11-02-2018 02:23 PM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
من عشرة سنوات تقريباً وتحديداً عندما تعرض الاقتصاد العالمي بشكل عام والاردني بشكل خاص لهزات عنيفة اصابت عصب الحياة الاقتصادية في دُوله ، شُل كثير من مؤسسات القطاع العام والخاص وبدت وكأنها عاجزة عن الصمود امام هذا الواقع الصعب .
قطاع المقاولات وهو القطاع الأهم في عملية التنمية الاقتصادية والدولاب الرئيس في عجلة البناء كان من اكثر المؤسسات تأثراً ، فبدأنا نلحظ انحدار مؤشر النمو في هذا القطاع بسبب تخوف اصحاب رأس المال من آثار الأزمة وهبوط القيمة الشرائية للعملات ، بالاضافة الى توقف الكثير من الدول المانحة والداعمة للمملكة او تقليص حجم المساعدات السنوية ، يُضاف الى ذلك الوضع السياسي غير المألوف في منطقتنا ، كل هذه الظروف أدت الى تراجع كبير في حجم المشاريع التنموية الكبيرة ، وتسبب في ركود قطاع الإنشاءات والعقارات والاسكان الشئ الذي كان له الأثر السلبي الكبير على المقاول الأردني وعلى جميع العاملين في القطاع من مهندسين وفنيين وتجار وموردين ولا اكون مبالغا اذا قلت انّ كل الأسر الاردنية لحق بها الضرر نتيجة توقف المقاول الاردني عن العمل .
اعتقدنا ان الأزمة ستكون عابرة سنة او سنتين ثم تزول آثارها ، لكن الوضع بدأ يزداد سؤاً يوماً عن يوم وبدأ الكثير من المقاولين يغادرون الساحة بسبب شُح المشاريع ، ومع ازدياد المديونية العامة للدولة وارتفاع نسبة العجز ولجؤ الدولة الى حلول اقرب ما تكون الى اقتطاع اجزاء من جسدها ما فاقم من شدة مرض الاقتصاد " كما كان يصفه بعض رؤساء الوزارات " بحيث لم تعُد تجدي به غرف الانعاش نفعاً لنعلنه ميتاً سريرياً ، ولإنقاضه يائسة بدأت الدولة تبحث عن مخلفات المنح لترقع الثوب الخرق الذي تمزِّق من كثر ما عبثت فيه لعجزها او تعاجزها عن وضع السياسات التقشفية لتخفيف وطأت اثر الأزمة على البلاد والعباد فلجأت الى المواطنين لتصفية حساباتهم المعيشية التي لا تتجاوز في أحسنها الراتب المنقوص .
قطاع المقاولات اليد المحركة للاقتصاد بدى عاجزاً عن الحركة وبدأ الشلل يتسرب من أطراف الاصابع الى الكتف حتى اصبح غير قادر على الحركة تماماً ، فكيف لِيَد في جسد ميت ان تتحرك .
هذه المقدمة الطويلة أسوقها لأتحدث بإيجاز عن استحقاق دوري للنقابة وهو انتخاب مجلس اداري جديد يقود المسيرة لثلاث سنوات قادمة .
حقيقة إن اي ادارة للنقابة بغض النظر عن نقيبها ضعيفاً كان ام قوياً فإنها ستوجه تحديات كبيرة اذا ما أردنا ان نعيد الحركة في الجزء المشلول من الجسد الميت واعتقد ان اعادة الروح للجسد تتطلب عمليات اصلاحية عميقة وجريئة تستلزم استئصال الكثير من الاورام السراطانية وبتر الاطراف التي اصابها الورم وزرع اطراف جديدة خالية من الأفكار الشيطانية المصلحية ، اطراف تنبض بحب الوطن وابن الوطن .
من هنا اتوجه لأخوتي المقاولين ان نبتعد عن المنافسة الرامية لتحقيق مكاسب خاصة ، فالمريض ليس منه الا العدوى ونقل المرض ، من هنا لا بد ان يكون الطبيب ماهراً قادرا وعاقداً العزم على اعادة الحركة للجسد ، وفي حالتنا لا يتحقق ذلك الا من خلال التشاركية الحقيقية مع القطاع العام من خلال برامج واضحة مدروسة لإيجاد فرص لمشاريع تنموية كبيرة يقوم بها القطاع الخاص بالمشاركة مع قطاع الحكومة من خلال تمويلات بنكية تدير حركة الأموال المكدسة في البنوك لتثبيت الروح التي تتفلت للخروج من الجسد بسبب انقطاع الوريد المغذي لها ، وهذا يتطلب مجلس يتمتع بديناميكية الحركة يحمل بين يديه "وفي قلبه الوطن " برنامجاً اصلاحياً قوياً يُؤْمِن به ، قابل للتطبيق وقادر على إقناع الاخرين بما فيه .
الأمور صعبة وصعبة جداً لكن بعزيمة ابناء الوطن القوية نستطيع ان نساهم في لملمة الجراح لتعود الحياة لأقرب ما كانت عليه، نحتاج لأمانة الرجال التي اصبحنا نتوق لان نلمسها في عملنا ونحتاج الى الصدق في الانتماء لهذا الوطن الذي كان وسيبقى عزيزاً قوياً لا يقبل المساومة ولا يقبل الموت ضعيفاً .
المهندس وصفي عبيدات
مقاول درجة اولى في نقابة المقاولين