12-06-2018 10:30 AM
بقلم : د. عادل محمد القطاونة
بات واضحاً للقاصي والداني، الايجابي والسلبي أن هنالك أزمة في الثقة ما بين المواطن والحكومة، وما بين المواطن والنواب، وبين ما هو مقبول ومجهول، موجود ومفقود، منطقي وهوائي في الطرح الحكومي وبين مؤيد ومهدد، منتقد ومعتقد، موافق ومعارض للقرارات الحكومية من تشريعات وتنظيمات، تعليمات واجراءات، تساءل البعض عن أحقية المواطن في الاضرابات والاعتصامات، في الانتقادات والاجتهادات للسياسات والاجراءات الحكومية !!
بعيداً عن لغة الأرقام والأقلام، التصريحات والاتهامات، المقابلات والاشاعات، وفي استعراض مختصر لواقع التحديات وحقيقة الامنيات؛ تحديات الوطن وأمنيات المواطن؛ فان تغير الفكر الحكومي بات أمراً ضرورياً، وتطوير الجسم الاعلامي أمراً حيوياً، ودعم الشباب أمراً حتمياً، حتى يشعر جميع ابناء الوطن بواقع عملي جديد ونهجٍ علمي مفيد.
ان استقرار القوانين الاقتصادية من الأهمية القصوى لاي استثمار محلي او خارجي، كما وأن اعادة النظر في قانون ضريبة الدخل، قانون ضريبة المبيعات، قانون الاستثمار، نظام الخدمة المدنية، الشراكة ما بين القطاع الخاص والعام، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية بات اليوم أمراً ضرورياً وفق خارطة طريق اقتصادية اجتماعية واضحة تسهم في زيادة التحصيلات الضريبية، وتطوير الادارة الضريبية، تحفيز البيئة الاستثمارية وتحسين الحياة المعيشية للمواطن، وصولاً لقانون ضريبي ابتكاري يجعل من المواطن شريكاً في وضع الضريبة لا طريداً في دفع الضريبة، قانوناً يكبح جماح التهرب عبر ابداع فكري يسمح في توسيع القاعدة الضريبية، وتعزيز الفكر الضريبي لدى المواطن وترسيخ الثقافة الضريبية كجزء من المكون الوطني الواحد الذي يدرك فيه ابناء الوطن حقوقهم وواجباتهم.
ان اعادة النظر في الهيكل الاداري والتنظيمي للوزارات والمؤسسات الحكومية، وما يرافق ذلك من مركبات وخدمات استثنائية للبعض ازعج المواطن البسيط، وعليه فان جسماً حكومياً رشيقاً يجعل من جميع الموظفين فريقاً حيوياً وفق اسس واضحة أساسها العمل والانجاز يعتبر تحولاً جذرياً في مفهوم العدالة والمكاشفة.
اعادة الهيكلة للجسم الحكومي يجب ان تسمح في دمج والغاء بعض الوزرات والمؤسسات الحكومية من أجل ضبط النفقات واعادة دفة الاداء الحكومي وليس أقل من ذلك الغاء وزارة تطوير القطاع العام، وزارة البيئة، ودمج وزارة الزراعة مع وزارة المياه، وتوزيع العاملين بشكل علمي منهجي لمؤسسات الدولة ليكون لهم دور حقيقي في بناء الدولة الاردنية.
من المهم جداً التفكير في قانون عصري للانتخاب وآخر للاحزاب وربطهما بشكل موضوعي، وصولاً لحكومات برلمانية مستقبلاً، يكون فيها رئيس الحكومة مطلباً شعبياً لا جهوياً يحكمه في كل ذلك مجلس نيابي قوي.
إن تقارير ديوان المحاسبة من الأهمية بمكان، ويجب ان يتم اعطائها حجمها الحقيقي ومتابعة كافة الملاحظات بشكل مستقل، واحالة من يثبت تورطه في سوء الاداء الحكومي او الاستغلال الوظيفي الى المحكمة وبشكل عاجل وحرفي، دون مجاملات او مزايدات.
ان اعادة النظر في نظام المركبات الحكومية بات مطلباً شعبياً، فتجارب الدول المتقدمة لا تميز بين مسؤول ومواطن، وعلى الرغم من عدم تأثيرها المباشر الا أن المركبات الحكومية ساهمت في اعطاء شعور تغولي للبعض على ابناء ومؤسسات الوطن.
إن تقديم خطة ودراسة جدوى مستعجلة لكل من قناة البحرين، القطار الكهربائي بين عمان والعقبة وعمان والزرقاء، وتحديث باصات النقل العام والاستفادة من الخبرات الانجليزية في هذا المضمار، حيث يسجل لبريطانيا أنها تضم افضل واقوى نظام نقل في العالم، مع اهمية طرح عطاءات دولية من أجل جذب استثمارات حقيقة قادرة على التمويل والتطوير.
في ظل سوق مفتوح وحر فان تحرير اسعار المحروقات بالكامل سيعمل على تشجيع التنافسية، وكسر الاحتكار لبعض الوكالات لمناطق محددة، حيث يعتبر مؤشر التنافسية في الاردن متواضعاً نظراً لسيطرة بعض اصحاب المصالح، وعدم فتح المجال امام صغار المستثمرين، بحيث يفتح المجال لتخفيض اسعار المحروقات في المحطات البعيدة في المحافظات، وفتح المجال امام حركة تجارية أكثر نشاطاً في المناطق الأقل نشاطاً.
بات من الأهمية بمكان وضع سعر سنوي ثابت لاسعار الكهرباء والمياه والمحروقات، يتم اعادة النظر به سنوياً وليس شهرياً، من أجل تحقيق نوع من الاستقرار في السوق ولتشجيع اصحاب القطاعات التجارية والصناعية والخدمية للعمل في بيئة أكثر استقراراً.
من أجل تحفيز المواطن والمستثمر في التوجه للمحافظات، اصبح من الواجب تخفيض أسعار الكهرباء والمياه والمحروقات في المحافظات الجنوبية والشرقية والشمالية بنسب مدروسة تسهم في جذب الاستثمار، وتعمل على اعادة بعض المواطنين للسكن في تلك المحافظات للاستفادة من انخفاض الاسعار وبما ينعكس على تخفيف العبء المروري والمعيشي في العاصمة عمان.
ان تغير النهج الحكومي، والعمل بشكل أكثر جدية وموضوعية، دقة وشفافية، والتحلي بروح المواطنة والمسؤولية، وتحسين لغة الاتصال والتواصل ما بين الحكومة والمواطن، والخروج من الفكر الكلاسيكي المبني على الهيكل البيروقراطي وصولاً لمسؤول ابتكاري يجعل من المواطن هدفاً والوطن غايةً.
أخيراً وليس آخراً، وفي غيض من فيض للاصلاحات والاقتراحات، ومع وجود بعض السلبيات وتعاظم التحديات فقد باتت المكاشفة والمواجهة الحكيمة بين المواطن والمسؤول هي الحل الأمثل، فمن حق المواطن ان يعلم عن حجم التحديات السياسية والاقتصادية باسلوب علمي حواري، ومن حق المواطن ان يعلم عن مستقبله ومستقبل ابناءه تعليمياً وصحياً ومعيشياً، وان لا يكون عرضة لقرارات المفاجأة وفق رؤية شمولية لكافة الامور والجوانب تسمح في انشاء مصفوفة فكرية ابعادها اقتصادية اجتماعية ضمن اطار سياسي يسمح في وطن أجمل لمواطن أمثل.