26-03-2018 10:50 AM
بقلم : د. ضيف الله الحديثات
سجلات عميقة ووقفات عديدة، شهدتها الساحة الاردنية قبل شهر ونيف، نتيجة الارتفاعات المتوالية على اسعار السلع والخدمات نتج عنها حالة من الاشتباك الايجابي بين افراد الاسرة والعائلة والحي والمدينة، في الوقت الذي أجمع الجميع على حب الوطن والالتفاف حول القيادة، المخاض هذا أضاف صلابة جديدة للدولة الاردنية بكل مكوناتها، وبرهن للعدو قبل الصديق أننا نختلف لنأتلف ونتحاور ونتشاور لنتجاوز التحديات والعقبات ونحن الاكثر صلابة، في مواجهة الاسوأ في قادم الايام لا قدر الله .
الحراك وما شهده من تحركات ايجابية، وضعت المسؤول بما يجري على الساحة المحلية من تجاوزات وفساد وقرارات غير مدروسة، مكنته من تعديل المسار وضبط الايقاع انسجاما مع المصلحة الوطنية ، الا ان القليل من الهتافات مما نسبته خمسة بالمليون، خرجت عن الخط الوطني وأساءت لنفسها ولسيد البلاد جلالة الملك عبد الله بن الحسين ، فكانت اصواتها مستنكرة ومستهجنة من الجميع .
التعاطي الفذ مع الازمات التي عصفت بالمنطقة، جعلنا مضرب المثل للأصدقاء والاشقاء الذين دمرت حواضرهم، نتيجة غياب القيادة الحصيفة والمواطنة الحقيقية، فكم سمعنا من الأشقاء العراقيين والليبيين والسوريين الذين اكتووا بنار الفتنة كلمات الإطراء والثناء على الاردن، موئل الحكمة وطن الأحرار بقيادته وشعبه، لأنه بقى صامد يعاند الطوفان الأسود الذي دمر ومزق الارض والانسان العربي .
الفضيلة والحس الإنساني والترابط الأسري يتجلى في مفاصل الدولة كل يوم، لكنه برز بشكل جلي خلال قضية معتقلي الحراك، حيث ان جميع المسؤولين في الدولة أكدوا ان الذين جانبوا الصواب هم اخواننا وأبناءنا وإننا نعتب عليهم ولا نحقد نصحح مسارهم ونقومهم ولا نكسرهم نتقرب منهم ولا نقصيهم نحاول ان نساعدهم ضمن الامكانيات والفرص المتاحة، لا نتركهم بيئة خصبة للحقد والكراهية.
وهنا لا نحتاج لذكاء كبير وفطنة زائدة، حتى نكتشف ان قيادتنا الممتدة شرعيتها لألاف السنين هي التي زرعت وتابعت وراقبت السائل والمسؤول ،وعلمتنا مبادئ الصفح والعفو وحب الاخر، وهي التي حلقت بنا عاليا عن الضغائن والفتن، القيادة التي لم تسفك قطرة دم واحدة، تصالحت مع الجميع وكانت الترجمة الفعلية للمشهد عندما توالى خروج الحراسيس والبريزات والمجالي من السجن فكانت حالة الرضى والاستبشار في أعلى مستوياتها في الشارع بان ابواب السجن لا تغلق على احد للابد في الاردن، وازدادت حالة الفرح وتبادل التبريكات، عندما رفعوا هؤلاء الفتية الصوت عاليا وقالوا إننا لا نختلف مع القيادة او نشكك في شرعتها، إنما نعارض السياسة الحكومية في ادارة الدولة .
التجارب التاريخية وسير التسامح التي مر بها الاباء والاجداد مع آل هاشم من الامير عبد الله مرورا بالحسين العظيم وصولا لسيد الحكمة جلالة عبد الله الثاني، تكررت على مسامعي مرات عديدة من أصدقاء من الرعيل الاول ونحن نبحث معا طرق وأد الفتنة في ذيبان وعمان والكرك والسلط ،والبحث عن حلول حيث أكدوا ان الصفح اصبح متأصل بنا وحالة الخصام تنتهي سريعا في ديرتنا، والمحبة هي السائدة على أرض الاردن الطهور .
حفظ الله الاردن بقيادته وشعبه.