08-03-2018 12:12 PM
بقلم : المهندس: معتز العطين
إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الدول النامية تتعرض لمنافسه شديدة سواء من المنشآت الكبيرة محلياً، أو من المنشآت العالمية بخاصة، وإن التشديدات تصب في مصلحة الدول المتقدمة ، هذه الأفضلية تأتي أيضاً من توفر التكنولوجيا والمعرفة في الدول المتقدمة وكذلك اتفاقيات التجارة الحرة. فقد عانت المنشآت الصغيرة والمتوسطة كثيراً من اتفاقيات التجارة الحرة العالمية ، ووجدت صعوبة كبيرة في التأقلم مع تعليمات المنظمات العالمية مثل المنظمة العالمية للتجارة التي لها متطلبات عالية جداً من حيث النوعية والمواصفات المطلوبة.
قد يكون المصدر الأكبر للتغيرات التي تعصف بأي منشأة في هذه الأيام هو التزايد في عولمة المنشآت وكيفية إدارتها. وجاء هذا نتيجة للتجاوب للمتطلبات الجديدة للتنافسية، فقد أصبح العالم قرية صغيرة بفضل ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة، مما أدى إلى ضرورة تلبية متطلبات العميل التي أصبحت مشابهة للمتطلبات للعالمية.
إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي لها نشاط عالمي يكون نموها أسرع من التي ينحصر نشاطها محلياً، مما يستدعي على هذه المنشآت تطوير استراتيجيات وسياسات تجعلها تخترق الأسواق الأجنبية، وتدعم منافستها عالمياً. ولكن للأسف فإن معظم المنشآت الصغيرة والمتوسطة تفتقر للموارد المالية والبشرية والتكنولوجية لمواكبة العولمة.
كما أن للأزمات الإقتصادية تأثير كبير على المنافسة مع المنشآت الكبيرة ، فقد حددت الأزمات الإقتصادية من عملية التطوير في العديد من الدول النامية، والذي أثر بشكل كبير على نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة. تتباين الآراء حول أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر عرضة وتأثراً بالأزمات الإقتصادية مقارنة بالمنشآت الكبيرة في الدول النامية، حيث أنها تفتقر عادة للموارد والتكنولوجيا والمهارات المطلوبة للتغلب على هذه الأزمات .
ومن ناحية أخرى قد تشكل سلوكيات العملاء وتغيرها تحدي أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر من المنشآت الكبيرة حيث إن سلوكيات العميل المتغيرة فرضت على المنشآت الصغيرة والمتوسطة التأقلم المستمر مع التغيرات من أجل تلبية المتطلبات الجديدة للعملاء، والتي قد تصل إلى تغيير جذري بطبيعة العمل .
أما من جانب العولمة على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فقد زاد الضغط عليها من أجل تحسين منتجاتها لتلبية المتطلبات العالمية . وبالذات في القطاع التصنيعي الأمر الذي استدعى زيادة الاهتمام بالبحث والتطوير لزيادة نوعية المنتج أو إيجاد منتجات إبداعية وجديدة كلياً.
هذه المنتجات الإبداعية والجديدة تتطلب العديد من البحوث، وتسخير المعرفة المكتسبة لتطوير منتجات جديدة. ولأن الإبداع يتطلب توطيد العلاقة بين البحث العلمي والبحث والتطوير في المجالات الصناعية، ومن غير التركيز على ذلك فقد تفشل المنشآت أمام منافسيها.
بشكل عام فإن الدول النامية تخصص فقط 3% من ناتجها المحلي لأغراض البحث والتطوير، ولكن دولاً مثل الصين والهند والبرازيل قامت بزيادة هذه النسبة بشكل متسارع لتتساوى مع ما تنفقه الدول المتقدمة ، وعليه فإنه من الضروري زيادة الإنفاق في هذا المجال، وبالذات من الحكومات بحيث يكون داعماً رئيسياً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في خضم منافستها عالمياً. وهنا يجدر الذكر أن موضوع الضعف المعرفي لدى مدراء المنشآت الصغيرة والمتوسطة قد يكون حائلاً لترسيخ فكرة البحث والتطوير.
لدينا فرصة كبيرة لتحقيق نمو اقتصادي كبير نسبيا عما سبق من خلال وضع استراتيجية كاملة تبدأ من تعريف المنشات الصغيرة والمتوسطة وفصل القطاعات بحيث يتم دعم القطاع الصناعي والانتاجي والزراعي اكثر من التجاري بحيث نضمن خلق منتجات وطنية كما ان النافذة التمويلية الواحدة يوفر فرصة كبيرة لوقف التخبط الموجود بين الموسسات الوطنية والتي تتشابك في الكثير من الجوانب ودون اي جدوى تذكر ولا تنتهي بخلق نافذة تصديرية تفتح اسواق خارجية للمنتج الوطني وكما ان تعزيز التعاون بين الجامعات ومراكز البحث والقطاع الخاص لتطوير منتج وطني منافس اصبح ضرورة وطنية لخلق سلالسل بحثية انتاجية يتشارك بها الجميع وقوفا امام مسوولياتهم الوطنية .