28-05-2018 03:51 AM
سرايا - جلالة الملك عبدالله الثاني يوجّه الحكومة أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة الى ضرورة تنفيذ خدمات يستطيع المواطن ان يلمسها على أرض الواقع، وان يشهد تحسنا فيها، وليس الاكتفاء بالاعلان عن خطط مستقبلية عبر تقارير وأرقام تنتقل وتورث الى حكومة لاحقة دون ان تنعكس هذه الأرقام والتقارير عمليا على المواطن الاردني.
بعد ملف شبكة النقل والمواصلات الذي عجزت كل الحكومات عن تحقيق تقدم فيه يلمسه المواطن الاردني، تأتي التوجيهات الملكية للحكومة بالعمل على أن يلمس الاردني والاردنية تحسنا في الخدمات الطبية المقدمة لهم، وذلك خلال زيارة مفاجئة قام بها أمس الى مستشفى البشير الذي أسس قبل نحو سبعين عاما.
المواطن الاردني لم يلمس حتى الان تحسنا في ملف النقل، ولم يشهد تحسنا واضحا في ملف الخدمات العلاجية، لان اي حكومة لم تحقق قفزات نوعية، فليس لدينا حكومات تواجه التحديات، أو حكومات ابداعية، او حكومات برامجية اقتصادية حقيقية ترقى الى مستوى ما يطمح القصر لتحقيقه للمواطن البسيط.
عندما يتحدث جلالته عن تحسين نوعية الخدمات الطبية، فإنه يؤشر الى ان 70 عاما من عمر المستشفى كانت كفيلة بوضعه على رأس المستشفيات في الاردن، لكن للأسف فان الواقع يقول بغير ذلك، فشكاوى المراجعين من خدمات مستشفى البشير متواصلة، ولم تتمكن حكومة من احداث نقلة نوعية في خدماته بحجة استقباله لاعداد كبيرة من المراجعين، وهي حجة واهية تتحملها الحكومة أصلا.
وعندما يوجه جلالته بأن يلمس «كل اردني وأردنية» تحسنا في الخدمات العلاجية، فهذا يعني بالضرورة توجيه الحكومة الى العدالة بتقديم العلاج وان يأخذ كل مواطن حقه حتى آخر حبة دواء يتطلبها مرضه، لكن ما يحصل ان قامت الحكومة بحرمان شريحة واسعة من العلاج في مركز الحسين للسرطان، في حين أن غيرهم يتلقون العلاج في ذات المركز، وعلى نفقة الحكومة.
لم تستطع الحكومة اقناع المواطن بقرارها الاخير بحرمانه من العلاج في مستشفى الحسين للسرطان، الا من رحم ربي، ذلك ان مستوى الخدمات العلاجية المقدم في مستشفيات وزارة الصحة ومنها مستشفى البشير لا يقارن نهائيا مع الخدمات العلاجية في المركز وخاصة عندما يتعلق الأمر بمرض السرطان، وكان على الحكومة قبل اتخاذ قرارها ان تهيىء مستشفياتها لاستقبال هذه الحالات ليشعر المواطن بأن العلاج المقدم له أو لغيره هو ذات العلاج في اي مكان.
بصراحة جميع الخدمات الطبية المقدمة في مستشفيات وزارة الصحة هي واحدة، وحتى مع انشاء اي مستشفى حكومي جديد فانه لا يختلف عن غيره، فعقلية الادارة واحدة، لذلك فإن مستشفيات وزارة الصحة كلها «البشير».
للمال دور رئيس في تحسين الخدمات الطبية والعلاجية في الاردن، وهو عائق بلا شك، لكن الادارة وحسنها لها دور ايضا في تجاوز عقبات كثيرة يمكن ان تواجه القطاع الطبي، وخير دليل على ذلك مركز الحسين للسرطان الذي يدار بتبرعات الخيرين ممن يرون بأنه يستحق كل قرش يدفع له لانه لم يتراجع قيد أنملة بخدماته وابتسامة موظفيه منذ تأسيسه وانما يمشي كل يوم خطوة الى الأمام.