حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22032

قضية الدخان .. جريمة بحق الإنسانية

قضية الدخان .. جريمة بحق الإنسانية

قضية الدخان  ..  جريمة بحق الإنسانية

24-07-2018 01:23 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتورة ردينة بطارسة
كتب الأديب والشاعر اليوناني ثورو قديما مقوله رائعة هي " إن ألف ضربة لقطع أغصان شجرة الشر تعادل ضربة واحدة لقطع جذورها " وفي هذه العبارات توصيف وتلخيص لحالنا الذي نعيشه اليوم ، وأقصد هنا حال الوطن في جميع مكوناته وفعالياته الرسمية والشعبيه ، التي أفاقت على حقيقة حاولت مرارا عدة إستنكارها وهي أن فلاح وصلاح الأمة لا يمكن له أن يتحقق إلا بإجتثاث جذور الفساد في العمق، حيث لم تعد خدعة الطرق على الأطراف والتمثيل بالقيام بالمطلوب تنطلي على أحد .

أتحدث اليوم في القضية التي كانت سببا مباشرا في إعادة إضرام فتيل شعلة الإنطلاق لدى دولة الرئيس معلنا أنه لن يأخذ إستراحه المحارب ،التي إستحقها في نهاية ماراثون الثقة في مجلس النواب ولكنه بدأ على الفور بترتيب أوراقه وتجهيز معدات المعركة التي أعلن عن دخولها بصفة الإنتحاري ،الذي لا يملك سوى خيار القتال والتحدي للوصول إلى الهدف ، وقد جاءت الحماسة مقرونة بعبارته الشاحنه لكل من يسانده ويدعمه في معركته ضد الفساد ،حين استصرخ ضمير الأوفياء قائلا (لا مكان لفاسد).


تعتبر قضية مصنع الدخان غير المرخص والسجائر المقلده التي تباع في السوق أكبر وأخطر من كونها قضية فساد مالي أو تهرب ضريبي أو مخالفة قوانين وأنظمة التجارة والصناعة فقط ،ولكنها وصلت إلى الخطورة بأن توصف بأنها جريمة بشعة ترتكب بحق الإنسانية ، إذا ما تعرفنا على الآثار المدمرة التي تتسبب بها على صحة مستهلكيها والتي قد تؤدي الى الموت .

بالرجوع الى لغة الأرقام ،أورد لكم بعض الأرقام والإحصائيات الصادمة حول آفة التدخين في المملكة الأردنية الهاشمية ، حيث يزيد معدل المدخنين ما نسبته 65% من عدد السكان معظمهم من الذكور ، ووفق سجلات منظمة الصحة العالمية هناك 29 حالة وفاة أسبوعيا في الأردن سببها التدخين , وفي دراسة أجراها مركز الحسين للسرطان وصلت نسبة الوفيات في المملكة بسبب الأمراض غير سارية على رأسها أمراض القلب والسرطان الى ما نسبته 50 بالمئة من مجموع عدد الوفيات ، مرتبطة مباشرة بالتدخين ، ومن ناحية عربية إحتلت تونس المركز الأول في نسبة التدخين مقارنة مع عدد السكان ، ووصل عدد المدخنين العرب الى حوالي 100 مليون مدخن ، منهم 22% من الأطفال من الفئة العمرية 13-15 سنة ،وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2017 .

قد تكون الأرقام التي وردت هنا مصدر إزعاج وإحباط للقراء ولكن من المنظور الإيجابي توضح أن ما نسبته 70% من المدخنين يمتلكون الرغبة بالإقلاع عنه ، ولكنهم يواجهون صعوبة بالغة نتيجة حالة الإدمان التي يعانون منها ، نسبة الراغبين بالإقلاع والوعي بمضار التدخين القاتله ،تجعل منها سببا محفزا لنا جميعا بالتعاون من أجل تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التدخين والتعامل بحزم مع الحالات المخالفه ، على غرار ما قامت به مؤخرا إدارة مستشفى الزرقاء الحكومي التي تستحق التقدير على الخطوات الحازمة التي إتخذتها بحق من يمارس التدخين داخل أسوارها بتحويل أي كان إلى النائب العام .

أعزائي لقد تناولت في الأرقام أعلاه بعض الآثار المدمرة للتدخين بشكل عام ، ولكني أعود للحديث عن عملية مضاعفة مضطرده لللأرقام اذا ما تم إستهلاك الأنواع الرديئة والمضروبه من السجائر والتي أغرقت الأسواق في الفتره الماضية ، نتيجة تصنيعها بطرق ومواصفات غير معروفة ولم يتم فحصها ولا مراقبتها قبل الوصول الى أيدي أبناءنا وصدور أطفالنا وأمهاتنا ، ففي الوقت الذي تعلن فيه جمعية مكافحة التدخين والتدرن وأمراض الصدر المصرية عن رقم فلكي وهو وفاة كل ست ثواني بين المدخنيين للسجائر المضروبه في مصر ، هذا البلد الذي يعاني منذ سنوات من مشكلة تهريب دخان مضروب اليه ، علينا نحن أن نلتقط الخطر القاتل الذي لا سمح الله قد يطال مجتمعنا ،ونتصدى لكل من يحاول العبث بحياة أبناء الوطن ، طمعا بالوصول إلى إكسير الفساد في كل العالم ..المال .

السؤال الأهم هنا ، أين هم فرق التفتيش التابعه للجهات الرقابية المختصة من كل هذا ، وكيف تم التغاضي عن عرض كميات كبيرة من هذه السجائر في محلات بيع السجائر والبسطات والمولات ، دون حسيب أو رقيب ، وهل فعلا لم تلاحظ أي من هذه الجهات فرق الأسعار والنوعية الرديئة للسجائر المعروضة والتي حملت أسماء علامات تجارية عالمية مقلده ، أسئلة مشروعه للمواطن ، تحتاج الى إجابات .

في الختام أقول أن جريمة السجائر المقلده ، هي حقا جريمة بحق البشر ، حيث أنها قد تسبب الموت المباشر بأمراض القلب أو الموت الغير مباشر بالإصابة بأمراض مزمنه تستنزف حياة المواطن وأمواله مثل السرطان ، و هي عناصر مدمرة للمجتمع ، تعطل مسيرة التنمية والبناء في الوطن وتقلل إنتاجية من يتناولها ، حيث ثبت أن من يدخن هذا النوع من السجائر يعاني من ضعف في الذكاء وفقدان الرغبة بالعمل والشعور الدائم بالإكتئاب قد يصل الى عدم الرغبة بالزواج أو التعامل مع الناس ، من هنا وجب علينا جميعا ، دعم جهود الرئيس في مكافحة الفساد والوقوف على الحقائق ، ليس فقط في هذه القضية الجدلية بالذات ولكن في جميع قضايا الفساد المطروحه ، مع الأخذ بعين الإعتبار أن إختبار المائة يوم قد بدأ ولا مجال للعودة الى الوراء .








طباعة
  • المشاهدات: 22032
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم