حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11458

جداريات على حيطان القلب

جداريات على حيطان القلب

جداريات على حيطان القلب

17-02-2018 10:58 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سعيد ذياب سليم
المدينة كائن حي، تتنفس ، تتحرك ، تضجر، تحمل لنا طرقاتها ذكرى، ونحمل لها في القلب ذكريات ، دارت أعيننا في فضاءاتها، توقفت عند مفرداتها ، شاهدنا فيها وسط الفوضى ، بعض جداريات ومنحوتات حجرية موزعة في أرجائها، تختفي كالأسرار في أزقتها، محاولات تكاد تلبي عطشنا الفني.
طرقاتها تحدثنا عبر قناتي السمع و البصر ، نرى فيها لوحات جميلة ، نطالعها كصفحات الكتب، إذا تراءت لنا لوحة جدارية، داعبت أفكارنا، و أخرجتنا من مأزق اللحظة، فهذا طير حمام، ينطلق بين كلمتي المحبة والسلام، يخرجنا من كآبة الواقع إلى سعة الحلم، وذلك قلب يتدلى من غصن شجرة ، يذكرنا بالحب و التسامح، زخارف نباتية، وجوه ، دراويش في وصلة روحية يرقصون و يدور معهم الكون ، كيانات هندسية ، خطوط و ألوان بسيطة، رموز و معان تحرك في القلب المشاعر وتهذب النفس.
لوحات إعلانية تستولي على الصورة، تغري الناظر بالتجربة، وتغزو المخيلة، لتسجل في ثنايا العقل الباطن ، في قائمة المشتريات، مذاق وملمس وسلعة قد لا نكون بحاجتها، إلا أن اللغة الفنية التي استخدمتها اللوحة تعمل فينا عمل السحر.
أحد المعايير التي تقاس بها حضارة الشعوب ابداعاتها الفنية، و تذوقها للجمال وتفاعلها معه ، فقبل أن يلفظ الانسان الأول كلمة "شجرة" رسمها ، وعندما أراد أن يعبّر عن البطولة ، بالغ في رسم حجم الأشخاص و الحيوانات، ثم اكتشف دلالة الألوان ، فالأزرق ارتبط بالسحر والسماء، والأحمر )لون الدم والنار) ارتبط بالحياة والحب والقوة ، ثم تباينت السمات الفنية مع تطور الحضارة الإنسانية .
تطورت ذائقة الانسان الفنية مع الزمن، بدأت مع استخدامه الأصداف كحلي ، و ريش الطيور للزينة، واضعا أقنعة غريبة في الطقوس و الشعائر الدينية ، أمام جداريات .. آشورية و أسود مجنحة، أسرار فرعونية ، تماثيل يونانية، أساطير وآلهة و حروب، زخارف اسلامية ، حكايات لا تنتهي للفن ، بين الانطباعية و الواقعية و السريالية.
فأين نحن من ذلك ؟ وقد اكتمل الوعي الإنساني ، و هل الفن من ضروريات الحياة أم من مكملاتها الزائدة عن الحاجة؟
في مدينتنا مساحات غير مستغلة، جدران خالية ، يمكن أن تستوعب لوحات ، تثير الخيال، أسوة بمدن العالم شرقا و غربا ، التي تمتلك ملامحها الخاصة، مدن الشطآن احتفلت بالبحر، و السفن و النوارس، في جداريات صبغت حيطان المدينة، زوارق و مراس و دلافين، تنتشر في الأزقة و الساحات، و مدن الصحراء تغنت بدلال القهوة و القوافل ورائحة التوابل، جداريات و تماثيل، في الساحات العامة و تقاطعات الطرق.
الجداريات فن الشارع، يجعل من المدينة معرض فني مفتوح للعامة، يثير التساؤلات في أذهان المارة، و يزرع علامات استفهام حول تأثير الحضارة المعاصرة و مشكلاتها... طفل يدير ظهره للعالم و يبحر في بحر من الألوان، فيلة تطير، فراشات و شخصيات خرجت من كتب الأطفال، تطرح مشكلات الانسان المعاصر لتناقش بهدوء.
مدينتنا بحاجة لسواعد الشباب، للفنانين الموهبين ، يزرعوا فيها نُصب الجمال ، يساهمون بأعمالهم الفنية، وينثرون في طرقاتها ألوان الفرح ، يداوون بها الجراح ويرسمون على حيطان القلب لوحاتهم.








طباعة
  • المشاهدات: 11458
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم