05-04-2018 01:02 PM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
اشارات استفهام كبيرة وكبيرة(؟) يضعها الاردنيين امام تخبّط منظومة التعليم هذه الايام والتي ما زالت تلقي بظلالها حتى اللحظة رغم وجود ورقة نقاشية سابعة لجلالة الملك شاملة ومكتملة الابعاد, نعم حتى اللحظة مازال لدينا تخبّطات واضحة في منظومة التعليم تتمثل في: المناهج بمفهومها الشامل, وفي ايجاد بنك للأسئلة, وفي تدريب المعلمين وتأهيلهم, وفي اعداد الطلبة لعالم مليء بالتقنية وسوق العمل سريع التغير, وفي توفير بيئات تعليمية سليمة, وفي.., وفي.., في الوقت الذي يوجد فيه بين ايدينا خارطة طريق واضحة المعالم لإصلاح منظومة التعليمة في الاردن والتي ارسى قواعدها جلالة الملك, وهنا تنبع جملة من التساؤلات المطروحة منها: ما السبب المباشر وراء هذا التخبّط؟ وهل يمكن لنا الخروج من هذا التخبّط باقل الخسائر؟ وهل لدينا القدرة على الاعتراف بضرورة التغيير والاصلاح؟ وهل لدينا الحافز والرغبة في الاستثمار في التعليم والعمل على التطوير كعملية مستمرة كلما اقتضت الحاجة؟ جميع هذه التساؤلات المطروحة هنا هي تساؤلات مشروعة حول هذا التخبّط كون التعليم في الاردن ومنظومته استثمار بشري بعيد المدى حيث يتعلق هذا الاستثمار بالعنصر البشري وفق شعار(استثمار الدولة في مؤسسات التعليم).
بكل صراحة التخبّط في منظومة التعليم عندنا امر مثير للجدل, وبكل امانة لا مبرر لوجود مثل هذا التخبّط في منظومة التعليم رغم وجود ورقة نقاشية سابعة تحمل في ثناياها آليات التعديل والاصلاح, لكن الامر يبدو يتطلب القدرة على الاعتراف بضرورة التغيير والاصلاح, ويتطلب وجود الحافز والرغبة في الاستثمار في التعليم, والعمل على التطوير كعملية مستمرة كلما اقتضت الحاجة,..الورقة النقاشية السابعة باختصار شديد تنادي بوضع مناهج تربوية تنسجم مع المعرفة العالمية الجديدة توضع بيد معلمين على درجة عالية من التدريب والتأهيل على ان تُقدم لطلبة لديهم دافعية التعلم والتعليم ولديهم مهارات التحليل والربط وتقبل الرأي والرأي الاخر, ولديهم مهارات الحوار والنقاش والبحث والاستقصاء, وقبول التحدي وحل المشكلات, كل ذلك ينبغي ان يكون في بيئة تعليمية غنية المكونات.
القضية ليست سبعة او ثمانية مواد في التوجيهي, والقضية ليست ايضا ان يكون التوجيهي فصل او فصلين,..القضية يا اولي الالباب هي بالضبط منظومة تعليم شاملة ومتكاملة الابعاد, القضية هي منهاج ومعلم وطالب وبيئة تعليمية من مرحلة رياض الاطفال الى المرحلة الثانوية(التوجيهي) وليس التوجيهي فقط كما هو عليه الحال الان,..لقد اكد جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم بأوراقه النقاشية التي طرحها مؤخرا وبالذات في الورقة النقاشية السابعة اكد ان اصلاح التعليم يتم من خلال منظومة تعليم حديثة تزويد الطلبة بالمعرفة الجديدة, وتكسبهم المهارات الحياتية التي تنير عقولهم، وتطلق الطاقات المنتجة, وتكشف ميول الطلبة، وتُصقل مواهبهم، وتُنمى قدراتهم, منظومة تعليم حديثة فيها بشائر الارتقاء والتغيير، وفيها استقبال الحياة ومواجهة ما فيها من تحديات، منظومة تمكن الطلبة كيف يتعلمون وكيف يفكرون وكيف يغتنمون الفرص وكيف يبتكرون الحلول المبدعة لما يستجد من مشاكل، منظومة توسع مدارك الطلبة وتعمّق فكرهم وتثير فضولهم وتقوي اعتدادهم بأنفسهم وتصل بهم إلى العالمية، كما لا يمكن أن يتحقق ذلك، إلا بمناهج دراسية تفتح أَمام أبنائنا وبناتنا أبواب التفكير العميق والناقد, تشجعهم على طرح الأسئلة وموازنة الآراء وتعلمهم أَدب الاختلاف وثقافة التنوع والحوار وتقرّب منهم أساليب التعبير وتنمّي فيهم ملكة النظر والتدبر والتحليل، من اجل إعداد أجيال الغد.
وهنا, مطلوب من المعنيين في وزارة التربية والتعليم قراءة الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم قراءة متأنية ومعمقة ومستفيضة (وقد تأخروا شيء من الوقت) والعمل على تشكيل فريق وطني متخصص اقول متخصص من ميدان مؤسسات التعليم والجامعات الاردنية والمجتمع المحلي من الذين لديهم اهتمام وخبرة في المعرفة المتجددة ولديهم فكر تربوي معاصر وهم كثر في اردننا الحبيب ومن ثم عقد ورش عمل حقيقية ولمدة اسبوع من العمل الجاد للخروج بمنظومة تعليم حديثة تلبي رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم ورسالته والتي جاءت في الورقة النقاشية السابعة لتناقش فيما بعد على مستوى اللجان المختصة في مجلسي الاعيان والامة لتأخذ شكلها النهائي, والعمل على اقرارها, لما فيه مصلحة ابناءنا الطلبة, ومصلحة الوطن كل الوطن.