بقلم :
كان أطفال الحارات يصنعون المقاليع التي يقذف بها الحجارة والتي تصنع من الصوف بجدلها كظفيرة البنات وتتكون من جديلتين تصل بينهما قطعة من القماش المقوة يوضع بها الحجر ويتم استعمالها بتلويحها باليد ثم ترك إحدى الجديلتين فينطلق الحجر لمسافة بعيدة جدا وهو نفس السلاح الذي يستعمله الطفل الفلسطيني في انتفاضته المستمرة. كان يستخدمها أطفال الحارات في حروبهم اليومية حيث كان لكل حارة جيشها من الأطفال. تلك الحروب كانت تجري في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، لكنها وعلى ما أظن عادت من جديد.
فقد استيقظنا صباحا على أخي يجهز نفسه وقد سبل شعره ولمعه بالجل رخيص الثمن وهم بالخروج فاستوقفته أمي وسألته عن سبب خروجه وكأنه إرهابي بدلا من تجهيز نفسه لعمله بالحسبة كعتال فاخبرها انه ذاهب إلى الجامعة.
اصفر وجه امي وغضبت غضبا شديدا ودعت عليه بالموت تحت عجلات بكم بالحسبة على (هل السولافة البايخة).واخبرها عن المشاجرة بالجامعة والتي يشارك فيها طلاب من حارتنا ويريد مساندتهم دفاعا عن أولاد وبنات الحارة . لطمت أمي وجهها وشقت ثوبها وبكت وقالت الجامعة للدراسة وليس للإرهاب روح أترزق وانتبه لعملك.
خرج أخي يحمل بيده عصا غرس فيها عددا كبيرا من الدبابيس وتزنر بحزام من الجنزير المصدي كان يستعمله لجر العربة، لفه حول خصره وملأ جيوبه بالحجارة وادخل بجواربه شنكل( نقيفة) لقذف الحجارة الصغيرة من بعيد وهي مخصصة للرؤوس والعيون ووضع حول عنقه المقليعة ذات الجديلتين من الصوف. حمل أخي أسلحته وركب الباص وتوجه إلى الجامعة ليكون على موعد للمشاركة بالمعركة الجامعية التي يشارك فيها أولاد حارته، وعند بوابة الجامعة امسك به الحرس وتم تحويله إلى المحافظ لتبدأ أمي رحلة التوسط وبوس اللحى والترجي وتوسيط النواب والمخاتير.
ترى أهذا حال جامعاتنا هذه الأيام أم ماذا؟ لا ينقصها إلا حرق إطار جرافة تالف يتصاعد منه الدخان ورش البصل على المتشاجرين.
royaalbassam@yahoo.com