حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,20 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19945

إبتزاز دولي

إبتزاز دولي

إبتزاز دولي

25-12-2017 02:13 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد محمود سعيد
عندما تقر 128 دولة (اكثر من ثلثي دول العالم ) أن أمريكا ورئيسها وإدارتها قد إتّخذ قرارا خاطئا في حق العالم وارادت له ان يتراجع عنه والجميع يعرف ان الهدف من القرار الأمريكي إن هو إلاّ لإرضاء اسرائيل التي وافقت ألأمم المتحدة على إنشائها بشرط إعطاء السكان الأصليّين وهم الفلسطينيّين حقوقهم كاملة .
حيث كان قبول (إسرائيل) في الأمم المتحدة أول قبول شرطي لدولة عضو، وهو الوحيد حتى الآن. فقد جعلت هذه العضوية مرهونة باحترام الدولة الصهيونية لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالتقسيم، وبحق العودة للشعب الفلسطيني المهجر، والتعويض عليه, غير أن (إسرائيل) التي ,التزمت رسمياً باحترام هذه القرارات لم تفي بالتزاماتها بل على العكس تماماً، اتجهت تصرفاتها قبل العضوية وبعدها في الطريق المضاد, فلا هي احترمت حدود التقسيم (قرار التقسيم) وشروطه، ولا هي أقرت، أو تقر، حق الشعب الفلسطيني في العودة (حق العودة) والتعويض, ورغم هذا كله لم تفكر المنظمة الدولية يوماً ما في مساءلتها عن خرق شروط العضوية، أو حتى عن إمعانها في خرق التزاماتها بموجب الميثاق, وهو ما يبرر من الناحية القانونية فصلها من الأمم المتحدة عملاً بالمادة السادسة منه.
ولقد كان نجاح الحركة الصهيونية وحلفائها في إدخال (إسرائيل) منظمة الأمم المتحدة الانتصار الكبير الثاني من حيث الأهمية بعد إنشاء الدولة ذاتها وقد تعتبر قرار ترمب الحالي هو الإنتصار الثالث للصهيونية من اجل إسرائيل.
فبدعم وتشجيع من أمريكا، تقدمت الحكومة المؤقتة (لإسرائيل) في نهاية عام 1948 بطلب انضمامها للأمم المتحدة في محاولة واضحة لإسباغ الشرعية الدولية على هذا الكيان الجديد, وفي الجلسة التي عقدها مجلس الأمن لمناقشة الطلب جرى حوار حاد بين المندوب السوري ومندوب الولايات المتحدة الأمريكية حول مدى انطباق شروط العضوية على (إسرائيل), فقد أصر المندوب السوري في سياق حملته على أن (إسرائيل) ليست دولة بالمعنى المعروف في القانون الدولي، فحدودها غير محددة، كما أنها ليست محبة للسلام، ولا أدل على ذلك من مسؤوليتها عن مقتل وسيط الأمم المتحدة الكونت برنادوت ، إضافة إلى طابعها العدواني أصلاً, أما المندوب الأمريكي فقد راح يحاول البرهنة على جدارة إسرائيل بالعضوية، ورفض الحجة السورية في وجوب كون الكيان السياسي ذا حدود محددة ومعروفة حتى نعده دولة بموجب قواعد القانون الدولي, وقد تجاهل بذلك ما استقر عليه التعامل الدولي حتى الآن، بما في ذلك تعامل حكومته بالذات التي هي طرف في “معاهدة مونتيفيدو” الموقعة في 26/11/1933، والتي تنص على أنه لكي تعد الدولة شخصا من أشخاص القانون الدولي لا بد أن تتوافر فيها أربعة عناصر ثانيها حيازتها “لإقليم محدد”.
في جلسة 2/12/1948غدا واضحاً أن دولتين فقط في مجلس الأمن ، هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، كانتا متحمستين للتوصية بقبول (إسرائيل) في الأمم المتحدة,أما بقية الدول الأعضاء في المجلس فقد كان رأيها أن قبول (إسرائيل) سابق لأوانه, وقد أحال مجلس الأمن، حسب الأصول المرعية، طلب القبول إلى “لجنة قبول الأعضاء الجدد فيه”, وبعد خمسة أيام أعلنت اللجنة “عدم تمكنها من جمع المعلومات الضرورية التي تخولها اتخاذ قرار البت في المسألة”.
وخروجاً على الإجراءات المعتادة قرر مجلس الأمن التصويت على القبول, لكن المشروع القاضي بذلك فشل في الحصول على الأصوات السبعة المطلوبة فقد صوتت إلى جانبه أمريكا والاتحاد السوفييتي وأوكرانيا والأرجنتين وكولومبيا وعارضته سورية في حين امتنعت بلجيكا وكندا وفرنسا وبريطانيا والصين عن التصويت.
وفي شباط 1949 تقدمت (إسرائيل) بطلب جديد لقبولها عضواً في الأمم المتحدة, وعرض الموضوع على مجلس الأمن في 4/3/1949, وعند إجراء الاقتراع صوت 9 أعضاء إلى جانب قبولها (الأرجنتين، وكندا، والصين، وكوبا، وفرنسا، والنروج، وأوكرانيا، والاتحاد السوفييتي، وأمريكا) في حين عارضت مصر هذا القبول، وامتنعت بريطانيا عن التصويت. وفيما يلي قرار مجلس الأمن رقم 69 (1949) القاضي بالتوصية بقبول (إسرائيل) عضواً:
“إن مجلس الأمن، وقد تلقى طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأمم المتحدة، ونظر فيه، يقرر أن إسرائيل، في رأيه، دولة محبة للسلام وقادرة وعازمة على تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها الميثاق, وبناء على ذلك يوصي الجمعية العامة بقبول إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة”.
وأحيلت توصية مجلس الأمن هذه إلى الجمعية العامة للنظر فيها, وهناك تجددت المناقشات القانونية والسياسية بين المجموعة العربية والأقليمية من الدول الأعضاء التي وقفت معها تعارض قبول (إسرائيل) من جهة، والأغلبية التي كانت بالغة الحماسة لقبول الدولة الصهيونية من جهة أخرى, و تزعمت أمريكا المناقشات وأصرت على تفسير المادة الرابعة من الميثاق تفسيراً سياسياً محضاً يخدم هدفها في إدخال (إسرائيل) إلى الأمم المتحدة بأي ثمن, فقد تقدم لبنان مثلاً باقتراح في الجمعية العامة يدعو إلى إرجاء قبول عضوية (إسرائيل) إلى أن تعلن بوضوح قبولها تدويل القدس* وإعادة أو تعويض اللاجئين, لكن الاقتراح رفض حين حصل 19 صوتاً فقط في حين عارضته 25 دولة, واقترحت تشيلي تعديل مشروع قرار قبول (إسرائيل) بإدخال فقرة شرطية تنص على ما يلي: “إن مجلس الأمن، إذ يشير إلى قرارات 29/10/1947 و11/12/1948 والقرار رقم 194(د-3) بخصوص حقوق اللاجئين، وإذ يحيط علما بأن الإيضاحات والشروط التي قدمها ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة الخاصة بشأن تطبيق القرارات سالفة الذكر,لكن هذا الاقتراح ذاته لقي في البداية معارضة عنيفة من جانب مجموعة من الدول أصرت على وجوب قبول (إسرائيل) في الأمم المتحدة بلا قيد ولا شرط.
وأخيراً، ولكي يضمن أنصار (إسرائيل) الأغلبية اللازمة لإصدار قرار يضمن لها العضوية كيفما كان، وافقوا على الأخذ بالاقتراح التشيلي, وكان أن صدر قرار الجمعية العامة رقم 273 (3) بتاريخ 11/5/1949 ونصه الآتي:
“إن الجمعية العامة،
“وقد تسلمت تقرير مجلس الأمن بشأن طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأمم المتحدة،
“وإذ تلاحظ أن إسرائيل، بحسب تقدير مجلس الأمن، دولة محبة للسلام، وقادرة على تحمل الالتزامات الواردة في الميثاق، وراغبة في ذلك.
“وإذ تلاحظ أن مجلس الأمن قد أوصى الجمعية العامة بقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة،
“وإذ تلاحظ أيضاً تصريح دولة إسرائيل بأنها تقبل، دون تحفظ، الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة منذ اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة،
“وإذ تذكر قراريها الصادرين في 29 تشرين الثاني 1947 وفي 11 كانون الأول 1948، وإذ تأخذ علماً بالتصريحات والإيضاحات التي صدرت عن ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة السياسية الخاصة فيما يتعلق بتطبيق القرارات المذكورة.
“فإن الجمعية العامة،
“عملاً بتأدية وظائفها المنصوص عليها في المادة 4 من الميثاق والقاعدة 125 من قواعد الإجراءات:
“1) تقرر أن إسرائيل دولة محبة للسلام، راضية بالالتزامات الواردة في الميثاق، قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات، وراغبة في ذلك.
“وتقرر أن تقبل إسرائيل في الأمم المتحدة”.
وتجدر الإشارة إلى أن 37 دولة أيدت هذا القرار في حين عارضته 12 دولة (أفغانستان، بورما، مصر، الحبشة، الهند، إيران، العراق، لبنان، باكستان، المملكة العربية السعودية، سورية، اليمن) وامتنعت تسع دول عن التصويت. وهكذا أصبحت (إسرائيل) بدءاً من 11/5/1949 العضو التاسع والخمسين في الأمم المتحدة.
وعلى إثر إعلان نتيجة التصويت تتابع المندوبون العرب واحداً بعد الآخر يعلنون أن قبول المنظمة الدولية (لإسرائيل) عضوا فيها، إضافة إلى أنه عمل غير شرعي وفقاً لأحكام الميثاق، لا يعني ولا يمكن أن يعني بحال من الأحوال اعتراف الدول العربية بها، فالاعتراف كما يعرفه القانون الدولي شيء مستقل تماماً عن الوجود مع الدولة المعنية في المنظمة الدولية. وقد تناقش الفقهاء الغربيون كثيراً حول هذه النظرية وانتهت غالبيتهم إلى الإقرار بأنها سليمة.
ومن الجدير بالذكر أنّ قبول الأعضاء الجدد في الأمم المتحدة كان محل نقاش ونزاع شديدين ترتب عليهما عدم قبول أغلب الدول الراغبة في الانضمام, وبذا تعطلت أحكام المادة الرابعة عملياً لمدة تقرب من تسع سنوات, وعرف ذلك باسم “أزمة العضوية”، وخلاصتها أن قبول العضو الجديد كان يخضع لعوامل سياسية بحتة تتمسك بها كل من الكتلتين المتناهضتين في الأمم المتحدة, فالاتحاد السوفييتي وقف في وجه كل دولة وجدها موالية للغرب مستعيناً على ذلك باستخدام حقه في النقض في مجلس الأمن , في حين وقفت الكتلة الغربية بزعامة أمريكا في وجه كل دولة رأتها مرتبطة بالاتحاد السوفييتي مستعينة على ذلك بالأغلبية التي تمتعت بها داخل مجلس الأمن والجمعية العامة معاً. وقد ظل هذا النزاع قائماً من يوم إنشاء الأمم المتحدة حتى 15/12/1955، إذ تم الاتفاق بين العملاقين على ما عرف “بالصفقة الإجمالية” وبموجبها أزمة العضوية.
في أثناء أزمة العضوية هذه وصل عدد الطلبات التي تعثرت، إما في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة، إلى نحو ثلاثين طلباً لم يقبل منها سوى تسعة طلبات فقط: ثمانية منها لدول ساعدها وضعها السياسي خلال مرحلة إنشاء الأمم المتحدة على الحصول على العضوية، أما الطلب التاسع الذي حظي بالقبول, ولأسباب خاصة وشاذة، فكان طلب الدولة إسرائيل التي كانت من الدول التسع المحظوظة التي وصلت إلى عضوية المنظمة الدولية في فترة عزّت فيها العضوية.
وهكذا فقد اعرب غالبية الدول الذين تحدّثوا في الجلسة الطارئة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21/12/2017 في نيويورك بناء على طلب تركيا واليمن لبحث القرار الأمريكي الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل ابيب الى القدس بموافقة 128 دولة(تشكل 75% من سكان العالم و60% من اقتصاد العالم ) وامتناع 35 دولة (بعضها دول صغيرة)ورفض تسع دول بينها امريكا واسرائيل(سبعة منها صعب تمييزها على الخارطة ) القرار ومع ان القرار غير ملزم إلاّ انه يعني منطقيّا وشرعا إلغاءّ للقرار التعسفي الأمريكي بل وإلغاء للإجراءات الأحادية التي انفردت بإجرائها تهويدا للمدينة المقدّسة ويعتبر تثبيتا للوصاية الهاشميّة الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحيّة في القدس الشريف .
وقد حاولت اسرائيل وامريكا ابتزاز الفلسطينيون اولا والعرب ثانيا والعالم ثالثا حتى ان سفيرة امريكا في الأمم المتحدة هددت الدول الصغيرة والفقيرة والمديونه ان ترامب سيحرم اي دولة تصوِّت بنعم على القرار من حصولها على المساعدات الأمريكيّة وهذا إبتزاز دولي واضح وحقير ولكن الكثير من الدول ضربت عرض الحائط هذا التهديد وصوّتت مع الحق الدولي ولم تبع حقّها بالدولار .
واكثر ما كان مثيرا للإعجاب هو الموقف الأوروبي الموحّد في وجه امريكا والذي يبرهن ان القارّة العجوز ممكن ان تستعيد ألقها وقوّتها إذا مدّت يدها وتحالفت مع دول كبرى كالصين او اليابان وعندها تستطيع فرض موقفها ورأيها في القضايا الدوليّة وتحقيق نتائج افضل تناسب دولها ومصالحهم ومصالح حلفائها وقد يكون العرب من حلفائهم بدلا من امريكا التي مصّت دم العرب وثرواتهم واموالهم لعقود كثيرة .
ومع ان عمر القارة الأمريكيّة وحضارتها لا يمكن قياسه بعراقة الحضارات الإغريقيّة او الرومانيّة او البيزنطيّة في أوروبّا ولكن قد يكون هناك اسبابا موضوعيّة خدم الولايات المتحدة الأمريكيّة لتأخذ الوضع المتقدِّم في العالم فبعد ان كانت احد القطبين اصبحت القطب الأوحد ويبدوا أنّ التاريخ اخذ بالدوران عكسيا ليعود الأوربيّون في الصدارة بعد ان تكشّفت لهم نوايا امريكا المتصهينة والحاقدة على اوروبّا والعالم الإسلامي وها هي تنفث سمومها هنا وهناك.
وانا إذ ابارك للعالم وقفته مع الحق في وجه امريكا الظالمة المتعجرفة في خطوة قد تكون الأهم في مسار تصحيح المنظمة الدولية لخدمة السلام العالمي و تحقيق العدالة والرفاه لفقراء العالم لأتمنى لشعوب العالم سنة ميلاديّة جديدة سعيده واعياد ميلاد مجيدة .

ambanr@hotmail.com










طباعة
  • المشاهدات: 19945
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم