حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,21 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 13955

هلا بالخميس

هلا بالخميس

هلا بالخميس

18-01-2018 09:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالهادي يوسف شنيكات
لا تضحك من العنوان أو تبتسم ! ، فهو لم يأت بسهولة ، فلقد تمكّنت من الوقوع عليه بعد جهدٍ كبير وتفكير طويل ، وجدت فيه الأنسب والأخفّ على الأذهان لبثّ رسالتي ، لكنّي بالطّبع لست واثقًا من التزام القارئ بما نهيت عنه ...ومع كلّ هذا فلا بأس...
- بالأمس كنت أنتظر في طابور طويل لشراء الخبز ، وكما تعلمون فأنّ الأخبار التي تتحدث عن تساقط للثلوج محتمل خلال اليومين القادمين، أفزعت النّاس كالعادة ، وأنا لست من هؤلاء ، برغم تلك النظرات و التمتمة البعيدة التي شعرت حين خرجت مع كمية من الخبز تكفي ليومين أو ثلاثة، اعتدت شراءها كلّما وجدت نفسي هنا في هذا السّوق ، ولأسباب أخرى لا تتعلق بالحالة الجوية بكلّ أمانة ...أثناء وقوفي في ذلك الطابور ، تململ الشّخص الذي يقف خلفي ، متذمّرًا من الأزمة على شراء الخبز ، ثم أردف يقول؛ لقد رفعوا كلّ شيء حتى السجائر ، ثم ردّ عليه الذي يقف بعده ؛ فليرفعوه ! ، وما أوضحه الأخير لاحقا من اعتراضه هذا؛ أن تدخين السجائر عادة سيئة وسلبيّة من كلّ الجوانب من هنا فرفع سعرها ليس فيه شيء، بل أنّه - من وجهة نظره - عين الصّواب ، المهم ، دار حديث مستمر بين ثلاثتنا لم نشعر خلاله بطول الطابور، ثم غادرت بعد أن توصلنا- بخصوص موضوع رفع الأسعار - إلى رأيٍّ مبنيِّ على هذه الجملة؛ لعلّه خير..
- حدثني يومًا أحدهم يقول: كنت في دورة خاصّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة ، وكان المشتركون معنا بالدورة ضباطًا من مختلف جنسيات العالم ، وكان معنا ضابط من الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ، برتبة نقيب ، وكنّا خلال دقائق الاستراحة بين الحصص نتبادل أطراف الحديث ، ومرةً كنت واقفًا أحتسي القهوة برفقة ذاك النقيب الأمريكي ، فلقد كان ودودا وبسيطا ، الذي شجعني أنْ أنقل له تذمّري من جلافة وعجرفة أحد المدربين ، وهو كذلك ضابط أمريكيّ برتبة مقدّم ، فما أنْ سمع كلامي حتى ضحك طويلا ثم خاطبني : لا لا ، أنت مخطئ، فهو شخص طيّب جدًا ،ويفوق لطفه ما قد تتخيّل، فقلت له : وكيف ذاك ؟ فقال : أنا أعرفه جيدًا ،إنّه صديقي منذ أن كنّا معا في الكليّة العسكرية ، كنتما معًا ؟ ، نعم ولقد تخرجنا سويّة ، لكنّك الآن برتبة نقيب وهو مقدّم ، أيّ أعلى منك رتبة وفارق يُذكر بينكما، ، ابتسم مرة أخرى ثمّ أقترب مني ليهمس في أذني: نعم صحيح ولكي أكون صريحا معك ، لطالما استحق زميلي تلك التوصيات التي تؤهله لذلك، ضابط مثالي ، متفان في عمله ، ذكيّ ومثابر وحريص على تطوير نفسه ، أمّا أنا ، فعندي من الخمول وعدم الاهتمام ما يمنعان عنّي تلك التوصيات، الحقّ أقول أنّه يستحق.
- يذهب لتمضية السّهرة عند أخيه ، لكن الليلة غير عن كلّ ليلة ، فهو يحضر ابنه معه و بجعبته كذلك خبر سار للعائلة ، ثم بعد أنْ سُرٍدت بعض القصص القديمة الجميلة ، التفت إلى أخيه قائلا : أبشّرك ، أريد أن أخطب لهذا الولد ، ويشير إلى ابنه ، ونريد رأيك ونصحك في هذا النّسب، ثم لترافقنا إن حصل الإجماع، امتلأ وجه أخيه بالسعادة ، ثم تابع : مبارك إن شاء الله ، ولكن قل لي من تلك، صاحبة الحظ السعيد؟ ، قال الأب : هي فلانة بنت فلان ، من ؟ ، أقول لك : هي فلانة بنت فلان ، ثم ساد الوجوم وجه أخيه ، وخيّم -لبرهة - بعض الصمت على الجلسة ، ثم قال : لا أعرف كيف أخبرك بهذا يا أخي العزيز ، إنّه بالفعل أمرٌ محرج لنا جميعا ، لقد قمت منذ يومين بطلب هذه الفتاة التي تتحدث بشأنها، لأبني الكبير و لقد كنت عازما على إعلامك بهذا بأقرب وقت ، وقد تم القبول المبدئي بيننا ، يا ربّ عفوك ، ما هذا الحظ ، شيء محيّر ومربك ، لا أعلم كيف أعتذر منك ؟...ذهل أخيه لسماع هذا الخبر ، ثم بدت عليه آثار الانزعاج و الغضب ؛ مبارك لكم كلّ ما تفوّه به ، ثم خرج دون أنْ يلتفت وراءه ، أسرع ابنه باللحاق به ، لا تنزعج يا أبي ، هذا أمر الله ونصيب ، أعلم ذلك ومن قال أيها المغفّل أنّي منزعج من هذا ؛ ما أثار حنقي أني كنت مهتما بالوقوف على رأي أخي حين جئته طالبا المشورة والنّصح ، لكنّه لم يفعل ذلك معي ....
-على التوالي يدخل إلى تلك المناسبة اثنان ، الأوّل "يحمل" شهادة الدكتوراه ، والأخر عامل في أحد المحلات ، يأخذ الدكتور نصيبه وزيادة من طقوس الاستقبال، ويجلس الضيف الثاني على كرسيه بالقليل القليل من الحفاوة ....
- أما الآتي فهو مما استطاعوا تذكره فيما حدث النّاس به في نهاية إحدى خطبه الأسبوعيّة : "نعم هي عقدة النّقص ، رائحة التأخّر عن الرّكب" تلك التي تفوح من بقايا أمم في الأرجاء ، وما يثير الاشمئزاز تلك الأحاديث الباردة التي تنبئ بحالة الهستيريا التي أصابت هذه الأجيال ، والتي من المؤكّد أنّها ستعبر بقوّة إلى أجيال قادمة ، من يُفرِط في الكلام عن المعجزات والعلامات ، من يخلط بخبث فهم الِعْلم في الرسالات ويتواطأ في المعاملات ، ومن يضع بكل سفاهة نفاياته الفكرية في دروب السّاعين إلى السمو ، هؤلاء هم أكذب المتحدثين عن الدّين و ألعن من سكن الدّيار ... وفي الوقت الذي نخشى فيه ذكر كلّ الحقيقة في مذكراتنا ، و نهرب من مواجهة التناقض الذي يجتاح سلوكنا ،لن يكون بمقدور أنهار من المفردات أنْ تروي الجفاف العظيم الذي أصاب الغايات...قلة من تؤنبهم ضمائرهم بعد تقديم الشهادة ، التوبة العظيمة، تلك التي لا تأبه بالحسابات الأرضية، التي لم يعد يعنيها في الكون إلا كلمة الحق، أمّا من حضر لانّ غيره حضر فسيعود فارغا كما ولدته أمّه . يا قوم احذروا من الخطب الوطنيّة التي تبدأ بالحريّة وتنتهي بالخميس..
- ويخبره التقويم المعلٌق أمامه أنّ اليوم ليس الخميس ، ولكنّه متفائل جدّا أنْ يكون هناك خطأ ما في التقويم ...

shnaikatt@yahoo.com








طباعة
  • المشاهدات: 13955
برأيك.. هل تسعى "إسرائيل" لتقسيم سوريا إلى كانتونات بحجة ضمان أمنها من تهديدات الفصائل المسلحة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم