27-02-2018 02:23 PM
بقلم : طارق سمير عبيدات
شخّص تقرير دولي حديث واقع النظام التعليمي في الاردن، ليصل، بعد دراسة عميقة لمفاصل العملية التعليمية والتربوية، أن نتائج تعلم الطالب الضعيفة على كافة المستويات في الأردن وصلت إلى مستوى متأزم.
ودعا التقرير الصادر عن البنك الدولي أخيرا إلى بناء نظام تعليمي مرن يتكيف مع الصدمات ويعالج تحديات الجودة.
وأكد البنك ضرورة أن يكون نظام التعليم مرناً ويعالج تحديات جودة التعليم الحالية، من خلال تقوية قدرة النظام على التعامل مع عدد متزايد من الطلاب، بمن فيهم أطفال اللاجئين والمستضعفين.
وبين التقرير أن التحدي الرئيسي الذي يواجه النظام التعليمي يتمثل في تدني إمكانية الحصول على خدمات ذات جودة لتعليم الطفولة المبكرة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الجاهزية المدرسية، لاسيما للأطفال الذين هم أقل حظا، بمن فيهم الأطفال الأردنيون والسوريون.
وقال التقرير إنّ الأردن يواجه تحديا ديموغرافيا كبيرا مع تدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين، مبينا أن أزمة اللاجئين السوريين تزيد من التوتر المالي، وتضع ضغوطاً كبيرةً على قدرة الحكومة على توفير الخدمات العامة، بما فيها الصحة والتعليم
تناول التقرير عدد من التحديات التي تواجه نظام التعليم في الاردن, والتي تطرقت لتحليل بعضاَ منها
تحدي جودة التعليم وتحسينه
وجاء في التقرير أنّ التوسع في توفير فرص الحصول على التعليم للاجئين السوريين فاقم من التحديات المتمثلة في المحافظة على جودة التعليم وتحسينها. وفي حين أن التأثير الرئيسي على وزارة التربية والتعليم يتعلق بقدرتها على توفير غرف صفية أو مبان مدرسية إضافية، بما في ذلك الأثاث والكتب المدرسية، فإن الأثر الأكبر للأزمة هو التدهور المُطول لجودة التعليم الأمر الذي قد يسبب المزيد من الضرر لتقديم الخدمات
.
تحدي نظام الورديتين
وأكد أنّ إدراج نظام الورديتين في المدارس يحد من وقت التدريس المتوفر لكافة الطلاب في كلتا الورديتين. وعلاوةً على ذلك، فإن المعلمين حديثي التعيين غير مُدَرَّبِين بصورة كافية، ويُتوقع منهم إدارة صفوف كبيرة الحجم، مما يجعل البيئة المدرسية أقل مواتاة للتعلم.
ينبغي أن يقوم الأردن بتحسين نتائج التعلم، وأن يجعل نظامه التعليمي يتكيف أكثر مع الصدمات من خلال ترسيخ وتنفيذ سياسات تعزز الجودة وفرص الحصول على التعليم: وتشمل التحديات الرئيسية التي تؤثر بشكل كبير على أداء النظام التعليمي، تدني إمكانية الحصول على تعليم الطفولة المبكرة، وأثر ذلك على الجاهزية للدراسة، وأزمة التعلم التي تعزى إلى بيئة التعلم القائمة، وجودة التدريس وتقييم الطالب ونظام الامتحانات. وأي تدخل من شأنه أن يحسن من جودة التعليم سيوثر ليس فقط على كافة الأطفال الأردنيين الملتحقين في النظام التعليمي، ولكن على كافة اللاجئين السوريين كذلك.
.
نتائج في المستوى المتأزم
وقال التقرير إنّ نتائج تعلم الطالب الضعيفة وصلت إلى مستوى متأزم في الأردن؛ حيث إنّ واحدا من كل خمسة طلاب في الصف الثاني لا يمكنه قراءة كلمة واحدة من فقرة مخصصة للقراءة، في حين أن نصفهم تقريباً غير قادرين على حل مسألة طرح واحدة بصورة صحيحة، وتنقصهم بالتالي المهارات الأساسية للقراءة والحساب التي تمكن من تحقيق المزيد من تنمية المهارات المعرفية.
وفي ظل البداية الضعيفة، تتراكم أوجه القصور من حيث المهارات، بحيث أنه عند بلوغ الطلاب عمر 15 سنة، لا يكون ثلثاهم قد حققوا المستوى الأساسي من الكفاءة في الرياضيات، والنصف الآخر يكون دون مستوى الكفاءة الأساسي في القراءة والعلوم، وذلك وفقا لبرنامج التقييم الدولي للطلاب
(PISA) 2015
في حين تناول التقرير ايضاً الكثير من التحديات كتحديات المدرسين في النظام التعليمي الاردني اذ يعانون من ضعف المهارات التعليمية كمواجهة تحديات الغرف الصفية المأهولة بالطلبة, اذ يفتقر المدرسون للتدريب والتأهيل المناسبين للوصول الى عملية تعليمية ذات جودة عالية توائم النظام التعليمي في العالم الحديث .
كما اشار ايضاً الى هشاشة الوضع الاقتصادي للمعلمين وغياب الحوافز ما ينعكس سلباً على الوضع النفسي للمعلم داخل الغرف الصفية ويؤدي بالنهاية الى حالات متعددة من العنف النفسي واللفظي والجسدي في بعض الاحيان ,ففي العام الدراسي 2015 - 2016، أبلغ 18 % من الأطفال عن تعرضهم للعنف اللفظي في المدارس و11 % أبلغوا عن تعرضهم للعقاب البدني , ما يضعنا امام نتائج عكسية للعملية التعليمية في الاردن تتمثل بتدهور علامات الطلبة ومخرجاتهم العلمية ايضاً
.ماذا لو تطرقنا لعمليات الصيانة التي تعاني منها ايضاً مدارس وزارة التربية والتعليم, اذ لا تتجاوز ميزانية المدرسة حدود 200 دينار سنوياً لاغراض الصيانة المدرسية اي ما يعادل 282 دولاراً امريكياً, ما يؤدي الى تدهور البيئة المدرسة بشكل يؤثر ايضاً على نتائج التعليم في مدارس الحكومة, في حين تدفع الحكومة ملايين الدولارات على سيارات الدفع الرباعي ووقودها لاشخاص يمكنهم استخدام سيارات اقل ثمناً واقل استهلاكاً للوقود.
المدارس الخاصة
يعاني نظام التعليم الخاص في الاردن من الكثير من السلبيات التي تضعه في ذيل قوائم التعليم الخاص عالمياً, اذ لا تعتمد وزارة التربية والتعليم في الاردن اي نظام تقييمي حقيقي لتصنيف المدارس الخاصة ما يترك الباب مفتوحاً لقيمة القسط السنوي لاصحاب تلك المدارس , حيث تغيب اي اجراءات تصنيفية تحدد قيمة اقساط المدارس الخاصة حسب الخدمة وجودة التعليم المقدم للطلبة, ما فتح الباب بشكل واسع امام تجارة التعليم, والتي شأنها كشأن التجارات الاخرى, تكون الخدمات فيها اكثر ظهوراً من الجودة الحقيقية للعملية التعليمية ومخرجاتها.
المختبرات والابواب المغلقة
اعتاد الطالب الاردني من الصف الاول الى الجامعة على سياسة المختبرات مطفأة الاضواء وابوابها المغلقة, فلا يدخل الطالب الى مختبر الحاسوب او المختبر المهني او مختبر الفيزياء والاحياء الا في احلامه او في حال قدوم وفد اجنبي او حكومي للمدرسة, وغالباً ما تكون تلك الحصص اشبه بحصص الفراغ او فرصة للتسرب المدرسي او حصصاً مملة تعتمد الحفظ والبصم, ما يجعل النظام التعليمي مفككاً هشاً قائم على التلقين والنسخ واللصق, وبعيداً عن التجربة والابداع وتعزيز المواهب المهنية والعملية.
اما جامعاتنا التي تتذيل قوائم التصنيفات العالمية, لاسباب متعددة كغياب جودة التعليم الجامعي وارتفاع كلفته بالمقابل, فهي توشك على الخروج من تلك التصنيفات نهائياً بعد قرار مجلس النواب باعطاء صفة الضابطة العدلية لعناصر الامن الجامعي, كنوع من التهرب السريع من مشكلة العنف الجامعي التي تفاقمت في السنوات الاخيرة, ولكنها هذا القرار سيؤثر سلباً على خروج جامعاتنا بشكل كلي من التصنيفات الدولية التي ستعتبر ذلك الاجراء تعدياً صارخاً على حرية الطلبة وعلى روح الامان الاجتماعي داخل حرم الجامعة, وبهذا تكون الحكومة ومجلس النواب دقوا اخر مسمار في نعش النظام التعليمي الاردني, .