06-06-2018 07:37 PM
سرايا -
خالد أبو الخير - قبل عقد من الزمان اقترفت بورتريه عن عمر الرزاز، تساءلت فيه: هل يشكل حكومة قادمة؟. كان ذلك قبل أن يحمل حتى لقب معالي، وختمت يومها بعبارة بـ"من يدري ماذا يكون عمر غداً؟".
مجيئه اليوم خلفاً لهاني الملقي في هذا الظرف، وبعد احتقان شاب الشارع الأردني، ليس وليد صدفة، فقد حقق الكثير خلال السنوات العشر التي انقضت، وختمها بما انجزه في حقيبة التعليم ، وحظي به باحترام المواطنين، طلاباً وولياء أمور، بعد ان وصف أكاديمون تلك الحقيبة بأنها مقتل لمن يستلمها.
الأفكار والاساليب الجديدة التي اختطها وابتكرها في التعليم، وأتت أكلها رغم التشكيك الذي طاله، تطرح السؤال اليوم: هل ينجح الرزاز في إحداث استدارة وتغيير في الاقتصاد؟.
إرثه كبير ، يفاخر به، لكن دأبه هو العمل والانجاز في الطريق المغاير الذي اختطه لنفسه.
أبوه منيف الرزاز المفكر القومي البارز صاحب كتاب «التجربة المرة»، وأحد آباء حزب «البعث» . شقيقه مؤنس، الأديب والروائي الذي كتب عدة روايات اشار فيها الى القبضة الحديدية لبعث العراق، وما بينهما يقع عمرالرزاز الاقتصادي اللامع الذي يجمع بين التوقد العقلي وعصارة الأدب.
تدرج منذ الطفولة في مدارج المأساة بمواصفاتها الإغريقية، مع نكهة عربية لا يخطئها القمع، متنقلا بين عمان ودمشق وبغداد وبيروت، ومعانيا هاجس فقدان الأب جراء اعتقاله أو اختفائه بحكم طبيعة العمل السري، وأخيراً موته المفاجئ وهو حبيس إقامة جبرية بأمر من الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
رأى عمرالنور في عمان عام 1961، وفي شوارع اللويبدة وحاراتها وبيت جده ومدرسة تراسنطة، حيث درس حتى الثانوية، وترك هناك أجمل ذكرياته ، من ضمنها حب أول ما زال أسير تلك الدروب.
في طفولته الباكرة كان سعيدا بوجود الوالد الى جواره، يداعبه ويقرأ له سطورا من قصص أمجاد العرب في غابر الأزمان، وأبرزها «سيف بن ذي يزن».. لم يكن يدرك أن أباه باق بجواره بحكم الضرورة، فقد كان رهن الإقامة الجبرية. «عندما كبرت أدركت أن أبي كان تحت ضغوط نفسية وسياسية هائلة وأن الإقامة الجبرية لم تكن إجازة وأن المنافي ليست سياحة».
كثيرون جادلوا بعد وفاة الأب ، أن الأخ مؤنس أخذ مكانه كـ "أب" بالنسبة لعمر، وربما كان في ذلك بعض الصواب،غير أن مخطوطة نادرة لمؤنس بخط اليد لم تنشر من قبل، تفصح عن العلاقة بين الشقيقين:
"لعب عمر دوراً عجائبيا في حياتي، لا دور الشقيق التقليدي، وانما دور الأب والابن معاً كيف؟ كان عمر في واحدة من تجليات علاقتنا عنصر المناعة الصلبة في عمودي الفقري. يصغرني بعشر سنوات، فهو بمنزلة ابني بهذا القياس، لكنه لعب دور الأب المسؤول عن ابنه الطائش غير المتزن "أنا" منذ وقت مبكر".
"كان شقيقي عمر- ابي وابني- نقيضي الذي يكملني، هو الأقرب لمزاج أبي وطبيعته. في كيميائه اعتدال وفي تركيبه توازن. ولعله كان يحسب مجازفاته بدقة، لم يعرفها أبي، ويسيطر على مغامراته بإحكام".
عن البوابه