13-01-2018 09:39 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
الكتاب المعنون بـ "نار وغضب داخل بيت ترمب الأبيض" بقلم الكاتب الصحافي مايكل ولف، والذي صدر قبل ايام في امريكا يكشف ما وراء كواليس إدارة تشوبها الفوضى، ويشكك مسؤولوها في أهلية ترمب للرئاسة الأمريكيّة وكانت المرشحة الديموقراطيّة قد حذّرت الشعب الأمريكي أنّه في حال فوز ترمب بالرئاسة لن يكون في صالحهم او لمصلحة امريكا.
والكتاب إكتسح السوق الأمريكي وكان هو الأكثر مبيعا الكترونيا عن طريق الأمازون ولا ندري هل هو بسبب ولع الأ مريكان بقراءة الفضائح والمغامرات لرؤسائهم ام هو خوفهم على مستقبل بلادهم برئاسة هذا المزاجي والذي اعلن علانية بوقوفه الصريح مع المخططات الإسرائيليّة بما فيها من ظلم وغطرسة واكل الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني .
الكتاب أيضا يصف ثلاثة فرق متضاربة بين مساعدي الرئيس يتنافس كل منها للحصول على أذن صافية من ترمب, فهناك مساعده بانون، وهناك مدير موظفيه (السابق) راينس بريبس، ومن ثم ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر, من تفاصيل الكتاب التي حظيت على اهتمام إعلامي هو اقتباس عن مساعد الرئيس السابق ستيف بانون اعتقاده أن الاجتماع الذي قام به ابن المرشح ترمب دون جونيور- ومسؤولون آخرون في الحملة الإنتخابية للرئيس - مع محامية روسية بهدف الحصول على معلومات مسيئة عن هيلاري كلنتون كان بمثابةِ خيانة للبلاد.
والغضب المقصود بالعنوان هل هو غضب الرئيس من الكاتب وممّا ورد في الكتاب ام هو غضب الأمريكان من مواقف رئيسهم التي كانت تنمُّ عن تصريحات وقرارات غريبة وتراجع عن قرارات تهم الشعب الأمريكي مثل قرارات مؤتمر باريس حول التغيُّر المناخي وآثاره وتداعياته وكذلك محاولة التنصُّل من الإلتزام الأمريكي في الإتفاق النووي الذي عُقد بين إيران من جهة وبين الدول الست التي تشمل الدول الخمس الثابتة العضويّة في مجلس الأمن إضافة لألمانيا وذلك تضامنا مع المخططات الإسرائيلية ضد ذلك الإتفاق .
وعلى المستوى الداخلي قام الرئيس بإلغاء مشروع الرعاية الصحيّة (اوباما كير ) الذي فرضه سلفه اوباما لمصلحة الفقراء وبالمقابل اصدر الرئيس قرارا بتخفيض الضريبة عن الأغنياء والمؤسسات الكبيرة كالبنوك والشركات الثريّة .
ويقول المؤلِّف مايكل ولف أن كتابه مبني على أكثر من مائتي مقابلة أجراها مع الرئيس ومع مسؤولين في البيت الأبيض، وإن الكتاب دقيق وأن هناك تسجيلات صوتية للكثير من المقابلات, وقد هاجم ترمب المؤلف ولف وهدد بملاحقة ناشر الكتاب قضائيا, واعلن ترمب انه لم يصرح للكاتب بشيئ ووصفه بالذي ينشر كتبا زائفة ولم يسمح له بالاطلاع على معطيات خاصة في البيت الأبيض، بل رفضه عدة مرات ولم يتحدث معه بخصوص كتابه, وزعم إنه مليء بالكذب والتحريف والمصادر غير الحقيقية, وقد كان لمهاجمة الرئيس للكتاب الأثر العكسي، حيث إنه كان من أفضل الكتب مبيعا في الولايات المتحدة، والكثير من المكتبات لم يعد لديها أي نسخ إضافية منه.
وقد ولد المؤلِّف مايكل وولف عام 1953 بنيوجيرسي /امريكا , ودرس بجامعة كولومبيا في نيويورك .وهو إعلامي أميركي عرف بالعمود الذي يحرره في وسائل إعلام بارزة منها "مجلة نيويورك"، وفانيتي فير، ويو أس أي توداي، لكن شهرته بلغت أوجها بداية هذا العام 2018 عندما أصدر كتابه "نار وغضب" الذي كشف بعضا من أسرار الرئيس دونالد ترمب، وحظي باهتمام محلّيْ وعالمي.
وأثناء دراسته الجامعية، وجد وولف بنيويورك تايمز عملا بسيطا يتمثل في نقل المقالات المطبوعة من قسم لآخر داخل المؤسسة.
ومع مرور الوقت بدأ يكتب، وكانت أول قصة نشرت له بمجلة نيويورك تايمز عام 1974.
غير أنه سرعان ما انتقل للعمل مع صحيفة تسمى "ذو نيو تايمز".
صدر لوولف أول كتاب بعنوان "الأطفال البيض"، وذلك عام 1979. وبعد صدور كتابه الأول، اقتحم وولف عالم الاستثمار والاستشارة في مجال الإعلام، حيث أسس شركة خاصة لإصدار الكتب، وكان من أبرز إنتاجاتها مع بداية تسعينيات القرن الماضي دليل للإنترنت، تلته إصدارات أخرى في نفس المجال لقيت نجاحا.
حاول وولف ورفاقه توسيع مجال عمل الشركة وتنويع المساهمين، وتحقق ذلك لدرجة أن قيمة المؤسسة بلغت أكثر من مئة مليون دولار، لكن سرعان ما تحول الأمر من القمّة الى القاع.
عام 1998، نشر وولف كتابه )بورن ريت( تحدث فيه عن تجربته الاستثمارية، وكيف وصلت إلى سلم المجد، ثم سرعان ما انهارت لأسباب شرحها فيه.
وقد تحاذق الرئيس ترمب على الشعوب العربيّة فزارها وسلب فلوسها ومواقفها باللسان الحلو ويقال بانه كان حلو اللسان قليل الإحسان وجاء هنا ليلعب دور راعي البقر الأمريكي مُطلقا العنان لحركات بهلوانيّة ليحقق هدفه ويأخذ مطلبه وبعد عودته لبيته الأسود بدأ بجرد حساباته التي تمخضت عن شرور العابه بإهدائه القدس حسب إعتقاده هدية للشعب اليهودي في عيد حانوكاه وفوقها قرار نقل سفارته من تل ابيب الى القدس مهد مقدسات المسلمين والمسيحيين ويضرب عرض الحائط مشاعر وديانة اكثر من مليار ونصف مليار مسلم وملايين المسيحيّين في العالم غير آبه للعلاقة الأردنيّة الفلسطينيّة أو للوصاية الهاشميّة على المقدسات المسيحية والإسلاميّة .
وجاء هذا الكتاب لمؤلف امريكي ليكشف الرئيس على حقيقته خاصّة بعد ان استعرض قوّته في الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة حيث عارضه العالم بأسره ولم يقف معه سوى اسرائيل وبعض الجماعات ليس لهم أثر .
صحيح أنّ امريكا اكبر واقوى دولة في العالم ولكنها لكي تُحافظ على قوّتها فيجب ان تكون مع الحق دوما ولكي تكون مع الحق يجب ان يكون لها رئيسا يعرف الحق ويعرف كيف يسير في ركابه ولكن ليس كما يتعامل الرئيس ترمب مع بعض القضايا الدولية مثل القضية الفلسطينية والإيرانية والكورية الشمالية والحدود المكسيكية وغيرها والذي جعل المؤلف ان يتنبّأ بعدم إكمال الرئيس لفترة حكمه كما نشرت صحيفة غارديان افتتاحية أشادت فيها بالكتاب ووصفت رئاسة ترمب بأنها متهوِّرة وغير وقورة، وذكر مقال في الصحيفة أن ما كشفه الكتاب أكّد أسوأ المخاوف من الجمهوريين.
ونشرت تلغراف تعريفا بالمؤلف، وقالت إندبندنت إن ترمب لاذ بغابة كامب ديفيد لكن كتاب وولف ظل يلاحقه، وهناك عناوين أخرى متفرقة عن باكستان وإيران وإسرائيل والطائرة الماليزية التي سقطت قبل سنوات في المحيط ولم يعرف لها أثر.
وقد استنكر العديد من الزعماء والحكومات في العديد من الدول العربية والإسلامية تصريحات ترمب كما ان دول الإتحاد الأوروبي أخذت موقفا مخالفا للرئيس الأمريكي ولم تقبل باي تغيير في وضع مدينة القدس او موضوع نقل السفارات من تل ابيب ولا ترى اي حل لموضوع الشرق الأوسط سوى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينيّة على الأرض المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقيّة .
وهكذا إنقسم العالم الى طرفين طرفه المظلم تختبأ فيه أمريكا وإسرائيل والطرف الآخر يقف فيه بقيّة العالم بانتظار إحقاق الحق بالرغم من تهديدات الولايات المتحدة الأمريكية وآخر دولة إحتلال في العالم إسرائيل .
اللهم احفظ الأردن ارضا وشعبا وجيشا وقيادة من أي شرور واخطار والهمه الصبر والشجاعة لمواجهة كافّة التحديات واحمي القدس والمقدّسات المسيحيّة والإسلاميّة واحفظها عربيّة فلسطينيّة بفضل بركتك يا الله والوصاية الهاشميّة عليها ومرابطة الأهل في ارض الحشد والرباط .
ambanr@hotmail.com