30-01-2018 10:11 AM
بقلم : هيام الكناني
تختلف الطاقات والاستعدادت لدى الانسان بأختلاف الأشخاص ؛ وهذه بمثابة المؤهلات التكوينية والفطرية لحركة الانسان في وجوده الحقيقي ؛ و منح هذه المزايا للانسان يُعد بمثابة نوع من التكريم التكويني الالهي له. وهو ما أشير إليه في القرآن الكريم((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)الاية 70 من سورة الاسراء
لكن تسخير هذه القدرات والمؤهلات رهين بقدرة الانسان وأرادته على توجيه حركة حياته ؛ ممكن أن يسخرها الانسان في طريق تكامله الحقيقي ليطوي هذا الطريق وينال السعادة الابدية؛ ويمكن أن يُسيء أستغلال طاقاته وقدراته بما ينتهي به الى الأنحطاط والتدني الى درجة يغدو فيها اضل من البهيمية فيخسر اخرته ؛ ولعل أجمل وصف يحث على كيفية تدرج الانسان نحو الكمالات ما أقتبسته لكم أعزتي من البحث الأخلاقي (السير في طريق التكامل) للمحقق الصرخي الحسني والذي جاء فيه (الإنسان الذي يريد أن يسير في طريق الكمال الروحي والأخلاقي وتربية النفس، عليه أن يجعل لنفسه مستويات متدرجة للرقيّ حتى الوصول إلى الغاية القصوى والهدف الأسمى؛ لأن عدم التدرج والاقتصار على الغاية القصوى غالبًا ما يؤدي إلى الإحساس بالتعب والشعور باليأس والعجز عن السير والتكامل، ولعلاج هذه الحالة المَرَضيّة عليه أن يتخذ لنفسه عدة مستويات وغايات يسعى ويعمل للوصول إلى المستوى الأول القريب وحينما يصل إليه يشحذ همّتهويضاعف جهده وسعيه للوصول إلى المستوى الثاني وهكذا حتى الوصول إلى المستوى الأعلى النهائي، فالإنسان العاصي الفاسق إذا عجز عن الوصول إلى مستوى العدالة والتكامل المعنوي والأخلاقي، فلا يترك طريق الحقّ ويرضخ وينقاد لخطّ الباطل والرذيلة؛ بل عليه أن يضع لنفسه مستويات متعددة من الرقيّ، فمثلًا في المستوى الأول عليه أن يهتمّ ويسعى للتعوّد علی ترك الكبائر فيعمل في سبيل تنمية وتصفية خاطره في سبيل الترقي والوصول إلى مستوی يمتنع فيه عن الكبائر، وبعد ذلك يضاعف جهده وسعيه للوصول إلى المستوى الثاني...وهكذا)
نعم هكذا فالنفس الانسانية توَّاقةٌ نحو الدَّعَةِ ، و ساعيةٌ إلى الخمول و السُّكون ، فإذا ما أراد صاحبها أن يُبدع في صياغة صناعتها عليه بالتدرج ونقلها من مواطن الركود والدعة الى مشارف العلو والرفعة شيئاً فــشيئاً.