23-05-2018 02:33 PM
بقلم : النائب السابق خلود خطاطبة
الحكومة لم تحاور احدا قبل أن تقر قانون الضريبة المعدل، وحقيقة لم تأخذ سوى ببعض الملاحظات غير الهامة التي تخدم قطاعات معينة لكنها لا تخدم المواطن، وواضح تماما أنها لن تستمع الى اي احد كما هو واضح على تعابير وزير المالية عمر ملحس عندما يناقشه احد، فالحكومة تريد ان تتكلم ولا تريد ان تسمع احدا.
بغض النظر عن التشظي والتحلل الذي تعاني منه حكومة الدكتور هاني الملقي الان، الا ان جميع أركان الحكومة متفقة حاليا على هدف واحد وحيد لا يوجد غيره وهو تمرير قانون الضريبة، بعدها لن يتبقى للحكومة عمل، وتكون كفت ووفت في ملفاتها التي ضربت الحياة المعيشية للمواطن في مقتل وحطمت ما تبقى من الطبقة الوسطى.
بعد ان فقدت النقابات ومؤسسات المجتمع المدني وقطاع الاعمال والتجار والشعب من "أعداء القانون" بحسب توصيف وزير الدولة لشؤون الاعلام محمد المومني، الأمل بان تتراجع الحكومة عن مثل هذا القانون الذي سيفتك بمختلف القطاعات التي تعاني أصلا، فإنني بصراحة أضع أملي بمجلس النواب رغم عدم مراهنة شريحة واسعة من المواطنين على ما أراهن عليه.
وبغض النظر عما يقال في الشارع، بان المجلس سيمرر القانون كما هو، الا انني اجد صعوبة في قبول أعضاء كثر بمجلس النواب بالقانون كون بنوده غير قابلة للتطبيق على مواطنين تآكلت دخولهم في السنوات الأخيرة، وانه سيطال شريحة جيدة من الموظفين العاملين في القطاع العام، وهي الشريحة التي تنظر الى تحسين دخلها، لا الاقتطاع منه.
اللجنة المالية في مجلس النواب يجب ان لا تنظر هذه المرة في بنود القانون وتترجمها أرقاما كما يفعل وزير المالية ووزارته، وانما هي في الأصل لجنة ممثلة للشعب وكل ما يصدر عنها من الضروري ان يكون انعكاس لرأي المواطنين بهذا القانون المجحف والجائر، فكيف يمكن ان يقبل ممثلو الشعب قانونا هدفه فقط الاقتطاع من رواتب الموظفين ودفع الشركات والمؤسسات والبنوك الى تعويض أرباحها مما تبقى من تلك الرواتب.
وللأسف، تبريرات النواب لقواعدهم الشعبية في حال اقرار القانون، ستكون صعبة جدا هذه المرة، ذلك انه قانون لا يمكن الجدال فيه بانه قانون "جبائي" بامتياز ليس للمواطن اي مصلحة فيه، ناهيك عن ان المواطن مقتنع حاليا بانه اصبح وحيدا امام القرارات الحكومية المتواصلة التي انهكته، ويتطلع لوجود حائط صد يمكن ان يدفع عنه هذا الوبال، وهي فرصة مجلس النواب.
بالضرورة ستقوم اللجنة المالية النيابية بفتح حوار حول القانون مع المعنيين كافة من صناعيين وتجار ونقابيين ومصرفيين ومواطنين رغم انهم جميعا ضد القانون من المبدأ، وهي مطالبة بعد الحوار بالأخذ بملاحظاتهم خاصة ما يتعلق بتعديل الشرائح، ذلك ان حجم الرفض للقانون يدلل بشكل قاطع على الأثار السيئة التي يمكن أن يخلفها على جميع القطاعات في الدولة، ما عدا دائرة الموازنة الحكومة.
المواطن الأردني في الظروف الاقتصادية الحالية، غير مستعد نهائيا لسماع أي مبرر يمكن ان يزيد من صعوبة معيشته، ومنها ما يسوقه مسؤولون حكوميون لتبرير اصدار القانون، لانه يرى بان ما يحصل من انتكاسة لمعيشته أساسه وبشكل رئيس يعود الى سوء الادارات الحكومية المتعاقبة وعدم محاربة الفساد بشكل جاد، وهو غير مستعد لسماع اية تبريرات نيابية مهما كانت، ولا ينتظر موقفا من اي نائب سوى التصويت برفض القانون او تمريره مع الغاء التعديل الحكومي على الشرائح الضريبية والابقاء على الاعفاءات التعليمية والصحية.
سيدرج قانون الضريبة المعدل على جدول اعمال الدورة الاستثنائية المتوقعة بعد شهر الرحمة، وسيعطي قرار اللجنة المالية بخصوص القانون مؤشرا على طبيعة القرار الذي يمكن ان يتخذه مجلس النواب، لذلك فان نقاشات اللجنة ولقاءاتها وقراراتها ستكون المحطة الأولى التي يرتكز اليها الاعلام والشعب لمراقبة أداء ممثليه تجاه هذا القانون المرفوض، فهل نراهن على مجلس النواب؟.