30-01-2018 10:13 AM
بقلم : د. عادل محمد القطاونة
في صباح كل يوم، يتوجه الملايين الى اماكن عملهم؛ وبين مجمع للباصات وموقف للحافلات؛ وما بين باصات لوسط عمان وأخرى لخارج عمان؛ وسيارة أجرة للنقل العام وسيارة اجرة للنقل الخاص؛ وما بين ساكنٍ في معان وآخر في عمان؛ يتأوه بعض المواطنين من واقع معيشي دقيق وتفكير يومي عميق؛ وبين ايجابي وسلبي؛ متفائل ومتشائم؛ عامل وعاطل؛ يتساءل البعض عن حقيقة رؤية الحكومة للواقع المعيشي لجميع ابناء الوطن ! ويتساءل البعض الآخر عن صاحب الجرأة والحكمة في كل ما يجري اقتصادياً! جرأة الحكومة أم حكمة المواطن؟ حكمة الحكومة أم جرأة المواطن ؟
الحكومة ترى المواطن في افضل حالاته، والمواطن يرى في الحكومة اصعب أيامه؛ الحكومة ترى أنها في الاتجاه الصحيح اقتصادياً، والمواطن يرى في تأمين قوت يومه حلماً واقعياً، الحكومة ترى في النظام التعليمي مطلباً وطنيا،ً والمواطن يرى فيه إلتزاماً أساسياً؛ الحكومة تنادي بالإصلاحات الاقتصادية والمواطن ينادي بالأساسيات المعيشية، الحكومة تتحدث عن زيادة في المديونية والمواطن يتحدث عن اسباب المحسوبية؛ الحكومة تبحث عن اصلاح ضريبي والمواطن يبحث عن استقرار وظيفي؛ الحكومة تصدر القرارات والمواطن يتحمل التبعات!
ألم تدرك الحكومات المتتالية حتى الآن على أن الاصلاح المطلوب يبدأ من المواطن وينتهي عند المواطن؛ عبر بناء جسور من الثقة من خلال جملة من القرارات الجريئة المتزنة التي تخدم الاقتصاد وتخمد الفساد وتنصف ابناء البلاد؛ وأن التشريعات والتعليمات، المؤتمرات والتصريحات وحتى المزايدات والتناقضات لم يكن من نتائجها الا تعاظم الفجوة ما بين الحكومة والمواطن؛ وأن المواطن يشعر غالباً بانعدام العدالة والمساواة؛ ضعف الاستقرار وعدم المبالاة؛ وأن حكمة المواطن في التعامل مع قضايا وطنه كانت سبباً في استقرار المملكة.
دائرة الإحصاءات العامة أعلنت أن البطالة قفزت إلى 18.5% خلال الربع الثالث من 2017، بينما لم تصدر بعد نتائج العام بأكمله؛ كما توقع خبراء اقتصاد ارتفاع نسبة الفقر في ظل ارتفاع الضغوط المعيشية الى حوالي 20؛ وسجلت محافظة معان النسبة الأعلى فقراً في المملكة وقد بلغت نسبة جيوب الفقر في وادي عربة 71% ؛ واستناداً الى التوزيع الجغرافي للمناطق الأشد فقراً فقد جاءت معان والمفرق في المقدمة تلاها الكرك وعجلون والعقبة، ومن ثم اربد والبلقاء فالطفيلة والزرقاء.
إن وطناً بحجم الاردن وامكانياته، ابناءه وبناته، مميزاته وتحدياته، يستوجب من الجميع العمل بروح الفريق الواحد فالحكومة والمواطن شريكان في استثمار واحد هو الوطن؛ وأن أي اجتهادات او انتقادات يجب ان لا تخرج عن بعدها الوطني؛ وان تكون الحكومة أكثر قرباً من نبض الشارع الاردني؛ وان يعمل أعضاء الفريق الحكومي بشكل أكثر حرفية وجرأة، صرامة وقوة ضمن اطار واضح وقرار ناجح؛ وان يكون الميدان هو مكان العمل؛ لنجعل من قريقرة والعمقة، البربيطة والعدنانية، المزار وحرثا وغيرها من ارجاء الوطن باحات للإنتاج والعمل، عبر قرارات جريئة وحكيمة تجعل من المواطن شريكاً في العمل؛ لا مسكيناً بلا أمل.