11-07-2018 11:14 AM
بقلم : عيسى الخزاعلة
المتابع لما يحدث في سوريا من بعد غزو العراق وما تلاه مما يسمى ربيع عربي كاذب يستنتج ان ما حصل في جميع البلدان العربية التي تعرضت لما يسمى بثورات لم تكن سوى مسرحية مدبرة بليل.
بدات الاحداث في تونس نتيجة لاعتداء شرطية على بائع بسطة وغرر قائد الجيش بابن علي وجعله يذهب الى جدة حتى تهدأ الامور ولكن سرعان ما تغيرت الاحداث واستلم الجيش الحكم. سبق ذلك كله حملة اعلامية لسنوات حول سوء نهج بن علي العلماني وتدخله في حياة الناس الخاصة وبالذات الدينية منها فاستقطب حقد الشعب عليه. اضافة الى ذلك فان تدخل زوجته التي كانت اصلا كوافيرة قبل ان يقع في شركها ابن علي، كان قد زاد من حقد الناس على نظامه الفاسد.
مصر قصة فصل اخر من المسرحية والتي سبقها حملة اعلامية قوية حول فساد حليف امريكا الكبير في الشرق الاوسط وشمال افريقيا .. وانتهى هذا الفصل بالاطاحة بمبارك ومن ثم استلم الاخوان الحكم بعد انتخابات عامة سرعان ما تبعها انقلاب السيسي المدعوم غربيا وصهيونيا (وبالرز ) العربي.
القذافي كان يحكم بلدا عظيمة غنية بخيراتها ولكن الشعب الليبي لم يكن يشعر بتلك الخيرات في بلده فكان القذافي يقود سلطة كرتونية مزيفة فيها من الاستعراض الكاذب الكثير بدءا من الكتاب الابيض الى النهر الكبير. وهذا الامر جعل الشعب الليبي يتململ بمساعدة غربية واطلسية معلنا عدم القبول بالامر الواقع. فاستغل الغرب عدم رضى الشعب الليبي فقاموا بتدمير ليبيا باموال عربية ليس من اجل عيون الليبيين ولكن من اجل عيون الغرب والصهاينة.
اليمن قصة قديمة حديثة فلم تهدأ اليمن خلال القرن الماضي والحالي فقد كانت ثورة الامام وثورة علي البيض التي لم تدم طويلا. وهناك قواسم مشتركة بين ما يسمى بثورات في اليمن الا وهو تدخل دول عربية اما عسكريا او ماليا لدعم او مقاومة الثوار. وهناك قاسم اخر وهو محاربة الفكر المتمرد في اليمن. قبل حوالي ستة سنوات او اكثر بدات حركة الحوثيين تظهر بشكل اكبر وبدا نظام علي عبدالله صالح يقاومهم وحقق انتصارات موضعية. في خضم ما يسمى الربيع العربي ثار الشعب اليمني وبالتاكيد بمساعدة الغرب للاطاحة بنظام صالح وهذا ما حصل في ظل تدخل دول عربية ايضا لاقناع صالح بترك الحكم. رغم ذلك فلم يتركوا اليمن وشأنها فقد اثاروا الحوثيين من جديد وبدعم ايراني واضح لامرين مهمين. الاول هو ادامة الصراع في خاصرة الامة الجنوبية وثانيها هو اثارة حفيظة الدول (السنية) في المنطقة ضد تدخل النظام الايراني (الشيعي).
في نفس الوقت الذي كانت الاحداث تسير مسرعة في اليمن وفي دول عربية اخرى كانت مسرحية سوريا تطبخ على نار هادئة فسبقها حملة اعلامية غربية قوية مسنودة بابواق اعلامية عربية حول نظام الاسد الاستبدادي الذي جوع شعبه (حسب الاعلام الغربي) وافقره لسنين عدة خلت منذ بدء حكم عائلة الاسد. وبدات المسرحية في درعا بكتابات اطفال على الجدران اثارت حفيظة النظام الذي لم يحسن التصرف وقتها او ربما انه يعلم بسيناريو المسرحية وانه هو جزء من الممثلين. الممثلون الاخرون هم امريكا والغرب بشكل عام والصهاينة بشكل خاص. والعرب كانوا كومبارس المسرحية يدفعون الاموال للمرتزقة من خريجي السجون ومدمني المخدرات والعاطلين عن العمل. روسيا القادم من بين جمهور المشاهدين بدأت بالصراخ مجرد دخولها من الباب الخلفي للمسرح معلنة تواجدها على المسرح وانها احد ابطال المسرحية وعلى مبدأ (يا لعيب يا خريب) كما كنا نقول عندما كنا صغارا.
الان قاربت المسرحية على الانتهاء فتخلت امريكا والصهيونية ودافعوا الاموال من العرب عن مرتزقتهم وبقيت روسيا تشهد المشهد الاخير وبقي الاسد ينتظر خروج المشاهدين وباقي الممثلين ليرتاح قليلا بعد عناء طويل. ومن بعدها ستبدأ مسرحية اعادة البناء في سوريا والذي سيكون لامريكا والغرب نصيب كبير منها.
بعدها ايضا سيفكر الكاتب والمخرج والمنتج بالاعداد لمسرحية جديدة في المنطقة واعتقد انها ستكون احدى الدول التي دعمت تدمير سوريا. عندها سيتم تطبيق المثل الذي تعلمناه في المدارس: أكلت يوم اكل الثور الابيض.