12-04-2018 05:33 PM
سرايا - يعتبر الشاب السعودي العشريني عبد الرحمن الخالدي، نموذجاً للنجاح والكفاح فهو طالب بالسنة الرابعة في كلية التربية بمدينة الدمام شرق السعودية، لكنه مصاب بمرض التوحد، الذي أعجزه عن التفاعل وكثرة الكلام، ولكن ذلك لم يمنعه من كسر التوحد وحفظ القرآن والأناشيد.
ويهوى عبد الرحمن الاستماع لألحان وأداء الموسيقار السعودي سراج عمر لنشيد الوطن "بلادي منار الهدى ومهد البطولة"، يكتبها ويرددها بتفاعل وحماس.
أما رحلة اكتشاف مرض عبد الرحمن بدأت مبكرا في الرابعة من عمره، حين اندهشت والدته من قلة كلامه وكثرة حركته، وأثبتت الفحوصات وقتها إصابته بالتوحد، الأمر الذي لم تستسلم له عائلته، وبدأت باتباع برنامج علاجي خاص لتخفيف تداعيات هذا المرض عن طفلهم، ومنذ ذلك الحين ووالدة عبد الرحمن تقدم الرعاية له.
رحلة عناء ومهارات التواصل
تقول والدة عبد الرحمن في حديثها لـ"العربية نت" إنها فوجئت بعد مرور ٤ سنوات من ولادته بأنه مصاب التوحد، فكان يومًا عصيبًا، وبين رحلة عناء تشخيص المرض وبدء رحلة العلاج، مسافة قاسية لا يدركها إلا من خاض تحدياتها وآلامها، استمرت في التردد على الأطباء والمستشفيات، لكن الابتلاء الذي أصاب أم عبد الرحمن دفعها لبدء مرحلة جديدة في التعامل مع هذا المرض، فقامت بجهود ذاتية استثنائية لتنقذ طفلها من دائرة التوحد المظلمة.
وبدأت بتدريب طفلها التوحدي على مهارات التواصل البصري واللفظي، حتى أحرز تطورًا من حيث اللغة وكيفية التكلُّم، وإتقان المهارات الاجتماعية وكيفية الاستجابة للآخرين والتواصل معهم، والالتزام بالسلوك وكيفية التصرُّف مع الناس في مواقف معيّنة، فأصبح عبد الرحمن يقوم بتلبية احتياجاته اليومية في مختلف الجوانب بأقصى حد ممكن من الاستقلالية، وبما يتواءم مع قدراته واحتياجاته، حيث الاستقلالية والاعتماد على ذاته.
حفظ القرآن خلال عام
هذا وأكمل عبد الرحمن دراسته في مدارس خاصة للتربية الفكرية، وبعد ذلك انتقل لمدارس الدمج الحكومية.
وتؤكد والدة عبد الرحمن أهمية القرآن الكريم في عملية التواصل للطفل التوحدي من خلال محاكاتهم وتقليدهم لطريقة قراءة القرآن، فعبد الرحمن بسبب أن لديه مهارة تكرار الكلام ومهارة الذاكرة النسخية، تمكن من حفظ القرآن الكريم كاملاً خلال عام واحد، إضافة لما تلقاه في المدارس من تعليم التلاوة ورعاية أطفال وطلبة التوحد، إذ يتقن أحكام التلاوة والتجويد بصورة متميزة يتفوق فيها على معظم الأسوياء من الطلبة.
المركز الأول
ويظهر عبدالرحمن في فيديو "العربية.نت" وهو يحفظ أرقام الصفحات والآيات والأحزاب، ويقلد أكثر من 20 قارئاً للقرآن، من بينهم الشيخ الحذيفي والسديس والشريم، كما شارك في مسابقات عديدة حصل على المركز الأول فيها، وأحرز مراكز متقدمة في مسابقات أخرى، وتفوق على عدد من أقرانه الذين يتشاركون معه حالته الصحية، وبات واحدًا من الطلاب المتفوقين، ويطمح عبدالرحمن لأن يكون معلمًا يقضي أوقاته بين طلابه.
فيما يعيش والده سلمان الخالدي، شعور اعتزاز وفخر وهو يتحدث عن ابنه الذي بات أقرب للشخص الطبيعي، ويعايش الناس ويندمج معهم، ويرى أنه يجب على المجتمع إتاحة الفرصة للمتوحدين بالانخراط والاندماج، وتشجيعهم على التواصل لكسر الحواجز بين أفراد المجتمع وعدم عزلهم.