19-02-2018 10:17 AM
سرايا - عازف الناي سيد سالم خرج عن النوته الموسيقية. الجمهور كله صاح وهلل. والسيدة ام كلثوم توقفت عن الغناء وقالت “ايه ده”!
كان ذلك في حفل سينما قصر النيل عام 1966، عزف سالم تفاريدا موسيقية على نايه، قبل مقطع “لا لوم ولا دمع” في أغنية “بعيد عنك”. صاح الجمهور مندهشا مما سمع، لتتبعه أم كلثوم قائلة: “إيه ده”!، ما دفع بالفرقة الموسيقية الى إعادة المقطع الموسيقي مرة أخرى، ليعيد سالم عزفه العبقري لتلك التفريدة.
ولد سيد سالم في العام 1920 في قرية المنصورية في اسوان لكنه استخرج شهادة ميلاده في ما بعد من اسيوط حيث نشا هناك وترعرع. كان وحيد ابويه، وكان والده يعمل جندي في الهجانة. هوى سيد سالم عزف الناي عندما كان عمره عشرة سنوات، وصنع نايه بنفسه من الغاب (القصب).
كعادة اهل الصعيد قديما، لم يستهوي اهل سيد سالم أن يمارس احد ابنائهم الفن، فكان والده يعنفه ويضربه محاولا ان يصرفه عن عزف الناي ولكن دون جدوى.
وفي الثانية عشر من عمره، ترك سالم والديه وجاء الي القاهرة ليعيش مع خالته في بيتها في حي السيدة زينب، وهناك تبناه الاستاذ شفيق رئيس معهد الموسيقي لمهارته في عزف آلة الناي، واجادته لها بشكل لم يسبق له مثيلا.
تعلم سيد سالم من الاستاذ شفيق اصوال الموسيقي كالسلم الموسيقي والنوت الموسيقية وغيرها. وعمل مع عدة فنانين كبديعة مصابني ومحمد قنديل وتحية كاريوكا والسيدة منيرة المهدية، وكان يشترك في حفلات القصر الملكي. كما عمل ايضا في الاذاعة المصرية وله صولوا منفرد يذاع حتي الان .
في حضرة “الست”
عندما استمعت ام كلثوم الى عزف سيد سالم في الاذاعة المصرية عرضت عليه الانضمام الي فرقتها.
كان ذلك في العام 1950، واول اغنية قام بعزفها كانت “سهران لوحدي”، وقد تبدّى تألقه ومهارته في العزف من خلال هذه الاغنية، حيث انفرد بالعزف في اخر دقائق الاغنية، وابدع في الاداء ما جعل الجمهور يصفق له ويحييه.
استمر سيد سالم يعمل مع كوكب الشرق من العام 1950 حتى العام 1973 يبدع في الالقاء ويطور من الاداء كل مره جاهدا في الارتقاء بفن الناي .
هكذا رافق سيد سالم ام كلثوم طوال عمرها، وهي لم تستغن عنه، حتى بعدما اصابه الوهن الجسدي. فضلت “الست” الاستعانة بعازف آخر فى أغنية “يا مسهرنى”، ولكنها اجلست سيد سالم الى جانب العازف الجديد.
استغل سيد مكاوى تواجد الإثنين وقام بتنويع في صولو الناى حتى يستفيد منهما.
بعد رحيل ام كلثوم
وفي الثمنينات، سجل سيد سالم شريط كاسيت لاغاني ام كلثوم بصوت الناي فقط .
وبعد وفاة كوكب الشرق كان يرفض العمل مع اي فنان اخر لكنه عمل مدرساً للناي في اللجنة النقابية العليا. وانضم ايضا الى فرقة الموسيقي العربية في مسرح البالون. واستمر بالعمل حتى سن المعاش ثم تقاعد عن العمل ونال شهادة تقدير من المعهد العالي للموسيقي العربية وحصل على لقب عازف الناي الاول في مصر والشرق الاوسط .
وف العام 1994، اصابته جلطة في المخ، ولم يجد اي اهتمام، اذ لم تقم الدولة المصرية بتقديره ورعايته كفنان قدير أثّر في تاريخ فن الناي في مصر بل وفي الشرق الاوسط .
نقلته العائلة الى مستشفى العجوزة على نفاقاتها الخاصة، وفي ايامه الاخيرة كان يطلب من ابنته ان يستمع الى الشريط الذي قام بتسجيله، والخاص بعزف اغاني ام كلثوم، وكانت تفيض اعينه بالدمع عندما يتذكر ماضيه وكأنه يعلم ان رحلته قد انتهت او قاربت علي الانتهاء والمضي.
اجهده المرض حتى توفي شباط العام 1995 بعد رحلة طويلة من العطاء والانجازات الفنية .