حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,16 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30461

مديونية الأردن في ظل ثروات العرب النفطية الهائلة

مديونية الأردن في ظل ثروات العرب النفطية الهائلة

مديونية الأردن في ظل ثروات العرب النفطية الهائلة

02-08-2018 12:39 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الكساسبة
لا يستمد الكيان الصهيوني تفوقه على دول منطقتنا العربية من تفوقه العسكري عليها بل من خلال حرصه على التواجد في منتصف دول عربية ضعيفة سياسياً واقتصادياً، وبالتالي فإن ضعف الاقتصاد الأردني ليس بمعزل عن التآمر الصهيوأمريكي على الدولة الأردنية، هذا الضعف الذي تشكل على مدار ثلاثة عقود من الزمن وبلغ ذروته خلال السنوات الأخيرة، ومن أسبابه: أولاً فشل صناعة القرار الاقتصادي فشلاً ذريعا في إدارة الملف الاقتصادي، ثانياً السياسات المشبوهة والخاطئة التي وجه بها كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الاقتصاد الأردني، وثالثاً الإسلوب الخاطيء في إدارة ملف المنح والمساعدات الخارجية ومنها منح الدول الخليجية، ودخول الولايات المتحدة الأمريكية كمتحكم في تدفق المنح والمساعدات المالية إلى الأردن والتقليل منها إلى أدنى المستويات، للضغط عليه من أجل تمرير مشاريع سياسية تخدم الكيان الصهيوني ومنها صفقة القرن الدنيئة سياسياً وأخلاقياً.

مؤامرة صفقة القرن القذرة لا تستهدف تصفية القضية الفلسطينية فحسب، بل وتستهدف الدولة الأردنية ايضا، التي وقفت بالرغم من شح مواردها بكل شموخ وكبرياء ونخوة عربية حقيقية أصلية مع قضايا امتنا العربية، منذ نكبة فلسطين عام 1948 ونتائجها السياسية والإجتماعية على الدولة الأردنية، إلى نتائج حرب عام 1967 وحرب تشرين، وأحداث وصراعات الخليج العربي وغزو العراق عام 2003 وتبعاته الخطيرة على الأردن، وأحداث سوريا ونتائجها الإجتماعية والاقتصادية التي تحملها الأردن الجزء الأكبر منها، وبدلاً من دعم صمود الأردن في مواجهة هذه الأحداث الكبيرة، فقد ترك الأردن ليواجه حدثاً جديداً يتمثل بأوسخ مؤامرة عليه وهي صفقة القرن، التي تشكل الوجه الآخر لمؤامرة الوطن البديل الدنيئة هي ومن يسير في ركبها.

لقد تراكمت مديونية الدولة الأردنية على مدار نصف قرن من الزمن، التي بلغت في أواخر عام 2017 ما يعادل 37 مليار دولار أمريكي، ومع أنها تعتبر مديونية كبيرة بالنسبة للاقتصاد الأردني الضعيف، لكنها مديونية ضئيلة إذا ما قيست بإحتياجات دولة لديها التزامات ضخمة في الشأنين المحلي، أي في التعليم والصحة والبنية التحتية والأمن والدفاع، وفي الشأن العربي حينما تحمل الأردن مسؤولياته القومية الكبيرة إزاء قضايا الأمة التي ذكرناها سابقا.

هناك كتل وإتحادات دولية تتداعى لدعم أية دولة من أعضائها إذا ما تعرض لمخاطر اقتصادية وسياسية، كدول الإتحاد الأوروبي التي سارعت بقيادة المانيا قبل سنوات لتقديم عشرات مليارات الدولارات لمساعدة اليونان على تجاوز أزمتها الاقتصادية والمالية، مع أن اليونان تعتبر دولة هامشية من حيث أهميتها السياسية والاقتصادية لدول الإتحاد الأوروبي، كذلك الحال الدعم السياسي والمالي والعسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني، والذي لولاه لما تمكن الكيان الصهيوني من البقاء على قيد الوجود لمدة سنة واحدة، بل لسقط واندثر بلا معارك وحروب ، أما لدى العرب فنجد النقيض حينما تجلس متفرجة على أزمة الأردن الاقتصادية دول الخليج العربي الغنية بمواردها النفطية، الثرية بأموالها وصناديقها السيادية المودعة والمستثمرة في دول الغرب، ولا نجد تفسيراً لذلك سوى خذلان الأشقاء العرب للأردن وهو يواجه أزمته الاقتصادية ومديونيته التي أصبحت المدخل لأقذر وأحط مؤامرة صهيوأمريكية عليه وهي مؤامرة صفقة القرن.
الأمن الاقتصادي والسياسي العربي ينبغي أن يكون أولوية قصوى على أجندات النظام العربي الرسمي والشعبي، وأن يتم تقديم وتفضيل أمن الدول العربية وإستقرارها على موضوع ثراء الأفراد وهيمنتهم على مقدرات الأمة، لذلك من المستغرب أن يتاح لأشخاص وأفراد عرب الإستحواذ على أموال هائلة جداً من عوائد النفط العربي تقدر بعشرات مليارات الدولارات، ليصبح الواحد منهم أغنى من دولة عربية محورية في معادلة الصراع العربي الصهيوني كالدولة الأردنية، هذه الثروة النفطية التي خلقها الله عز وجل في باطن الأرض العربية لتعود بالنفع على إستقرار وأمن دول وشعوب المنطقة بالدرجة الأولى، وذلك بتخصيص أجزاء منها بحكم الواجب الديني والوطني لدعم أمن واستقرار منطقتنا العربية وتحديداً إستقرار وأمن الدولة الأردنية بحكم موقعها الجيوسياسي، المستهدفة بالمشاريع الصهيوأمريكية،
بمقدور دول الخليج العربي النفطية سداد مديونية الاردن كاملة ودفعة واحدة وبكل يسر، دون أن تشكل عليها أية أعباء، فلديها إيرادات نفطية هائلة، إذ صدرت إربع دول نفطية عربية حسب بيانات منظمة ألـOPEC وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر نفط وغاز خلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2016 بقيمة 2.2 ترليون دولار، حيث بلغت صادرات السعودية النفطية خلال تلك الفترة 1231 مليار دولار، كما بلغت صادرات الإمارات النفطية 360 مليار دولار، والكويت 400 مليار دولار، وقطر 235 مليار دولار، وبالتالي لا تعجز هذه الدول عن سداد مديونية الأردن البالغة 37 مليار دولار والتي لا تتجاوز نسبتها 2% من مجمل العوائد النفطية لهذه الدول.

في غياب العمل العربي المشترك، وصل سوء أحوال العرب السياسية والاقتصادية بأن أصبح التحالف الصهيوأمريكي هو من يتحكم بمنع أو تدفق المنح والمساعدات المالية العربية إلى الأردن، بهدف التحكم بمسار الأحداث السياسية في منطقتنا ومنها مؤامرة صفقة القرن، نعم إنه أمر مخجل ومشين وسيذكره التاريخ مستقبلا بكل سوء أن أموال العرب النفطية الضخمة إستخدمت من قبل أعداء العرب لإضعاف دولة عربية كالأردن اقتصادياً وسياسياً وإنهاكها ولي ذراعها لإرغامها على تمرير مؤامرة صفقة القرن الخيانية والدنيئة.
.
في المقابل علينا في الجانب الأردني الإعتراف بتقصير الدبلوماسية الأردنية بتشكيل دبلوماسية تخدم مصالحنا، دبلوماسية حشد التأييد والدعم العربي اللازم سياسياً واقتصادياً لمواقف الأردن الوطنية والقومية، وتشكيل دبلوماسية الوقوف نداً عنيداً بمواجهة دبلوماسية الأعداء الصهاينة وكشف مخططاتهم ومؤامراتهم، ووقف التعاون السياسي معهم بالغاء إتفاقية العار المعقودة معهم، إتفاقية وادي عربة، وإلغاء إتفاقية إستيراد الغاز الصهيوني، ودبلوماسية فضح وكشف أعمال إسرائيل الإجرامية النازية في الأراضي العربية المحتلة خصوصاً، وفي منطقتنا العربية عموماً، فقد إتسمت دبلوماسيتنا الأردنية على مدار العقود الاخيرة بالميوعة والرخاوة، فكانت دبلوماسية السفر والسياحة الرسمية، وأحاديث المجاملات، وعقد اللقاءات البروتوكولية والمؤتمرات الصحفية التي لم تسمن ولم تغن من جوع، حتى وصلنا في الأردن إلى هذه الأوضاع المزرية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وبالرغم مما سبق، فإذا توفرت الإرادة الأردنية السياسية الصلبة، فيستطيع الأردن النهوض من جديد بسياسات اقتصادية وسياسية وتنظيمية ودبلوماسية مختلفة عما سبق، وتعاون أردني عربي خليجي بناء يخدم مصالحنا السياسية والاقتصادية.








طباعة
  • المشاهدات: 30461
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم