حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,25 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 23792

وجهة نظر قانونية وسياسية من رفض المملكة استقبال لاجئين سورين جدد

وجهة نظر قانونية وسياسية من رفض المملكة استقبال لاجئين سورين جدد

وجهة نظر قانونية وسياسية من رفض المملكة استقبال لاجئين سورين جدد

28-06-2018 09:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي معتصم احمد بن طريف
اعلنت الحكومة الاردنية عن نيتها بعدم استقبال أي لاجئين سورين جدد ، هذه الخطوة اعتبرت من البعض بأنها خطوة غير انسانية ، والبعض اعتبارها بأنها خطوة بالاتجاه الصحيح وقرار صائب من قبل الحكومة و اعتبرها من وجهة نظري انها انتصارا للسياسية الاردنية الخارجية في ادارة ملف اللاجئين ، الذي للآسف ومع - احترامي - لمن تولوا ادارة هذا الملف في الحكومات السابقة لم يكونوا موافقين بإدارة هذا الملف في كل جوانبه وان كانت هناك نجاحات في كثيرة تم تحقيها في هذا الملف ، واهم هذه النجاحات النجاح في ادارة الجانب الانساني اما باقي الجوانب فلم تكن ادارتها على سوية جيدة وخاصة من الجانب القانوني والسياسي ، فعند دخول اللاجئ الحدود بموافقة الدولة المستضيفة فان ذلك يرتب على دول الاستضافة تبعات لخدمة هذا اللاجئ ، وهي الالتزام بمعايير الحماية الأساسية التى تعتبر جزءاً من القانون الدولي العام .
اذاُ هل خالف الاردن الاتفاقيات الدولية في رفضه استقبال لاجئين سورين جدد او غيرهم ؟ للإجابة على هذا السؤال بنعم او لا لابد من التعرف على النصوص والأحكام القانونية التي تتعلق باللاجئين وبحقوقهم ، كما وردت في قانون اللاجئين ، وقانون حقوق الإنسان ، والقانون الدولي الإنساني ، ومن هي الفئات المستهدفة والمستفيدة من قوانين اللاجئين ، ومعرفة محتوى العلاقة بين اللاجئين والدول المضيفة ، من حيث الحقوق والالتزامات المتبادلة ، وتناول تداعيات تسييس مشكلات اللاجئين ، وبالعودة الى اول اتفاقية تنظم شؤون اللاجئين وهي اتفاقية اللاجئين لعام 1951 التي كانت مقصورة على لاجئي أوروبا بحكم أنهم كانوا المشكلة الأكبر التي نجمت عن الحرب العالمية الثانية ،فهذه الاتفاقية نظمت الامور التي تخص اللاجئين داخل اوربا فقط ، ومع ازدياد حالات اللجوء التي طالت لاحقًا ملايين من اللاجئين في بقاع أخرى من العالم ، استوجب ضرورة تدارك القصور في اتفاقية 1951 ، من خلال اعتماد بروتوكول ملحق بالاتفاقية عام 1967 ، وأزال الحدود الجغرافية والزمنية الواردة في الاتفاقية الأصلية ، وأمتدَّ مظلة نظام الحماية الدولية ليشمل جميع اللاجئين في العالم ، وهي أول اتفاقية دولية تعترف بالنطاق الدولي لأزمات اللاجئين وضرورة توافر تعاون دولي ومن ذلك اقتسام الأعباء بين الدول ، ولكن الاتفاقية لم تستهدف معالجة الأسباب الجذرية لمشكلات اللاجئين ، بل التخفيف من نتائجها وذلك عن طريق إتاحة درجة من الحماية القانونية الدولية ، وقد وقعت على هذه الاتفاقية 141 دولة في العالم وحوالي 43 دولة لم تقم بالتوقيع على هذه الاتفاقية ، بالرغم من الاردن يعتبر من اكثر دول العالم استقبالا للاجئين بالنسبة لمساحته آلا انه من الدول الغير الموقعة على اتفاقية جنيف للعام 1951 وهو بالتالي غير ملزم بتطبيقها ، ولكن عدم التوقيع لا يعفي الاردن بحسب القانون الدولي من الالتزام بمعايير الحماية الأساسية التى تعتبر جزءاً من القانون الدولي العام.
ومع ذلك فان المملكة الاردنية رغم عدم توقعيها على اتفاقية اللاجئين تجاوزت في تقديم التزمت وواجبات مفروضة على الدول الموقعة تقديمها وتأمين متطلبات للاجئين ومنها على سبيل ما يلي :
– تأمين التعليم الأولي لأولاد اللاجئين ومتابعة الدراسة والاعتراف لهم بالشهادات والدرجات العلمية الممنوحة لهم ، والإعفاء من الرسوم والتكاليف وتقديم المنح المدرسية.
– حرية ممارسة اللاجئين لشعائرهم الدينية وحرية توفير التربية الدينية لأولادهم.
– منح اللاجئين المقيمين بصورة نظامية الحق في السكن.
– تأمين الإغاثة والمساعدة العامة.
– حق التقاضي أمام المحاكم وفقاً للقانون.
– حق ممارسة العمل المأجور وفقاً للقوانين المرعية الإجراء
– اتخاذ تدابير لمساواة حقوق جميع اللاجئين بحقوق مواطني الدولة من حيث العمل المأجور.
– منح اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في الدولة الحق بممارستهم عملا لحسابهم الخاص في الزراعة والصناعة والحرف اليدوية والتجارة ، وكذلك في إنشاء شركات تجارية وصناعية
– منح اللاجئين حق اختيار محل إقامتهم والتنقل الحر ضمن أراضيها ، على أن يكون ذلك رهنا بأية أنظمة تنطبق علي الأجانب عامة في نفس الظروف.
– إصدار بطاقة هوية شخصية لكل لاجئ موجود في إقليمها لا يملك وثيقة سفر صالحة.
– إصدار وثائق سفر لتمكين اللاجئين من السفر إلي خارج إقليم الدولة.
– لا يجوز للدولة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية.
وهكذا مارس اللاجئين بعض هذه الحقوق وغيرها في حياتهم اليومية ، ومع العلم بأن الاردن غير ملزم بتنفيذ هذه الالتزامات كونه من الدول الغير موقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 او برتوكولاها اللحق لعام 1967 ، ولحل اشكالية عدم التوقيع على اتفاقية اللجوء فقد وقع الاردن مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 1998 والتي نصت في المادة 5 منها : ان منح اللجوء هو عمل انساني وسلمي في المقام الاول ، وعليه اتفق الطرفان على ضمان معاملة ملتمسي اللجوء واللاجئين وفق المعايير الدولية المعترف بها وإعطاء اللاجئ مركزاً قانونياً وفقاً للآتي:
( يقوم مكتب المفوضية بالعمل على ايجاد حل دائم للاجئ المعترف به اما بالعودة الطوعية لبلده الام او بإعادة توطينه في بلد ثالث على ان لا تزيد الاقامة المؤقتة عن ستة اشهر) واستمرت المملكة الاردنية في اظهار كرمها من استقبال للاجئين امام اعين العالم ، الذي تخاذل الكثير من الدول المانحة عن الالتزام بما تم الاتفاق عليه من حقوق تجاه الاردن ، مما استوجب على الحكومات السابقة التي تولت ملف اللاجئين السورين ان تتخذ قرار وقف استقبال اللاجئين وذلك لوضع المجتمع الدولي امام استحقاقاته وان الاردن يفرض شروطه لاستقبال اللاجئين ، وضمن الاتفاقيات والقوانين الدولية الناظمة لحقوق اللاجئين .
ورغم كل ذلك بقي الاردن مراهنا على المساعدات الدولية التي ربما تقدم له في تحمل هذا العبء وكثفت المملكة جهودها الدولية للعمل بهذا الاتجاه من خلال مخاطبة الامم المتحدة والمجتمع الدولي وعقدت عدة اجتماعات لمساعدة الاردن في تحمل عبئ هذا اللجوء مثل المؤتمر الدولي الرابع للمانحين المعنيين بملف اللجوء السوري المعقود في لندن والذي تقدم الاردن فيها بوثيقة تتضمن أسلوبا مبتكرا في التعامل مع 1.3 مليون سوري على أراضيه ، عبر منح بعضهم حق العمل في مهن مختارة ، وتحسين البنى التحتية ، ورفع سوية خدمات الصحة والتعليم ، مقابل نيل 8.13 مليار دولار على شكل منح وقروض ميسرة بين 2016 و 2018 ، وعلى ان تقوم المملكة بالتعهد بميثاق أو عقد دولي ينطوي على ضمانات ستوفرها المملكة "لتحويل مأساة اللجوء إلى فرصة لتنمية حقيقية لهم وللمجتمعات التي تستضيفهم ، مقابل سلسلة مكاسب متبادلة ، وهكذا تنقذ المملكة موازنتها المثقلة بالديون من دون الحاجة الى اتخاذ إجراءات اقتصادية لها تبعات سياسية ، كما تُشعر شعبها بأن المانحين يقفون إلى جانبه وليس فقط إلى جانب السوريين ، وتضع المجتمع الدولي امام استحقاقاتهم وتضع لديهم الثقة بان الحل قائم .
و مع ذلك لم يصل للملكة من المنح والمساعدات وحسب ما اكدته الحكومة الاردنية من خلال وزارة التخطيط والتعاون الدولي إن "حجم التمويل الفعلي الذي حصل عليه الأردن لمواجهة أعباء اللجوء السوري بلغ 5.367 مليار دولار منذ بداية الأزمة في 2011 حتى شهر أيلول(سبتمبر) 2017.
وأن التمويل الذي حصل عليه الأردن غطى ما نسبته 40 % من إجمالي الدعم المطلوب للحد من أثر استضافة اللاجئين السوريين ودعم المجتمعات المستضيفة والبالغ 14.11 مليار دولار لنفس الفترة.
وبما ان الحكومة الجديدة وهي تقوم بإجراء اصلاحات في كثير من امور الدولة ، ارى انها بدأت بخطوة صحيحة من خلال اعادة النظر بإدارة ملف اللاجئين بما يحقق المصلحة الوطنية وتغليبها على المصالح الاخرى وخاصة امام التجاهل الدولي لاستحقاقاته المفروضة عليه ، وعلى الحكومة الاستفادة من التجربة التركية في ادارة ملف اللاجئين فقد قامت الحكومة التركية بإنشاء وزارة خاصة بشؤون اللاجئين تولت ادارة ملف اللاجئين بمهارة ومهنية عالية استفادت منه الدولة التركية وذلك من خلال مقايضة دول اوربا لوقف تدفق اللاجئين لديهم من الاراضي التركية ، وحتى لا اطيل في هذا الموضوع فأنني اشرت الى هذا الملف وتقدمت بمقترح بإنشاء وزارة مؤقتة تحتى مسمى وزارة شؤون اللاجئين الاردنية تكون مهمتها ادارة ملفات اللجوء المختلفة التي لجئت الى الاردن مثل حالات اللجوء ( العراقي / السوري... الخ ) في مقال لي سابق تم نشره على عدة مواقع الالكترونية في تاريخ 1/12/2016 ومنها موقع وكالة سرايا نيوز واليكم الرابط (https://www.sarayanews.com/article/399920).








طباعة
  • المشاهدات: 23792
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم