24-04-2018 09:13 AM
بقلم : د. ضيف الله الحديثات
حملت ذاكرة المواطنين الاردنيين، الكثير من القدسية والهيبة والروايات الجميلة عن حمامات ماعين، عند الاباء والاجداد، فالمكان الوارف الظل كان يقصده "المفرقاوية والمعانية والطفايلة" واهل القرى والمخيمات ابناء الاردن جميعا، طلبا للاستشفاء والاستجمام والتخلص مما علق بالنفس من هموم ومشاكل، كانوا يزورون الحمامات كما كان الملك هيرودس ابان فترة سيدنا يوحنا المعمداني "النبي يحيى عليه السلام" حيث كان يقصد المكان بغرض الاستشفاء، اي ان المكان على مدار التاريخ للفقراء والاغنياء .
المياه المعدنية الحارة التي تقفز من اعالي الجبال، وتتسلل بين الشقوق لترسم اجمل اللوحات الفنية، ليس لاحد فضل فيها فهي هدية ربانية، تم سلبها لتمنح للطبقة "البرجوازية" ويحرم منها 99% من المواطنين، بعد ان قدم هذا المرفق الوطني الهام لاحد "الاغراب" تحت بند استثمار، والذي بدوره وضع الكثير من العوائق والمحددات ليمنع العسكر والعمال واهاليهم من التمتع والاستفادة من مياه بلادهم، المياه التي مازال صدى خريرها يداعب مسامع الامهات والجدات .
10 دنانير يدفع الاردني الذي يرغب باخذ "سلفي" مع شلال الماء الساخن، دون الاقتراب من الفندق الذي ثمن الاقامة به لليلة واحدة تساوي ثمن دونم ارض في قرانا، فكيف اذا اراد ان يذهب واسرته المكونة من 8 اشخاص وتخلل الامر "طيرين دجاج" بمناسبة عيد زواجهم الــ25 وراتبه 400 دينار، وماذا يفعل بباقي ايام الشهر ؟؟، اما ابو صقر المتقاعد والذي يسكن بالقرب من حمامات ماعين والذي وعد ام صقر بزيارتها "العيلة بالليلة"؛ اذا اقنعت صقر بان لا يخرج مع "الحراك" ويهتف ضد الحكومة، الا ان ابو صقر المسكين عاد خائبا من بوابة المنتجع وهو يندب حظه عندما طلبوا منه 90 دينار عن افراد اسرته!! .
في ظل الغلاء وكدر العيش، واتساع رقعة الفقر والبطالة وارتفاع نسبة الانتحار والجريمة، هل نستمر بإعطاء وكالة، لشخص اجنبي سعودي الجنسية "غيث فرعون" والذي وكل اجنبي اخر سوري الجنسية بالإدارة، والذي بدوره يمنع ويوصل ويحدد من يزور الحمامات، من خلال فرض رسوم دخول عالية، كما قام بإزالة "الشاليهات" التي كانت لمحدودي الدخل وهي جزء من العقد بين دائرة المساهمات الحكومية التابعة لوزارة المالية والمستثمر.
رئيس الوزراء هاني الملقي، اقسم في مناسبات مختلفة انه خادم امين للوطن والملك والمواطن، لذا فهو صاحب الولاية والقادر، على انهاء عقد فرعون او الزامه بتنفيذ وتحسين شروط العقد وتخفيض الاسعار في الفندق، وجعل الدخول على المياه مجاني، والزامه بإعادة الشاليهات التي تم ازالتها، وهي الرسالة نفسها نوجهها للجنرال جمال البدور محافظ مأدبا فهو ذراع الحكومة، في محافظة مأدبا والبداية منه، فالمعلومات تشير الى ان العوائد السنوية للحكومة، التي يدفعها المستثمر اقل من غلة باص يعمل بين العبدلي وصويلح "يعنى من الشاه اذنها".
ما يبعث في انفسنا الامل بالتغيير والاصلاح وعودة الحمامات لنا، ان الملقي لا يقيم في الفنادق وليس لديه شغف بالمساج، كما ان رؤساء الاجهزة الحاليين متقاربين معه بنفس التوجه حيث لا يمكن استضافتهم على سهرة طربية، لاستنشاق راحة الورد ورذاذ المياه الساخن، كما كان يحدث سابقا ومن ارض الميدان، تحصل التوصية على المستثمر، وتكون طلباته اوامر وتعليماته قوانين ؟؟!!