12-06-2018 10:20 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
منذُ طفولتها القاسية جدا شعرت بشيء من الداخل يدفعها لان تكون انسانه إعلامية مرهفة الحس, وعرفت وهي تلميذة صغيرة ان الإعلام اذا ملكته امرأة بخصائص المرأة الطبيعية عرفت وقتها ان الاشياء سوف تتغير كثيرا للأفضل, وعرفت ان دخول مهنة الإعلام عن طريق الواسطة والوساطة لا يمكن ان يخدم المهنة ويعمل على نجاحها كما ينبغي, كيف لا وقد تشرّبت مهنة الإعلام من الكنوز والخصائص التي اودعها الله سبحانه وتعالى في المرأة, فكل امرأة في هذه الحياة هي بالتأكيد إعلامية اجتماعية بحد ذاتها قد كتب لها النجاح او الفشل منذ لحظة ولادتها الاولى.
حديثنا هنا عن الإعلامية الامريكية الشهيرة ذات الاصول الافريقية التي هزّت بكل جدارة عرش الإعلام, انها «أوبرا وينفري», ولدت الإعلامية الشهيرة «أوبرا وينفري» عام ١٩٥٨م بالولايات المتحدة، كان والدها يعمل حلاقا، وكانت والدتها تعمل كخادمة في البيوت, فتعلمت من والدها تهذيب الزوائد الاعلامية دون ازعاج الاخرين, وتعلمت من والدتها ترتيب عناصر الإعلام الاجتماعي بكل لطف واناقة, كانت تدير البرامج التلفزيونية بمهنية عالية..تحترم الصغير قبل الكبير, وتستمع للفقير قبل الغني, وترتفع مع الجاهل لتصل معه الى كمال المعرفة, نعم هزّت بكل جدارة عرش الإعلام بتقديرها لجميع طبائع المجتمع وطبقاته كالفلاحين والقرويين والمدنيين وتقديس معتقداتهم الفكرية, هذه الصفات وغيرها ما هي الا بعض من كل وقليل من كثير عن الإعلامية الانسانة «أوبرا وينفري».
بدأت حياتها المهنية كمراسلة لأحد قنوات الراديو وهي في عمر التاسعة عشر عاما، وفِي عام ١٩٨٢ كانت تشارك في تقديم الأخبار للتلفزيون المحلي في ماريلاند، وأعجب بها المسئولين بالقناة وطلبوا منها الحضور للقيام بتجربة طبخ وعلي الرغم من انها لا تعرف شيئا عن الطبخ إلا انها تخطت هذه التجربة بنجاح لقدرتها الدائمة علي مواجهة المواقف الجديدة وانقاذ الموقف, انقلبت حياتها رأسا علي عقب عام ١٩٨٩ بعد تقديمها أول حلقة من برنامجها التلفزيوني أوبرا وينفري شوا، البرنامج الذي قام بتسليط الاضواء علي القضايا الاجتماعية التي تهم المجتمع الأمريكي، استضافت «أوبرا وينفري» في هذا البرنامج علي مدار مواسمه أشهر نجوم المجتمع، حتي أن مرشحين الرئاسة كانوا يتسابقون للجلوس أمامها، بالطبع حتي يكتسبوا شهرة منها وعلي الرغم من شهرتها الكبيرة إلا انها اتخذت من آلام الإنسان هدفا نبيلا لبرنامجها الشهير, قصه حياه «أوبرا وينفري»، قصه من الفقر والشقاء إليّ الشهرة والابداع، فأوبرا صنعت من يأسها نجاحا يحتذي به دون واسطة او وساطة لدخول المهنة، لقد نجحت نجاحا باهرا في جميع برامجها الاذاعية والتلفزيونية العديدة لإنسانيتها العظيمة,..أمثالها يخلدهم التاريخ بحروف من ذهب.
بقي ان نقول: ربما يفتقر إعلامنا العربي للأسف الشديد الى مثل هذه النماذج الإعلامية المبدعة بسبب سوء الاختيار فقط, مع اعترافنا بوجود قلة قليلة هنا وهناك يحملن المواصفات الانسانية للإعلامية الشهيرة «أوبرا وينفري», لكننا بحاجة ماسة في إعلامنا العربي الى إعلاميات من امثال «أوبرا وينفري», حتى لو كن ببشرة سودا وشعر مجعّد طويل, وشفاه ورّدية ممتلئة, كما كانت عليه «أوبرا وينفري», كل ذلك لا يهمنا كثيرا, الذي يهمنا هو بالضبط ما وراء لون البشرة وما وراء طبيعة الشعر وما وراء نوع الشفاه الى غير ذلك.., وهو يا سادة يا كرام انسانية الاعلامية, اقول انسانية الإعلامية ليس الا, بعيدين كل البعد عن ما نعانيه من نفاق الإعلام في الشكل والمضمون,..والبقية عندكم.