16-01-2018 12:29 PM
بقلم : د. عادل محمد القطاونة
لطالما كانت السياسات الضريبية تصاغ اهدافها بشكل عام بما يتوافق مع الاصلاحات الاقتصادية، فكما هو معلوم فإن تغيير الخطوط المرسومة للسياسات الاقتصادية يؤثر بشكل كبير في آليات الاصلاحات المالية والضريبية على وجه الخصوص.
بناء على ذلك، عادة ما يستجيب النظام الضريبي للمتغيرات والإصلاحات الاقتصادية؛ وتكون للدولة الإمكانيات الكافية لمراجعة هيكل النظام الضريبي القائم، وما يتضمنه ذلك من تحليل عميق للدخول الخاضعة للضريبة، الدخول المعفاة من الضريبة، المعدلات الضريبية، الاعفاءات الشخصية والعائلية، الاقتطاع الضريبي من المصدر، الضريبة المقطوعة، الغرامات والعقوبات، الالتزام والوعي الضريبي، الثقافة الضريبية وغيرها من الأمور ذات الصلة بالنظام الضريبي.
ان إدارة الملف الضريبي تعتبر من الامور ذات الأهمية القصوى لاقتصاد اي دولة من الدول، فالضرائب تلعب دوراً هاماً في اعادة توزيع الدخول بشكل رئيسي، من خلال تأثيرها في الدخول النقدية والدخول الحقيقية؛ ويمكن ان تكون مساهمة الضرائب في اعادة التوزيع عن طريق رفع اسعار بعض السلع والخدمات بإضافة الضرائب اليها، او من خلال رفع معدل الضريبة عليها؛ تغير الطلب على سلع الاستهلاك، وما يترتب على ذلك من تأثير في الأسعار وهو ما يعني التأثير في الدخول الحقيقية؛ التأثير في مستوى التشغيل والانتاج، ومن ثم في عوائد عناصر الانتاج، وهذا ما يعرف (بأثر الانتاج الكنزي) الذي يمثل الأثر غير المباشر للضرائب في توزيع الدخل القومي.
ان تحقيق التوازن بين خصوصية الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأي دولة، وطبيعة التكوين الضريبي ينبثق عن سياسة وانظمة ضريبية دقيقة قادرة على تحقيق التفاعل مع كافة مراحل التطور وتوفير متطلبات النمو وعناصره الأساسية، ولا سيما عنصر رأس المال الثابت والذي يشمل المواد التي لا تتغير ولا تدخل في التبادل التجاري او الاستهلاك ضمن دورات الانتاج، مثل الارض، البناء، المنشآت، المعدات، الطاقة؛ أو عنصر رأس المال المتحرك والذي يشمل المواد والسلع التي تدخل في الانتاج، ولها قيمة مباشرة في قيمة السلعة أو الخدمة المنتجة، مثل المواد الخام والايدي العاملة؛ حيث يلعب رأس المال دوراً حيوياً في عملية التنمية الاقتصادية، ويساعد على تقليص الفجوة بين الادخار والاستثمارات وتعمل على تعبئة الموارد المالية لتمويل الاستثمارات المنتجة.
ان كفاءة وفاعلية الأنظمة والسياسات الضريبية في تحقيق الاصلاح الاقتصادي تبرز من خلال دور النظام في درء الانحرافات والتقلبات التي تنتاب حركة النشاط الاقتصادي، والعمل للوصول لمعادلات اقتصادية وضريبية قادرة على تحقيق التوازن بين معدلات النمو والتضخم، التحصيلات، المعدلات والاعفاءات الضريبية.
ان تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، والوصول لحالة من الابتكار والاحتراف في الاصلاح الضريبي، لا يكون إلا من خلال نظام ضريبي واعد قادر على تحقيق المعدلات الضريبية التصاعدية الذكية، الاعفاءات الضريبية المركبة، الاقتطاعات الضريبية الممنهجة، العقوبات والغرامات الضريبية المتوازنة.
من خلال سياسات ضريبية قادرة على توسيع القاعدة الضريبية الابداعية، تمكين الموظف الضريبي فنياً وتكنولوجياً، ادارة الوقت والجهد الضريبي تكنولوجياً وعلمياً، وتعزيز الثقة ما بين المواطن الدافع للضريبة ومؤسسات الدولة، وصولاً لتحصيلات ضريبية أكثر ازدهاراً، بيئة استثمارية أكثر استقراراً، مواطن وموظف أكثر اجتهاداً.