حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8689

نقنقة «فرخة» افضل من صيحة «ديك»

نقنقة «فرخة» افضل من صيحة «ديك»

نقنقة «فرخة» افضل من صيحة «ديك»

23-05-2018 02:48 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ.د رشيد عبّاس
هويتي انني فرخة بيضاء وابي ديك صيّاح فقدته عندما كنت صوصا (كتكوتا) صغيرا في احد الاقنية, حُرمتُ منذُ الصغر من حروف اللغة عدا حرفين هما النون والقاف لأتمكن من (النقنقة) فقط,..قبل ان اعلن عن اسباب نقنقتي على بني البشر, اود البوح لكم بسر قديم جدا كنت قد اخفيته عنكم سابقا وهو يتعلق بعدم رغبتي بالطيران في الجّو فقد كان ذلك ليس بسبب أنّ طول أجنحتي لا تتناسب مع كتلة جسمي وانما يتعلق بحبي العميق لبني البشر ولرغبتي المعروفة بالقرب من سطح الارض, لكن بني البشر للأسف الشديد استغل ذلك كل الاستغلال وبدأ يتمادى ويتطاول على الطبيعة وعلى اضعف الطيور واكثرها براءة وبساطة واستسلام ألا وهي «الفراخ».
نقنقتي هذا اليوم اصالة عن نفسي ونيابة عن جميع الديوك وعن جميع الفراخ وعن جميع الكتاكيت «الصيصان», الصغيرة وعن جميع الدجاج على هذه المعمورة,..نقنقتي هنا تتعلق بطريقة وضعهم لي في (بركسات) غير آمنة تتسع لملايين الفراخ تلك البركسات تنعدم فيها حرية الحركة والتنقل للبحث عن الاكل والشراب, وهناك يضعوني في اقفاص حديدية تشبه اقفاص الاتهام في السجون دون خطأ او ذنب, وغيري من الطيور تحّلق في السماء فوق الحقول الخضراء الواسعة وفوق مسطّحات المياه العذبة, غيري من الطيور يلتقط انقى الحبوب واجودها وانا اتناول مركبات كيميائية لا اعرف بالضبط عناصرها او بالأحرى غير مسموح لي على الاطلاق معرفة عناصرها او كيف يتم خلطها وتركيبها.
نقنقتي جاءت بعد ان طفح الكيل ولم يبقى للصبر شيء, فقد اصبحتُ عارية الصدر وعارية الساق على جميع اطباق البشر, ولا استطيع الهروب فانا بلا اجنحة وبلا ارجل على تلك الاطباق,..وتارة يهبط عندي السكر وتارة يرتفع عندي الضغط, كيف لا وانا في طناجر الضغط في مطابخ السيدات اكتم انفاسي,..انا لا اعرف ابي ولا اعرف امي كي يمنحوني شيء من العطف والحنان انا ابنة (الفقّاسات) الكهربائية, حتى في مرضي لا استطيع القول (اخ) فكل اخوتي موزعين على الاقفاص او على موائد الوساطات والمصالح الضيقة, وبعض صديقاتي من «الفراخ» تدور على شوّايات المطاعم ليل نهار, ومع ذلك يبتسمُ البعض ساخرا حين يقول امس اكلتُ منسف على الفراخ, لقد دارت الايام واصبحت اتقلب على جمر الفحم, ويطلبني البعض باسم فراخ على الفحم.
واكثر من ذلك فقد تلاعبوا بأسعاري, فلم يعد لي بالأسواق سعر ثابت, وللأسف الشديد لم يحترموا اي شيء فيّ حتى كبري لم يُحترم, ففي كبري وبعد ان اتوقف عن انتاج البيض يضعوني في اقفاص صغيرة ليتم بيعي بـ(الحبة), الحبة بدينار او ربما اقل,..لقد طحنوا وسحقوا عظامي وصنعوا من عظامي (شوربة ماجي) لتجويد الاطعمة والمذاقات لدى البشر, ومع كل ذلك لم اسلم من ألسنة البشر, فيدعي البعض ان شوربة الماجي تتسبب بكثير من المتاعب المتعلقة بصحة البشر, وهنا أطالبهم بازلة صورتي الجميلة من على مكعبات (مرقة الدجاج), فانا لم اسمح لهم بوضع مثل هذه الصورة عليها, في الوقت الذي كذبوا على لساني بعبارة تنزيلات حقيقية على (مرقة الدجاج) تصل الى 20% وفي الخفاء باعوها بالسعر العادي.
لقد بلغ بني البشر شوطا كبيرا في نزع ريشي عن جلدي من خلال (نتّافات الريش) الاوتوماتيكية بعد ان كنت «فرخة» صغيرة محتشمة مستورة في اقنية الدجاج, نعم خرجتُ من تلك النتّافات عارية العورة خجولة ومع ذلك قلتُ صبرا آل «فرخة», فانا من النوع الوطني, اعرف حدودي, ولا ابوح بأسرار البيت الذي اسكن فيه (قن الدجاج), نعم اعرف ما هو لي واعرف ما هو عليّ,..ولكم ان تتصورا ان أخر محطة اكرمني بها بني البشر هي اكلي حتى النخاع مع قراءة بعض الادعية الرمضانية على روحي الطاهرة لأكون سببا له في دخول الجنة,..بقي ان نقول نقنقة «فرخة» افضل بكثير من صيحة «ديك».








طباعة
  • المشاهدات: 8689
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم