16-01-2018 12:17 PM
بقلم : د.عبدالله عامر البركات
اطلعني احد الاصدقاء على بحث لعالم اقتصاد يُبين فيه كيف ان حسابات الربح والخسارة هي اعتبارات نفسية اكثر منها مادية. ويعطي مثلاً على ذلك استفتاء أجراه سأل به مجموعة كبيرة من الناس السؤال التالي:
هل اذا ذهبت الى السينما واشتريت تذكرة وقبل دخولك اكتشفت ان التذكرة قد ضاعت هل تشتري اخرى ؟ ٥٣٪ من المبحوثين قالوا لا مقابل ٤٧٪. الاستفتاء الثاني كان بسؤالهم لو دخلت الى شباك التذاكر ومعك ١٠٠ دولار ثم اكتشفت عند ذلك انك فقدت خمسين دولار هل تواصل خطتك وتشتري تذكرة. الملفت للانتباه ان ٨٨٪ اجاب بنعم. التفسير واضح. في الحالة الاولى انت قسمت نقودك الى ١- مخصصات سينما ٢- مخصصات اخرى. وعند فقدان مخصصات السينما يلغى الدخول الى السينما اما اذا فقدت نفس المبلغ غير مصنف لهذا النشاط فلن يؤثر على دخولك السينما.
هذا العالم نال جائزة نوبل على هذه النظرية لعام ٢٠١٧. وطبعاً النظرية اكثر تعقيداً والأمثلة التي ضربها اكثر تفصيلاً.
بعد ان تأملت في الموضوع قلت: ان الامر صحيح ليس في المال فقط. بل كذلك في الجهد والوقت
ولِأضرب لكم مثلين :
يحصل كثيراً معنا ان نغادر البيت الى العمل وبعد ان نقطع مسافة عدة عشرات من الامتار نتذكر اننا نسينا الهاتف او المحفظة. طبعاً نعود ويتعكر المزاج شيئاً قليلاً ونعتبر الامر خسارة. بينما اذا لم ننسَ شيئاً وواصلنا الاتجاه الى العمل وعند احدى التقاطعات وجدنا لافتة إرشادية بوجود تحويلة بطول كيلومتر واحد فإننا لا نستاء بقدر استيائنا من العودة للبيت في المثال السابق.
ومثال اخر من الجهد المبذول. فلو ان مديرك طلب اليك القيام بنسخ تقرير من خمس صفحات يدوياً ففعلت وسلمته الى الادارة فشكرك المدير على جهدك وعدت الى البيت راضياً عن نفسك. ولنفرض الان ان المدير في اليوم التالي قال لك : هل تعلم انه بعدما غادرت بالامس تم تصليح آلة التصوير وقمنا بتصوير النسخ المطلوبة وتم اتلاف النسخ اليدوية. لا شك انك ستشعر بالاستياء.
اذن المهم ليس كمية المال او الجهد او الوقت الضائع بل كيف تصنفه. نحزن اذا كان يمكن تجنب الهدر ولم نفعل. ولا نحزن اذا كان لا بد من الفقد. هنا يتبين اهمية الايمان بالقضاء والقدر والرضا به وعدم اعتباره خسارة كان يمكن تجنبها. فلا تقل لو فعلت كذا لكان كذا تحسراً بل قلها ان شئت استخلاصاً للعبر......