10-07-2018 11:44 AM
بقلم : رانيا إسماعيل
الأمراض المزمنة هي أمراض ملازمة للإنسان لفترة طويلة من حياته وتتصف بالديمومة، كمرض السرطان، أمراض القلب، السكري، الكلى، أمراض الكبد، الإيدز، والتصلب المتعدد وغيرها. و عادة ما يكون لها تأثيرات سلبية على صحته العامة وعلى وظيفته الإنتاجية ، حيث يمر المريض بمراحل نفسية قد تؤثر على تقبله للعلاج ، كالشعور بالصدمة وما يترتب عليها من مشاعر الإنكار وعدم التصديق مرورا بالغضب من كل شيْ حوله ، ثم مرحلة الجدل والتساؤلات والتسوق الطبي ، واختباره لمشاعر الحزن والانعزال، حتى يصل لمرحلة التكيف وتقبل الأمر الواقع . ويشعر بالقلق والاكتئاب والخوف من المستقبل ومن الآخرين، إضافة إلى أن خبرة المرض تقود الشخص لأسئلة عن مغزى وجوده بالحياة، وأسئلة تتعلق بالعدالة وماهية الكون .
فالإصابة بمرض السرطان مثلا تجعل المريض يمر بمشاعر الاكتئاب الحاد ، فمزاجه يصبح متقلب وصعب المراس ، ويفقد الرغبة بالحياة والقيام بأكثر النشاطات التي كانت من أولوياته بالماضي، ويشعر بتدني قيمة الذات، إضافة للتغيرات الفسيولوجية ، وتغير عادات الأكل والنوم والعمل ، ويصبح لديه شعور غير مبرر بجلد الذات ، وفي بعض الحالات قد يصل به الأمر للتفكير بالانتحار،
و هناك اختلافات وتناقضات بردود أفعال المرضى تجاه الأمراض المزمنة كالإصابة بالسرطان مثلاً، لكن الدراسات أثبتت أن المريض إذا استمر بالشعور بالمشاعر السلبية لفترات طويلة، فهذا بدوره سيؤثر على فعالية العلاج، حيث أن ظروف العوامل النفسية الصعبة تساهم في أحداث خلل في الكفاءة الوظيفية للجهاز المناعي و تفشل المناعة في القضاء على بعض الخلايا السرطانية، هذا طبعاً بالإضافة إلى أن بعض الأمراض المزمنة تنشأ بسبب أنماط معينة في سلوكياتنا الغذائية ونشاطنا الجسدي وتعاملنا مع الضغوط النفسية ، والبعض الآخر ينشأ جراء عوامل لا يمكن تعديلها كالعمر والوراثة .
في الكثير من الأحيان تسيطر أيضا التأثيرات السلبية على محيط العائلة، التي تكون بالعادة هي مقدمة الرعاية الرئيسية للمريض، فعند تشخيص المرض تشعر العائلة بالغضب والإنكار والارتباك لأن الأدوار العائلية سوف تختل، وتتعطل الأنشطة والعلاقات والعادات اليومية. وتنشأ المشكلات المادية ، وتتأثر جودة الحياة والأداء النفسي للجميع.
تحتاج الكثير من الأمراض المزمنة للتدخل الداعم والمساند للمرضى للتقليل من تأثيرات المرض على الفرد وأسرته، لذا فهم بحاجة لتدخل نفسي وإرشادي مختلف الشدة: بداية من إدارة تكيفهم مع المرض، محاولة تحسين نوعية الحياة، تدريبهم على الإدارة اليومية الذاتية، توفير المعلومات الصحية والدقيقة للمريض التي تساعده على مواجهة المرض وطرق التعامل معه ، تدريبهم على حل مشكلاتهم ومواجهة المعضلات اليومية ، البحث عن الصداقة الداعمة ، إشغال أوقات الفراغ، تغيير أسلوب الحياة المرضي ، التغذية الصحية ، التمارين الرياضية وأخفها المشي ، الاسترخاء البدني ، كما أن استخدام المريض لأقصى طاقته الإيجابية ونقاط قوته تساعده على تحسين نوعية الحياة في ظل وجود المرض. و تكوين نظرة أكثر إيجابية بالمواقف الصعبة. لذا فإنه بحاجة للرعاية والمساندة المكثفة سواء من العائلة أو الأصدقاء أو الكوادر الطبية حتى يستطيع الوصول إلى التكيف الإيجابي في هذه الأوقات الصعبة، وعليه فإن توفير خدمة الإرشاد النفسي لمرضى الأمراض المزمنة في جميع المراكز الصحية ضرورة حتمية لتحسين نوعية الحياة .
طالبة دكتوراه _ قسم الإرشاد النفسي
الجامعة الأردنية
raniareena@yahoo.com