27-01-2018 08:35 AM
بقلم : د. رياض خليف الشديفات
من مسلمات الحياة الإنسانية تفاوت الناس في مستويات دخلهم وحياتهم ، ولا تخلو المجتمعات البشرية من الطبقات الاجتماعية بحسب مستوى الدخل ، فتجد الطبقات الغنية ذات الدخل المرتفع ، وتجد الطبقات الفقيرة ذات الدخل المحدود الذي لا يفي بمتطلبات حياتهم الأساسية ، وتجد لدى بعض المجتمعات الطبقات الوسطى ذات الدخل المتوسط الذي يمكنها من الوفاء بالمتطلبات الأساسية للحياة دون رفاهية توصلها إلى درجة مجاراة الطبقة الغنية ، ولا تصل ببؤسها إلى مستوى الطبقة الفقيرة .
وتتعايش الطبقات في غالب المجتمعات البشرية بروابط العيش المشترك وعلاقات الوئام والسلام بعيدا عن منطق التنافر والخصومة ، فالضريبة تؤخذ من الاغنياء لترد إلى الفقراء خدمات وبنية تحتية ومساعدات وهبات نقدية وعينات ، فالغني يوم بواجبه نحو مجتمعه بما يقدمه من تنمية واستثمارات وضرائب تصب في تنمية المجتمع وخدمته ، والفقير يشعر بالأمن والانتماء والإنسانية لمجتمع تسوده روابط التماسك والتعاون والحس الإنساني بين أفراده وطبقاته .
وتكمن الإشكالية في بلادنا أن الطبقة الوسطى تآكلت بفعل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة وكثرة أعباء ومتطلبات ومسؤوليات الحياة وتآكل الدخول بصورة جعلت هذه الطبقة تختفي لتصبح جزءاً من الطبقة الفقيرة ، وهذه الحالة نادرة في المجتمعات الإنسانية التي تسعى لتقليل الفجوات بين طبقات مجتمعها ، كما أن الإشكالية الأخرى تكمن أن الطبقات الغنية زادت غنى وصل عند بعض أفرادها إلى درجة البطر يدل عليها السلوكيات الصادرة من بعض المنتمين إليها ، والتي لا تقيم وزنا لمعاناة الفقراء ومشاعرهم .
والحال هذا يشبه تماما حال البطران الذي يفكر بمظاهره ورحلاته وقصوره وأرقام سياراته ، وحال الطفران الجائع الذي يفكر فقط برغيف الخبز ، وقد قالت العرب :" فت الشبعان على الجيعان فت بطيء " وشتان بين تفكير البطران وتفكير الطفران !! .