حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16885

صائد الفراشات

صائد الفراشات

صائد الفراشات

22-01-2011 02:45 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 استفاق على صوت في رأسه يدعوه الى الرحيل عن وطنه ,عله ينسى همومه واحزانه وما حل به من ظلم ,عله يجد امه , (مبروك ) ذو هيئة مريبة ,مجعد الشعر ,كبير الراس ,قوي البنية ,لكن قلبه كقلب فراشه,مسالم ,ولم يؤذ احدا في حياته ,سجن في وطنه بجرم سرقة رغيف خبز من ساعي الحاكم بعد ان سقط منه وقام (مبروك )بتناوله ليعيده اليه, الا انهم اتهموه بالسطو على ممتلكات الحاكم ..فقد كان الفقر والجوع منتشرا بين عامة الشعب ,وفئة قليلة تتمتع بجميع الثروات و هي من تتحكم بكل شيء .. لم يسمحوا له بالعمل لانه (ابله ) بنظرهم ,ولم يكن هنالك محسنين "" غادر للبحث عن مكان يكون له وطنا وعن امه.

فقد كان مشتاقا لحضن وطن يضمه وحضن ام لم يشعر يوما بدفئه.. فقد اخبره ابوه بان امه تحولت الى فراشة بعد ان ولدته وطارت الى البعيد "" انطلق برفقة احزانه وهمومه و ترتسم على شفتيه ابتسامات وضحكات كلما تذكر انه سيلتقي بأمه وسيحظى بوطن ". استوقفه عجوز في الطريق واعطاه كسرة خبز وبعض من الماء وسأله عن وجهته ,فأجابه ابحث عن وطن وعن أمي التي تحولت الى فراشة ..فهل تعرف وطنا يأتيه الربيع و الفراشات ..ضحك العجوز واخبره بأن الربيع لم يأتي منذ سنوات فابحث عن وطن يأتيه الشتاء وحينها ستجد الربيع وسترى الفراشات .. انطلق حتى وصل الى مدينة تعتريها الكآبة وتفوح منها رائحة الموت, ,تجول في شوارعها الخاوية الا من بعض الكلاب التي تسيدت الشوارع و كانت تنهش في جثث ملقاة على الارصفة ,حاولت الاقتراب منه واخذت تنبح محاولة طرده واخافته ’ برباطة جأش غير ابه بنباحها رفع يديه الى السماء واخذ يتمتم فقد اشتم رائحة الربيع في هذه المدينة ,الناس تراقبه من زجاج النوافذ ,يتعجبون لامر هذا( الغريب) الذي لم يخف من الكلاب " بدأ المطر بالتساقط بغزارة ,هربت الكلاب , تعالت ضحكاته المتواصله ,اخذ يطرق الابواب داعيا الجميع للاحتفال بسقوط المطر وبهروب الكلاب "" تجمع الناس حوله ,يعجبون لامره ,يتساءل بعضهم عن هذا الغريب الشجاع الذي تحدى الكلاب و اتى بالمطر , فمنذ سنين لم ياتي المطر اليهم ,منذ سنين والكلاب تتجول في شوارعهم وتخيفهم ,منذ سنين و"الطاعون" متسلط عليهم ويحصدهم واحدا تلو الاخر ..ويتساءل اخرون ان كان هذا الغريب (ابله ) ام انه (ولي صالح )" جهزوا له بيتا ,وتكفلوا بتأمين احتياجاته , عادت المدينة نشطة ,زرعت الاراضي بكافة المحاصيل ,وانصرف السكان كل الى عمله كما في السابق , حل الربيع واكتست الارض بالورود ,شرع (مبروك ) باصطياد الفراشات ,يقضي طيلة النهار في الحقول ,يعود في المساء الى منزله ,يكلم الفراشات ويسألها ايهن هي امه دون ان يجد جوابا ,يبقي الفراشات في قفص داخل منزله ليستطيع ان يجمع اكبر قدر منها وليزيد من فرصته بان يجد امه ..يراقبه الاطفال من نافذة منزله ,ويعودون ليرووا الى امهاتهم عما يفعله (مبروك ) مع الفراشات .

تعجب زوجة حاكم المدينة بما سمعت عن (مبروك ) وتقرر مع صديقاتها لغرض التسلية ان تنتحل شخصية امه ,وتنتظره في منزله,بينما تراقبها صديقاتها من النافذة, ,وعندما يأتي تقول له بانها امه التي كانت فراشة . كعادته يأتي (مبروك ) الى منزله في المساء , تفاجىء حينما رأى قفصه مفتوحا وقد طارت منه الفراشات ,وتفاجىء اكثر حين رأى امرأة تجلس على اريكته , استقبلته بالاحضان ,وقالت له بانها امه التي كانت فراشة, يبدأ بالبكاء, يرتمي في احضانها ,يقبل يديها ,ينظر اليها,يقول لها الان اصبح لدي ام ووطن " ,يسألها لما تركتني؟ ولما تحولت الى فراشة؟ .تتلعثم بالكلام ,فلا تجيب سوى بالقهقهات وانها ليست امه وبأنها زوجة الحاكم وارادت ان تضحك عليه قليلا ,ينتفض غضبا, يحكم قبضته على عنقها ,يحاول خنقها ويصرخ في وجهها لما اطلقت الفراشات ؟ ,تقوم صديقاتها باستدعاء المارة ,يضربوه ويطلقوا زوجة الحاكم من تحت قبضته , تتهمه بخطفها ومحاولته سرقتها , يسمع الحاكم بالخبر , ويقرر مجلس الحكماء في المدينة شنقه حتى الموت ,يقتاد الى حبل المشنقة, تحوم فوق رأسه الفراشات ,يطلق الضحكات المتواصلة ,يحذرهم من الكلاب التي ستعود اليهم ومن "الطاعون" ويوصيهم بان لا يخافوا من الكلاب فان خافوا سيعم الخراب على المدينة , تم اعدامه , اخذ بعض المتعاطفين معه جثته ودفونها عند الحقول في اطراف المدينة ,لاحظ الجميع ان الفراشات تحوم كل يوم عند قبره.. بعد عدة اشهر لم تختفي الفراشات بل ازداد عددها واصبحت كالسحب في سماء المدينة , عادت الكلاب لتغزوا المدينة وتوارى الناس في البيوت خوفا ,استشرى "الطاعون " من جديد ,انحبس المطر وحل الجفاف , ضربت الزلازل المدينة , لم ينج سوى نفر قليل من الناس الذين آثروا الرحيل ,بعد عدة سنوات اتى اناس ليسكنوا المدينة متعجبين لكثرة الفراشات التي تحوم حولها , نادى احدهم داعيا حاكمهم لرؤية ما كتب على شاهد قبر في اطراف المدينة اندهش القوم حين رأوا ماكتب (لا تسكنوا المدينة , هذا قبر مبروك ,احذروا لعنته )








طباعة
  • المشاهدات: 16885
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-01-2011 02:45 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم