حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12531

اكروفوبيا الارتفاع

اكروفوبيا الارتفاع

اكروفوبيا الارتفاع

06-05-2018 11:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ.د رشيد عبّاس
ما زال تفسير سيكولوجية (اكروفوبيا) والتي تعني الخوف من الارتفاعات قائما حتى اللحظة عند كثير من البشر, وانا واحد من البشر فقد واجهت ذلك حتى في اختبارات الرياضيات عندما كنت طالبا في المدرسة وكان يطلب المعلم منا إيجاد حجم بعض المجسمات كالطول والعرض والارتفاع, فقد كنت اجد الطول والعرض فقط واترك عن خوف ايجاد الارتفاع لان قيمة الارتفاع كانت تُشكل لي قلقلا فطريا, طبعا في مثل هذه الحالات كنت وفي كل مرة اخسر شيء من العلامات في الاختبار,..نعم انا اخاف من كلمة (ارتفاع), اخاف من ارتفاع عصا المعلم فوق يدي, واخاف من ارتفاع الاصوات قرب اذني, واكثر من ذلك اخاف من ارتفاع اسوار البيوت الجميلة, واخاف من ارتفاع الثياب عند بعض الرجال, واخاف من ارتفاع الحواجب عن العيون عند النساء, واخاف من ارتفاع كعب الاحذية عند الحوامل, صدقوني انني ارتجف خوفا من الافعى التي ترفع راسها كثيرا عن مستوى الارض.
لا شك ان لمثل هذه المخاوف المتعلقة بالارتفاع اسباب جوهرية عميقة الجذور, فخوفي من كل شيء مرتفع عن مستواه يعود الى الجينات الوراثية التي ورثتها دون ذنب يذكر من جدي رحمه الله, فقد سمعتُ عن جدي انه كان لديه صفة الخوف من الارتفاع وكان يصعب التخلص من هذا النوع من الخوف, وعند البحث والتقصي تبين لي ان اسباب صفة الخوف السائدة من الارتفاع عند جدي كانت تتمثل من خوفه من الاشياء المرتفعة الموجودة من حوله وفي بيئته ومن حياته اليومية, فقد روي عنه انه كان يخاف اشد الخوف من عدم تحصيل الثمار المرتفعة على الشجر في بستانه الجميل, وكان يخاف من قراءة الارقام المرتفعة في مذكرات ضرائب ورسوم ارضه الزراعية, وكان يخاف من الغيوم المرتفعة والتي تمر بسرعة دون مطر, وكان يخاف من عيون ومخالب النسور والصقور الهاوية ارضا من اعالي المرتفعات.
هذه الايام وقبل حلول شهر رمضان المبارك يطلُ علينا كبار التّجار المتأهبين ليخيفونا بـ(ارتفاع) اسعار السلع التموينية في بداية شهر رمضان المبارك, وتطلُ علينا دائرة الافتاء العامة التي نحترمها ونجلها لتبشرنا بـ(ارتفاع) عدد ركعات صلاة التراويح الى عشرين ركعة في شهر رمضان المبارك والذي سيحل علينا ضيفا بعد ايام قليلة قادمة, ويطلُ علينا الاطباء المختصون اصحاب البوردات الامريكية ليخيفونا بـ(ارتفاع) ضغط الدم عندنا في شهر رمضان, وتبقى الاسئلة هنا قائمة: هل الاسعار عندنا ترتفع فقط مع قدوم شهر رمضان المبارك ام ان ارتفاعها على مدار العام؟ وهل ضغطنا يرتفع فقط مع قدوم شهر رمضان المبارك ام اننا في حالة ارتفاع ضغط مستمر, ثم لماذا هذه الفتوة الرمضانية المبكرة حول (ارتفاع) عدد ركعات صلاة التراويح هذا العام, مع العلم ان السؤال حول كم عدد ركعات صلاة التراويح يتكرر كل عام؟
كان, وكان فعل ماضي ناقص يستقبل الناس شهر رمضان المبارك بكل اريحية وبكل يسر ورخاء,..نعم كان الناس يستقبلوا شهر رمضان المبارك بكل راحة واطمئنان ولا يسمعوا بكلمة (ارتفاع) الا في درجات الحرارة في شهر آب, فمثلا كانت العمة ام العبد تستقبل شهر رمضان المبارك بطمأنة افراد اسرتها بان المونة في متناول اليد وموجودة في «النملية» طيلة شهر رمضان المبارك, قائلة كل شيء موجود في «النملية» حتى قمر الدين الشامي,..اما اليوم فنجد التاجر ابو خالد يُحذر, والطبيب ابو احمد يُحذر, والمفتي ابو ماجد يفتي, ونجد اليوم ان ابو ناصر يهدد, ونجد ان ام محمود تتوعد, كل هؤلاء يدّعوا ان هناك ارتفاع قادم,..انه الخوف الاكبر, انه الخوف المختبئ فينا من كل جهة وصوب, ولا يمكن لنا باي شكل من الاشكال ان نبرره حتى بالجينات الوراثية التي عمل عليها صاحبنا الشهير العالم النمساوي «مندل».








طباعة
  • المشاهدات: 12531
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم