القدس إلى نصفين ,
وإحتلت القوات الإسرائيلية القسم الغربي , وبقيت المنطقة الشرقية من مدينة القدس تحت السيطرة
الأردنية .
ومنذ عام 1948 الى العام 1967 كانت السياسة القائمة الأمريكية هي
أن وضعية القدس يجب تحديدها من خلال التشاور مع كافة الجهات المعنية , لبلورة الصيغة النهائية
والدائمة للقدس.
وفي العام 1993 , تم الموافقة بين الممثلون عن الإحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني وبمساعدة
أمريكا ذلك على وضعية القدس بإعتبارها قضية محورية , ينبغي تحديدها من خلال المفاوضات ,
دون إصدار حكم مسبق على قضية وضعية القدس , وبالتالى الإنفراد الإسرائيلي لوضعها ضمن حدود
السيادة الإسرائيلية .
مما لاشك فيه بأن المواقف الأمريكية إتجاه مدينة القدس جاءت تعبيراً عن تعزيز مفاوضات التسوية
وإنعكاسها على عملية السلام التي تصب بالنهاية في مصالح الولايات المتحدة , لذا نجد سر
تأثير الرؤية الأمريكية في الحفاظ على موقع سفارتها في تل أبيب .
لذا فإن حكومة الإحتلال الإسرائيلي فرضت منطق رؤيتها حول القدس بأنها مدينة تخضع لسيادتها
وتعتبرها العاصمة الموحدة لها , وهذا ماجسدته في العام 1980 بإعلانها – مدينة القدس العاصمة
الموحدة والكاملة - , مع رفض العديد من الدول العربية والأجنبية ومجلس الأمن والجمعية العمومية
لإن قضية القدس لايمكن تحديد وضعيتها إلا بموجب الإتفاقات الثنائية , وتأسيساً على ذلك فإن الدول
الأجنبية نقلت سفاراتها من القدس الغربية الى المدن الأخرى .
ومع وصول دونالد ترامب الى سدة الرئاسة الأمريكية وإطلاق إعلانه في السادس من ديسمبر 2017
بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس , والذي أثار حفيظة المجتمع الدولي برمته حول الرؤية الدولية
لوضعية القدس , فإنني سأقوم بدراسة قانون القدس الصادر من الكونجرس الأمريكي 1995
ومدى دستورية التشريع و تنفيذ القانون من طرف الرئيس الأمريكي.
إن الإدارات الأمريكية الرئاسية قبل عهد- ترامب- قد عبرت عن تحفظاتها حول نقل السفارة الأمريكية
إلى – مدينة القدس- على خلاف الكونغرس الذي أصر على نقل السفارة الى القدس , حيث جسد ذلك
عملياً بإصدار "قانون سفارة القدس" , في العام 1995, في مضمونه "أنه ينبغي الإعتراف بالقدس
كعاصمة لدولة إسرائيل",وأنه ينبغي تأسيس سفارة الولايات المتحدة في القدس بموعد أقصاه أيارمايو
1999, ولضمان تنفيذ هذا القانون من الكونغرس فقد فرض عقوبات على الجهات التنفيذية في حال
فشلت في إتخاذ هذه القرارات ضمن الموعد المذكور وبشكل محدد طبقا "للبند3" من القانون .
ولضمان سيرورة تنفيذالإجراءات طبقا لقانون سفارة القدس- فإنه سيتم تعليق مانسبته 50% من
التمويل المخصص لوزارة الخارجية للسنة المالية في خدمة العمل المطلوب لإنشاء السفارة في القدس
بعد إعلام الكونغرس بشكل رسمي , وعند الفشل في ذلك فإنه سيتم إقتطاع تمويلات السنة المالية
1999, المخصصة لبناء وتجهيزات السفارات والقنصليات إلى النصف حتى إعلان إفتتاح السفارة
الأمريكية في القدس .
ويستطيع الرئيس الأمريكي طلب الإعفاء من تنفيذ قانون نقل السفارة إبتداءاً من 1 تشرين الثاني
نوفمبر 1998 ,تعليق المدة المحددة في البند 3-ب , لمدة ستة أشهر, إذا قرر وأخبر الكونغرس مسبقاً
بضرورة هذا التعليق وذلك لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة مع التمديد لستة أشهر
إضافية في حال حدد الرئيس وأعلم الكونغرس مسبقاً بالتعليق الإضافي لذات أسباب حماية مصالح
حماية الأمن القومي , مع بيان تحديد المصالح التي ستتأثر وكيفية تأثير هذه التحديدات على المصالح
على أن يتضمن تقرير الرئيس الأمريكي تحت البنود ,....1-2-3
أما البند 7 (ب), يطبق حال الإعفاء من القيود المفروضة في البند 3(ب) فإنه ينبغي تطبيقها
في السنة المالية التالية إلا إذا كان هناك عام تنازلي اخر.
لاشك بأن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الامريكية إلى القدس في
6ديسمبر2017 , بعد إستخداه الإعفاء لمرة واحدة قبل الإعلان يشكل في الحقيقة خروجاً
عن التحفظات التي إستخدمتها الإدارات السابقة للبيت الأبيض فيما يتعلق بنقل السفارة
الأمريكية الى القدس, إضافةً لذلك فإن إعلان ترامب بنقل السفارة أدى إلى إنهاء تجديد
الإعفاء الأمر الذي يؤدي إلى تحرير نصف التمويلات المقترحة في البند 3(ب) من التقييد
والتي تم رصدها لإستخدامات وزارة الخارجية من أجل وصيانة المنشاَت في الخارج وحتى إصدار
وزير الخارجية قراراً وإعلامه للكونغرس بأنه تم إفتتاح السفارة الأمريكية في القدس .
فإن قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بإنهاء الإعفاء تم في السنة المالية 2018 طبقاً
للموازنة الأمريكية لذا فإن تحرير نصف التمويلات المخصصة لوزارة الخارجية لإنشاء
السفارة الامريكية في القدس , سينطبق على التمويل المخصص للسنة المالية 2019
طبقاً للقسم 7(ب), من القانون والذي يبدأ في 1/أكتوبر تشرين الثاني ., وهذا في الحقيقة
مايفسر الكلام الاخير الذي قاله وزير الخارجية الامريكي حول تنفيذ قرار ترامب بانه
ليس هذا العام وربما نحتاج لعام اخر .
إلا أن قانون "نقل السفارة الى القدس ", قد لاقى إعتراضاَ قوياً في عهد إدارة كلنتون وتم
الطعن به دستورياً , حيث جاء إعتراض – كلنتون- أن قانون نقل السفارة وفق البند 3(ب)
يناقض الدستور , مستشهداً في ذلك بمذكرة من مكتب الإستشارة التشريعي التابع لوزارة العدل
بحيث أن الدستور الأمريكي " الدستور يضمن للرئيس وأجهزته أن يطبقوا العلاقات الدبلوماسية
للدولة مع الدول الأخرى , بما فيها قضايا الإعتراف " , "وأن الكونغرس لايمكن أن يعيق السلطة
الدستورية الخاصة بالرئيس لصياغة العلاقات الأجنبية للدولة والإعتراف بالحكومات الأجنبية
عبر الأمر بنقل موقع سفارة ما ".
ووماتجدر الإشارة إليه فإن الكونغرس قام بتعديل نص البند 3(ب), بالبند رقم 7 (الإعفاء
مدة ستة أشهر) لعدم تنفيذ قانون القدس , تحت ضغط الفيتو الذي هدد به كلنتون .
لاشك بأن هذه الدراسة أدت إلى طرح معالجة الإشكالية حول نقض قرار ترامب القاضي
بإعطاء حقاً سياديا لإسرائيل على مدينة القدس بما يتناقض الشرعية الدولية وموقف المجتمع
الدولي , وأيضا إضافة لما تقدم من عدم دستورية القانون الامريكي بنقل السفارة الى القدس
لنتوجه الى اسلوب جديد في ادارة النضال القانوني وهو أهمية التوجه الى القضاء الوطني
الأمريكي بهدف مخاصمة قرار الرئيس الامريكي – ترامب – طبقاً للدستور والقانون الأمريكي
عن طريق :
أولاً- رفع دعوى قضائية الى المحاكم الداخلية الإبتدائية ضد قرار الرئيس – ترامب-
وإعادة النظر بقانون نقل السفارة الصادر من الكونغرس تمهيداً لإلغائه
ثانياً- رفع دعوى قضائية أخرى ضد ممثلة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هايلي
بتعريض الأمن القومي الأمريكي للخطرنتيجة وصفها بأن الأمم المتحدة منظمة عدائية
أثناء جلسة مجلس الأمن الدولي لبحث قرار ترامب حول القدس
والطريق الاَخر دبلوماسي عبر القادم بيانه
أولاً- توسيع الدبلوماسية غير الرسمية في مناصرة عدالة القضية الفلسطينية
ثانياً- توسيع قاعدة التحالف الشعبي الأمريكي مع القضية الفلسطينية