حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13712

عيد حب سعيد

عيد حب سعيد

عيد حب سعيد

13-02-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى...

وليت الغضى ماشى الركاب لياليا.

خليلاي ، ان لم تبكياني ألتمس...

خليلا اذا أنزفت دمعي بكا ليا.

فأن تمنعوا   ليلى وتحموا بلادها...

علي فلن تمنعوا القوافيا.

لعمري لقد أبكيتني   يا حمامة العقيق وأبكيت العيون البواكيا.

ألا يا حمامي بطن ( عمان ) هجتما علي الهوى لما تغنيتما ليا.

وأبكيتماني وسط صحبي ، ولم أكن أبالي دموع العين لو كنت خاليا....

 

اليوم عيد الحب ، وها أنا قد أنتهيت من رعاية المزروعات وسقايتهن ، وأطمأننت على افطار الأبقار والأغنام ، وكنت قد فاجأت عمال المزرعة هذا الصباح باهدائهم وردة وعلبة شوكليت لكل منهن ، يا الله لمنظر السعادة التي بدت على وجوههم ، لقد أشرقوا كشمس هذا الصباح ، الدافئة ،الحنونة والوديعة...

 

في الطريق للبيت في أعلى المزرعة ، مررت على حقل الورود ، أخترت الزهري والأحمر ، صنعت باقة كبيرة ، وأوسطتها بواحدة بيضاء ، فأنا في هذا اليوم ، صاعق كحمرة جهنم ،زوربا العربي ، متلهف للحب والسعادة  ، وفي قلبي حنان لمن أحب ودفء واشتياق ، وكل الحب....

 

ليلى ،ناديت ، وكنت قد  فاجأتها بحضوري ، وفاجأتني بطلتها الجميلة ، اقتربت ، كنت وكأني أراها للمرة الأولى ، قلت لها : لا يعقل كم أنت جميلة هذا الصباح ، يا للونك الخمري ، يا له كم يوجع قلبي ، ونظرت للعينين ، وبهما كنت قد غبت ،أنا أتلاشى يا رفاقي في عيني ليلى وأنصهر، قد لا تصدقون ، الا أني مظطر لأخباركم عن عيني ليلى ،مظطر ، لعلكم تصدقون...

 

تخيل  أنك متهاد في هذا الكون وحيث لا جاذبية وحيث يتقاذفك الفراغ ، هنا ترتطم بصخور المريخ ،هناك ، يردك زحل بضربة قاسية ، وتمر جنب الأقمار فتضربك ، جنب الكواكب فتوجعك ... جنب الشموس فتحرقك ، وتأتيك النيازك ، مرة على جبينك ، مرة في الكتف ، وتتهادى من مجرة لأخرى ،قشة في كون كله ضدك ، ومعذب أنت ... خائف ومرعوب ، متألم وموجوع ، ورأسك كالمخمور ، كالمعتكف لسنين في غرز الحشيشه ...وفجأه ، تخف حركتك ، وتحس أن يدا خفية تحملك ، وتبدأ بالهدوء ، يبدأ قلبك احساسه بالأمان ، وتشعر أن جسدك قد لامس الأرض ، لا بل قد استقر ، و تبدأ تفتح عينيك ،لا تصدق ،أهي الجنة..؟!  أرض خضراء يشقها نهر أزرق هادئ وعظيم ، مروج من الورد الأصفر ، عصافير بكل الألوان ، طيور ،حيوانات أليفة ، أرانب وغزلان ، تخيل كم ستدهش ، تخيل...كيف تصدق؟؟ ، كل الرعب الذي كان ، وأنت الآن ؟!...هل تتخيل مدى الدهشة ، الحبور والوجد والنشوة ، الهدوء العميق والسرور ، هل تتخيل كم من وجدها محلقة في الحظ هي الروح....؟!!!!!!!!

 

 

كل هذا ينتابني ، اذ أحدقك لعيني ليلى ،كل هذا يأسرني ...فليلى ، ربما هي أغنيتي الجميلة ،قضيتي الكبرى، منيتي ، زورقي ورحلتي ، هي ، ابتسام القلب الذي أعياه الصديد ، هي عودة القيثارة للعزف ، عودة الحصان للصهيل ،هي حين أرى نفسي كبيرا ويعود الله في داخلي أكبر...وهي ،التي   وبدون الخمر تدور رأسي نشوة ، وأسكر ،لا بل هي ربما أكثر وأكثر .....

 

وأنا ، لا أذكر معنى للحياة بلا ليلى ، فقط ربما في اللاوعي عندي ، خلفية غامقة السواد ، كريهة مزدراة ، هي أيامي من قبل ليلى ..وهي ، بالنسبة لي ، آخر قطرة ماء في هذا العالم ، آخر أكسجينه ، هي ، ثورتي وتمردي وألقي ، هي رفضي لكل ما هو ليس بمستواها ، وهي الراقية ، المعلمة المثقفة... زماني الأبدي ، حضارتي العظيمة ، وانتصاري الكبير....

 

فأعذروا حبي هذا المقيم العظيم....

أعذرو نحولي ، فمن يحب ليلى ، ينذوي كل شيئ فية سوى القلب والحلم والرغبة باختراق المستحيل....

 

قلت لها أني أود أن يكون هذا يوم من أيام الحياة ، يوم للحب والرقص والغناء ، أنا لن أرتضي أن يكون يومنا هذا أقل من يوم عاشقان يلتقيان بعد طول غياب ، فتبتسم غاليتي ....ويا ويح قلبي حين   ليلى تبتسم....

 

اليوم عيد الحب ، ويبدو لي أنه حق طبيعي للأنسان أن يحب ،على الأقل أن يغمض عينيه ويتخيل الحب كما كنت أفعل في الفقرات السابقة ، حق طبيعي له لكي يضمن افتتاح صفحة جديدة في حياته ، كي يلوي ذراع أقداره البائسة ويلجم متاعبة ويلقي بها جميعا خلف ظهرة بعيدا في اللامنتهى ...

 

أظن أن الحب أولوية في الحياة ، رأس هرم سلم الأحتياجات ، التجربة الوجودية الأعمق ، تلك التي تنقلة من مجرد ولد ، وتجعل منه فارسا يملأ الدنيا جنون وصخب وصرخات....

 

هو الولادة الجديدة بالتأكيد ، هو أن تقف أمام المرآة لساعات ، وادا أن تعدل حتى الذي يصعب تعديلة ،وأن تنزوي في سريرك لساعات ، تحدق في الذي لا تراه ، وتصنع من وحدتك ، أجمل اللحظات....

 

الحب ، هو مثلا ان تكون مرهقا من يوم عمل طويل ، وأن تكون مثلا في اجتماع أو محاضرة ، فجأة ترى شخصا كأنك كنت منذ الأزل في انتظارة ، فيأسرك ، تتلاقى عيناكما ، قتلتصق فيك تلك النظرة للأبد ، يخاطبك الجميع وأنت غير آبه ، يسألونك ما بك ، فترد أنك لا تدري ، بعد قليل تغادر ، لكنك لست وحدك ، يا الهي ، تسأل نفسك أنها كيف رافقتك ؟! ،لكنك وحيد ، انما لست بوحيد ، و تبدأ بالأضطراب ، وقلبك يخفق ، فيك خوف ، فيك ضعف ،وحيرة ، وبلاهة ، فيك كل الضياع...

 وتسير في الشوارع ، وها انت تغادر الشميساني ،وقد نسيت سيارتك هناك ، وتسير .... في الجاردنز تشرب من قهوة الشارع ، وتسير ، تدخن كثيرا ، لا تأبه بالمارة ، لا تلتفت لأصوات الباعة والسيارات ، وتسير ، تدخل الرابية ، نزولا الى وادي صقرة ، نزولا الى البلد ، تطلب الطعام والشاي ، الا أنك تغادر هاشم ولم تأكل ، وعلى غير هدى ،تكمل المسير، فجأة ، وكأنك لذاتك قد بدأت تعود ، تلتفت لساعتك ، يا الله انها الثالثة صباحا ، أين أنا ، من أين أتيت ، ولماذا أنا هنا بالذات ، ثم من هي ، ماذا فعلت بي ، ولماذا كل الذي جرى ، أقول لك ، لا تتعب نفسك بالسؤال ،أن القلب لا يسأل كيف هوى....!

 

 

في هذا اليوم ربما يأتيك أحدهم قائلا ، يا أخي هذه بدعة غربية وتقليد أعمى ووو...، بينما ربما هو في بيته يعامل زوجتة كجارية ، مجرد خادمة ، ربما يضربها ، ربما من كل شيئ يحرمها ، ومع هذا لا يملك الا هذا الموقف الذي عفى علية الزمن ، أنا أقول له ، لماذا لا نحب ؟! ان كان ذلك ضمن الشرعي والأخلاقي والرجولي ، فلماذا لا نحب ، أو بالأحرى ، لم لا نحتفي بالحب ، لم لا نعظم من شأن الجمال ، لم نرتض للأبد ، البقاء كائنات مرعوبة من كل ما هو انساني وفطري...ولماذا لا يعود الرجل اليوم الى بيته ، وهو لا يحمل في يدية الا وردة وقبلة وعهد بالحب والوفاء ، لماذا لا تعود السيدة   حاملة الورد والبسمة نضيرا عن التأفف والنزق ...ولماذا لا يكون هذا اليوم موعدا لأبتداء صفحة جديدة مع الألق والأمل والرغبة في تحطيم كل القيود....

 

 

زينب ، ابنة الرسول محمد (ص) ، أسلمت بينما زوجها لم يفعل ، في غزوة بدر ، يتم أسر زوجها – حبيبها ،فترسل زينب عقدا لها كان هديتها من السيدة خديجة لتفتديه ، فيقول الرسول لأصحابة ، هلا أطلقتم سراحه ...فيحرر الأسير ويرسل ذلك العقد معه وقولا لزينب ،( الا هذا يا زينب ) ، فيسلم الزوج ، بعد عام يموت ، وحين كان يمر الرسول نحو المقبرة ، يجد ابنته بجانب القبر ، فيحتضنها ، ويشاركها أحزانها ، بعد ثلاث سنين ، تلتحق بزوجها زينب ، حبا وفقدانا ووفاءا واشتياق....

 

 

ان كان للحب أصحاب فنحن العرب أحق الناس بهذه الصحبة....

ان كان للحب مكان ولادة ، فلا بد أنه قد ولد في بلاد العرب...

 

 

ربما تشوه المفهوم في بعض الأذهان ، ربما سرق الانحلال بعض المفردات الجميلة ، ربما أن السينما والفيديوكليب والدولار ، ربما كلها ساهمت في خرق الصورة الجميله ، الا أنني أفهم وأعي جيدا ، أن الحب ، حين يكون حقيقيا ونبيلا ، انما هو الدرع الواقي للنفس البشرية ، للروح ، وفي هذا الزمان المليئ بالعلل النفسية والاكتئاب ، يبدو لي الحب كطوق نجاة ، وما جالست أحدا ، رجلا أو امرأة ، الا وكان الحب ، محور حياتة ، ودرتة الجميلة تلك التي يهنأ في ظلالها ، أو تلك التي يعاني من غيابها أو يعاني في انتظار مجيئها.

 

ونحن أمة قدرنا في هذا الزمان أن يعمنا الابتلاء ، وأن تتقاذفنا بين أقدامها الأمم ، وأن نرضخ تحت احتلالات عدة واغتيالات ورعب وفساد وفقر وتخلف وقهر مقيم ثقيل ، وأني لا أرى الا الحب لذلك مخرجا ، حبنا لله ، ولأنفسنا ، ولأوطاننا ، حبنا للحرية والحق والأحلام   ، حبنا ، لساعة نستريح فيها بجانب من نحب ، أن نهنأ باللجوء اليه ،أو   لذكراه الجميلة ،أن نلجأ لصورته التي في البال ،لابتسامته الوديعة ، لنظرات عينيه ، وأن نستمد منه الكبرياء والقوة والرغبة بالحياة والعمل والنجاح ، والرغبة في القادم الأجمل ، في التحرير والنهضة والانتصار.

 

مني اليكم جميعا ، أمنية صادقة ، بأن   يملأ   الحب أيامكم ، وأن تعم شفاهكم ابتسامة الرضا ، وأن تغمر قلوبكم ، مشاعر العشق والنبل والصدق والوفاء......

 

 

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 13712
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-02-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم