بقلم : هاشم الخالدي
صباح اليوم توجهت الى عملي باتجاه اشارات الجبيهة لأفاجأ بسيارة اسعاف وقد علا صوت "زامور الإنذار" فيها و يبدو من نظرتي للشباك الخلفي للسيارة أنها تحمل حالة طارئة لوجود عدة أشخاص يبدو عليهم التوتر بهدف وصولها الى أقرب مستشفى لإنقاذ الشخص الذي تحمله سيارة الإسعاف .

الى هنا الخبر عادي جداً ويتكرر بين الفينه والفينه في شوارعنا ، ولكن ما هو غير طبيعي وغير أخلاقي أحياناً وجود عدد من اللامبالين من أصحاب السيارات الذين لا يتورع بعضهم عن افساح الطريق لسيارة الإسعاف معتقداً أنها تطلق "زامور الإنذار" عبثاً أو استعراضاً لا بل الأنكى من ذلك وقد شاهدته بأم عيني ذات شهر مضى في شارع وصفي التل "الجاردنز" قيام عدد من السيارات من باب "المجاكرة والمداقره " باغلاق الطريق على سيارة الإسعاف وعدم الإكتراث بوجود حالة طارئة فيها تصارع بين الحياة والموت .

المشكلة أن ثقافتنا لا تستوعب حتى الان أن نحترم سيارة الإسعاف في الشوارع كما يفعل الأوروبيون مثلاً.

فقبل عام كنت متوجهاً بالسيارة من برلين إلى فيينا عبر طريق الأوتستراد أو ما يسمونه "بالاتوروت" وفوجئت بالأزمة الطاحنة التي أغرقت هذا الطريق من السيارات المتوجهة للعاصمة النمساوية لكن فجأة حدث ما لم يكن متوقعاً .

سيارة اسعاف أطلقت زامور الإنذار وكانت متوجهه عبر هذا الطريق السريع الى أقرب مستشفى في برلين يتفرع من ذات "الأتوستراد" وفجأة انتفضت السيارات وتسارعت جميعاً لأفساح المجال لسيارة الإسعاف التي قطعت عدة أميال بلمح البصر وذهبت الى طريقها نحو المستشفى بعد أن قامت كل سيارة دون أدنى فوضى بأخذ المسرب الأيمن والإصطفاف بكل هدوء وترك المسرب الأيسر السريع لسيارة الإسعاف ولم أسمع كما هنا صراخ أصحاب السيارات وحفلة الزوامير الصاخبة التي تمتزج بها العصبية والشتائم.

اقسم بالله أنني أذكر هنا هذا المشهد بكل ألم لأننا كعرب ومسلمون يحثنا اسلامنا على إحترام الاَخر والوقوف الى جانب بعضنا البعض فالمفروض أن نرى ذلك المشهد الأوروبي في شوارعنا لكن للأسف ما يحدث عكس ذلك اطلاقاً .

أذكر قبل أشهر أنني زرت مدير الدفاع المدني اللواء مصطفى البزايعه وحدثته عن ظاهرة "مجاكرة" سيارات الإسعاف في شوارعنا فأقسم لي أنه كان يتحدث مع جلالة الملك في ذات الموضوع حين زار جلالته المديرية حيث تولدت رغبة لحمله اعلاميه بهدف توعية المواطنين حول ثقافة احترام خصوصية سيارة الإسعاف في شوارعنا ،ولنتذكر جميعاً أن هذا المريض الموجود في سيارة الإسعاف والذي يصارع الموت قد تنقذه ثانية أو دقيقة اذا ما وصل الى المستشفى في الوقت المناسب لأن عدم امتثالك لإفساح الطريق لسيارة الإسعاف قد تكون شاركت بطريقة أو بأخرى في قتل وإزهاق روح بريئة.


تذكر اخيرا اخي الكريم أن هذا المريض الموجود في تلك السيارة قد يكون في يوم من الأيام قريب لك قد يحتاج الى أقل من ثانية لإنقاذ حياته فلا تبخل عليه في البقاء على قيد الحياة .

تخيل يا رعاك الله أن تكون تلك المريضة والدتك أو شقيقتك وتكون أنت مرافقها في ذات سيارة الإسعاف فكيف سيكون موقفك من تلك السيارات التي تمنع الحياة عن أقرب الناس إليك ....وللحديث بقية .

الكاتب : مؤسس موقع سرايا
hashem7002@yahoo.com