14-07-2018 09:26 AM
بقلم : الدكتورة ردينة بطارسة
الإنسجام بين أفراد أي فريق مفتاح هام ومفصلي من أجل تحقيق الإنجاز ،مؤخرا خرج علماء الإجتماع بنتيجة عدم دقة المقولة ( الأطراف المتنافرة ،تتجاذب )، فغالبا ما نجد أن خلق الألفة والوئام بين مجموعة من البشر يتم من خلال إكتشاف الأشياء المشتركة بين أعضاء هذه المجموعة ومن ثم تحديد هدف مشترك يسعى الجميع إلى تحقيقه بغض النظر عن الاهداف الفردية لكل عضو على حده، ولا ضير هنا أن أذكر عبارة الرئيس أبراهام لينكولين *إذا إستطعت أن تكسب رجلا إلى قضيتك أقنعه _بداية _ بأنك صديقه المخلص *.
اليوم وأمتنا العربية باتت تأن من وجع سببه حالة من التشرذم والتفتت والقطيعة فيما بينها ، التي نتجت عن حالة من الرغبة بالإنفراد والإنغلاق ،ما أحوجنا اليوم نحن هنا في الدولة الأردنية ,إلى حالة الإنسجام التي ذكرتها أعلاه , هذا الإنسجام الذي دعى إليه القائد مرارا ما بين كل مكونات الدولة ،السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية ، والذي ينطوي تحت مظلة وحدتنا الوطنية من أجل الدفع بإتجاه البناء والتنمية والحفاظ على منعة الأردن ضد كل الشرور .
إستمعنا خلال الأيام القليلة الماضية الى البيان الحكومي وما تبعه من مناقشات وتحليلات وقراءات ، ولكن كان من الملفت للنظر التركيز على الأداء الحكومي المنتظر والذي جرت العادة أن يخضع للتقييم بعد مرور مئة يوم من تاريخ حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب ، وقد مرت جميع التقييمات في السنوات العشر الأخيرة متشابهه في كل مرة من حيث نسب الرضا الشعبي عن أداء الفريق الوزاري من جهه ومن حيث القرارات التي تبعت نتائج التقييم من جهة أخرى ، ولكن في الوضع القائم حاليا والمرافق للحكومة الحالية ,والتي تشكلت كمطلب شعبي وطني ،فالوضع مختلف تماماً عن سابقاتها، وقد تابعناتصريحات دولة الرئيس بأن الحكومة تتعهد بتقديم برنامج عملها مفصل والذي يجب ان يشتمل على جميع الخطط التنفيذية للمشاريع التنموية الشامله في المملكة وبالمقابل جاء تعليق دولته بأن التعديل الوزاري وارد عند الحاجة لإجراءه بعد مرور مهلة المئة يوم ،الممنوحة للوزراء والتي يتم بعدها تقييم أداءهم ومن ثم يأتي الحكم بالإستمرار بالعمل أو التخلي عن الحقيبة في أول تعديل .
سيدي الرئيس ،إسمح لي ونحن متوسمين الخير بكم وبفريقكم الوزاري ،أن أضع بين أيديكم بعض الملاحظات والتي تعبر عن رأيي الشخصي المتواضع ، فيما يخص مهلة المئة يوم والتي قد تثير الكثير من التساؤلات التي تتعلق بالفساد ، هذا الشبح المرعب الذي بات يؤرق كل الأمناء على مصلحة هذا الوطن ، إن مهلة المئة يوم التي يتبعها إعلان نتائج الإختبار ، قد تكون مدخل لتأطير الفساد الاداري في بعض الوزارات ، خاصة في حال كان الوزير العامل محاط ببعض المغرضين ممن يقتنصون الفرص لإفشال مساعيه في الإصلاح والتطوير ، والتشويش عليه املا في التخلص منه في التعديل، كما يزداد ويتكثف دور المستوزرين الكثر ,ممن انتظروا وناضلوا من أجل الوصول الى ذات الكرسي ولم ينجحوا ، وقد اعطتهم المهلة بارق أمل في آداء القسم في التعديل المرتقب ، هذا من جانب ومن جانب آخر هناك حالة من الضغط يمارسها المتنفذون بصورة أو بأخرى من أجل إحلال من يرونه أنسب من الموجود والذي غالبا ما يكون الشخص الذي يخدم مصالح تلك الجهات وهذا بحد ذاته يخلق جوا من الضيق ،ويضع المسامير في طريق الوزير المضحى به في التعديل .
سيدي ، وأنا أتحدث هنا ،وأعلم يقينا أنكم تملكون الرؤى والحكمة في جميع ما ترنون تحقيقه ساعين بكل ما اوتيتم من جهد من اجل رفعة مجتمعكم وأمتكم ،كما أنكم وبمسيرتكم المتميزة ما زلتم تحتضنون روح الإصرار والتحدي لمحاربة الفساد بجميع أشكاله ، دون أن تنتظرون مكافأة أوشهادة شكر على ما تقدمون ، لأن من يتحسس ألم ومعاناة الشعب ويرى أن العقد الإجتماعي ضرورة وأن سيادة القانون هي الفيصل في تحرير من وقع عليه الجور ،يمتلك الرجاحة في قراءة المشهد من العمق ولا يكتفي بالنظر الى الخطوط الجانبية المنمقة.
إختبار المئة يوم المقرون بخروج أو بقاء أعضاء من الفريق الوزاري ، بغض النظر عن ميزان التقييم الذي تستخرج به النتائج ، قد يحمل نوعا من الإرتباك ويفتح الثغرات لمن يحملون وسائل العرقلة في جيوبهم متأهبين لزجها أمام المتفوقين ،هذا بالإضافة الى تقديم طبق من الحلويات لأصحاب الأقلام المسمومة ،لكي يتلذوذون في إبتزاز الوزراء ،الذين سيضطرون في أحيان كثيرة الى إستخدام الدبلوماسية من أجل منع الأزمات الإعلامية في وزاراتهم ،متخوفين من وقوعهم في خانة متسببي التأزيم الشعبي الذي قد يطيح بهم في التعديل ،كل ذلك قد يكون ضمن المؤثرات التي تضعف الآداء المتميز المنشود من جميع أعضاء الفريق الوزاري ،وبالتالي ينعكس على بطىء عجلة التنمية والتطوير.
ختاما أقول ،قد تمتلكنا في أحيان كثيرة حالة من الرهبة مصحوبة بنوع من الإمتناع على التعليل لأفعالنا ، قد يراها الآخرون نوعا من الجبن في إتخاذ القرار المناسب ، ولكن في جميع الحالات ،إذا أردنا تحقيق الهدف الأسمى ،نحاول توزيع ذلك الشعور بالرهبة على شركاءنا في المسير ، بالتالي تتحول تلك الرهبة الى حافز للإصرار للوصول الى القمة ، غير آبهين بصفير الريح ولا طنين الدبور المتقفي خطواتنا ،عندها فقط ،نمتلك القدرة على الإنجاز ونتجاوز المعيقات ، هذا ماأردت قوله عندما تحدثت عن الضوضاء المحيطة بإختبار المئة يوم ، كلنا نتمنى التوفيق للحكومة في تحقيق كل ما هو خير للوطن ،سائرين نحو المجد على خطوات قائدنا حماه الله .