28-12-2017 11:44 AM
بقلم : د. عادل محمد القطاونة
نصت المادة رقم (26) من قانون ضريبة الدخل رقم (34) لسنة (2014) على الآتي: أ. يقدم الاقرار الضريبي الى الدائرة من المكلف شخصياً أو من ينوب عنه بإحدى الوسائل التي توافق الدائرة على اعتمادها وفق الشروط والإجراءات التي يحددها النظام ومنها:
1. البريد المسجل. 2. البنوك التي تعتمدها الدائرة. 3. أي شركة مرخصة للقيام بمهام مشغل البريد العام أو مشغل البريد الخاص يعتمدها مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير. 4. الوسائل الالكترونية.
ب. يعتبر تاريخ تقديم الإقرار الضريبي هو تاريخ تسلمه من الدائرة أو تاريخ ختم البريد أو تاريخ وصل الإيداع لدى البنك أو الشركة المرخصة المعتمدة أيها أسبق، وفي حال إرساله الكترونيا تحدد التعليمات التنفيذية التاريخ المعتمد لتقديمه.
دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، وفي كتابها الأخير الذي ارسلت نسخاً منه لأغلب المؤسسات الوطنية؛ أكدت فيه الى أن تقديم اقرارات ضريبة الدخل والمبيعات سيتم الكترونياً اعتباراً من بداية العام 2018 لجميع فئات المكلفين من الملزمين، سواء أكانوا شركات أو افراداً أم موظفين ومستخدمين، كما وطلبت دائرة ضريبة الدخل والمبيعات تزويدها باسماء جميع الموظفين رباعياً مع ارقامهم الوطنية وارقام هواتفهم والرقم البنكي الدولي (IBAN) لغايات تحويل الرديات الكترونياً، وحذرت من انه لن يتم تسلم اي اقرار او ردية ضريبة دخل يدوياً.
بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، وبين تشريع مكتوب وتسريع مطلوب، وبين مُفوض ضريبي ومفوِض ضريبي، ادارة ضريبية وحاجة وطنية، يتساءل البعض: هل تجاهلت دائرة ضريبة الدخل والمبيعات القانون، أم أن هنالك تعريفاً آخر لتقديم الاقرار الضريبي شخصياً كخيار اول سنداً للمادة القانونية رقم (26) من القانون؟ ولماذا لم تعدل هذه المادة القانونية قبل بداية العام، بعيداً عن رسائل التهديد والوعيد بعدم جواز مراجعة دائرة ضريبة الدخل والمبيعات بداية العام 2018.
بعيداً عن المزايدات والوطنيات، الاتهامات والتصريحات، فقد بلغت نسبة انتشار الانترنت في الاردن 87 % من مجموع السكان حسب آخر البيانات الحكومية، كما وتشير هذه البيانات الى مجموع مشتركي الإنترنت في الأردن بلغ قرابة 8.684 مليون مستخدم حتى نهاية الربع الثالث من العام 2017 بمختلف تقنيات الخدمة المتوفرة بالأردن، منهم 8.380 مليون مستخدم يتصفحون الانترنت عبر الهاتف النقال، كما تشير البيانات على أن عدد اشتراكات الهاتف النقال بلغت 16.764 مليون اشتراك، بمعنى آخر الغالبية العظمى من الاردنيين تملك أكثر من اشتراك خلوي، كما وتعتمد في تعاملها مع شبكة الانترنت على الهاتف النقال؛ وبعيداً عن النواحي القانونية والتنظيمية يتساءل البعض عن مدى قدرة المواطن على ادخال بياناته المالية والمحاسبية باستخدام الهاتف النقال؟ كما يتساءل البعض الآخر عن وجود دراسات لاستخدام الانترنت من قبل مواطني محافظة معان على سبيل المثال، أم ان الدراسات تركزت في عمان؛ ويطرح تساؤل آخر عن مدى قدرة بعض الاشخاص الغير متعلمين على التعامل مع التطبيقات الالكترونية؛ واستكمالاً لذلك يرى البعض على ان العديد من اصحاب المهن الحرة كالنجار والحداد، الميكانيكي والكهربائي، وغيرهم من اصحاب المهن وبعض موظفي البلديات والجمعيات لا يوجد لديهم الثقافة الكافية للتعامل مع اي تطبيق الكتروني حكومي !! في مقابل ذلك وفي دراسة غير رسمية، فقد بلغت نسبة استخدام البطاقات الائتمانية مثل الفيزا والماستر كارد في عمليات الدفع الالكتروني في الاردن 19% حيث بينت هذه الدراسة الى ان المواطن يفضل دفع قيمة مشترياته من الاسواق نقداً، كما انه يفضل دفع ضريبته الشخصية نقداً؛ وهذا سيقودنا الى التساؤل عن مدى قدرة المواطن على الدفع الالكتروني، ومدى قدرة النظام الضريبي على الربط بين امر القبض الالكتروني وامر الدفع الالكتروني، وتحديث البيانات واجراء المصالحات، وتقسيط المستحقات !
أخيراً وليس آخراً، فان الجميع يتفق على اهمية تكنولوجيا المعلومات في حياتنا الحاضرة والمستقبلية، ولكن الجميع يتفق ايضاً على أهمية دراسة اي قرار في هذا الجانب دراسة شاملة، وتعديل التشريعات القانونية لتواكب هذا التطور التكنولوجي، وأن اي قرار ضريبي يجب أن يستند في اصله الى بعد قانوني، بعيداً عن الاجتهادات والانتقادات، كما ان القرار الحكومي بشكل عام والضريبي بشكل خاص يجب ان يأخذ بعين الاعتبار البيئة الاقتصادية والاجتماعية فمعان ليست عمان، والنجار ليس كالطيار؛ ان ادخال تكنولوجيا المعلومات والمناداة بشعار معاملتك حكومية فقط الكترونية، يجب ان يستند الى ارضية خصبة قوامها الثقافة الالكترونية السائدة، العرف السائد، المستوى العلمي والعملي، سهولة النظام، القابلية للتحقق، الملائمة، الاكتمال، القدرة على الوصول الى البيانات، التوقيت والموثوقية في التعامل.