11-08-2018 03:20 PM
بقلم : العقيد المتقاعد بشير الدعجة
تعامل إعلامنا الأمني ووزيرة الإعلام مع الحادث الإرهابي الإجرامي الجبان الذي تعرض له مجموعة من أبنائنا في قوات الدرك والأمن العام ...إعلام بدائي غير مهني أو احترافي...
تضارب البيانات الصحفية التي صدرت عن وزيرة الإعلام وقيادة الدرك يؤكد ما أشرت إليه...ضعف واضح في التتسيق وتبادل المعلومات وضحالة مهنية إعلامية أمنية..
سقطة إعلامية أمنية جديدة تسجل في سجل اعلامنا الأمني وعدم القدرة الإعلامية في إدارة الأزمة إعلاميا...مما يدل على نقص واضح في الكوادر الإعلامية الأمنية المؤهلة للتعامل مع الأزمات وإدارتها إعلاميا...
لم تتعض الحكومات المتعاقبة والقيادات الأمنية من الفشل الإعلامي الأمني في إدارة أحداث قلعة الكرك الأبية ...وحراك الدوار الرابع ...واعزي ذلك ليس تقاعسا أو تجاهلا لهذا الضعف وإنما مرده لعدم وجود الكوادر الإعلامية المؤهلة والمحترفةالتي تتعامل مع المعلومات والبيانات الأمنية بقالب إعلامي أضف إلى غياب الدبلوماسية الإعلامية ليس في الأجهزة الأمنية فحسب وإنما على صعيد الدولة الأردنية بمختلف مستوياتها الإعلامية ولا استثني أحدا منها...
إن التسرع في إصدار البيانات الصحفية عند كل حادثة أو سمة تلازم الإعلام الأردني بشكل عام والإعلام الأمني بشكل خاص...ثم تبدأ بعد ذلك عمليات( الترقيع) الإعلامي نتيجة التهور والتسرع بالبيانات الصحفية غير المدروسة ...والتي تدل عدم وجود خطة إعلامية لها خطواتها وأهدافها عند التعامل مع الأحداث ومنها الأمنية..فزعة عرب وهمها إصدار بيان صحفي معلوماته وعناصره مازالت مجهوله وبحالة عدم التأكد...
لا اريد ان أوضح الخطوات الصحيحة في كيفية إصدار البيانات الإعلامية وتدرجها وما برافق كل مرحلة من هذه البيانات الصحفية من دبلوماسية إعلامية ودهاء إعلامي في صياغة البيان الصحفي ( الرسالة الإعلامية)...لأنه سيفسر توضيحي بطرق ملتوية تمسني وكأن لي مآرب أخرى..
أسوق مثالا في كيفية إصدار البيان الصحفي الاولي لأي حادثة أمنية وكيفية التعامل لاحقا بدبلوماسية ودهاء إعلامي محترف...عندما وقعت تفجيرات فنادق عمان المشؤومة عام2005 ...طلب من مدير الأمن العام الأسبق الفريق الركن محمد ماجد العيطان- طيب الله ثراه- بأن أعلن في مؤتمر صحفي من أمام فندق راديسون ساس فندق لاند مارك حاليا عن التفجيرات الإرهابية وأن اصرح بأنها عملية إرهابية انتحارية...عندها رفضت أن اصرح بأنها عملية انتحارية إرهابية رغم قناعتي التامة بخبرة الباشا العيطان رحمه الله في هذا المجال..إلا أنه أصر على ذلك...والوقت والموقف لا يتحمل المجادلة والمناقشة...فاعلنت أمام وسائل الإعلام المختلفة عن وقائع التفجيرات الإرهابية ...واشرت إلى أن التفجيرات يشتبه بأنها عملية انتحارية إرهابية...وكنت لا احبذ قول ذلك لولا إصرار الباشا وغير مقتنع الإعلان عنها في هذا الوقت....
عند المساء نادي مدير الأمن العام معاتبا لماذا لم أؤكد على ما قاله لي...فاجبته إجابة مهنية محترفة...وهي أن الحادثة وقعت قبل ساعة ...ولا تستطيع أفضل وأحسن الأجهزة الاستخبارية في العالم أن تعطي النتيجة النهائية لمثل هذه الحادثة بهذه السرعة ثانيا لو أعلنت حرفيا ما قاله الباشا العيطان سيفقد إعلام الأمن العام المصداقية والموضوعية بسبب سرعة الإعلان عن الحادثة والوصول إلى النتيجة النهائية لأسباب الحادثة وهذا سيصبح مثالا للشك وعدم الثقة بالرسالة الإعلامية الأمنية. ..خاصة أن كل العالم يتابع الحادثة وإعلامها فكنا على محك المهنية الاعلامية الاحترافية.... ومحك المصداقية والشفافية والموضوعية...فأخبرته انه لهذه الأسباب امتنعت عن تنفيذ تعليماته...عندها شكرني وأثنى على اتزاني ومهنيتي في هذه الظروف الصعبة التي يتعرض لها الأردن أول مرة بهذا الأسلوب الإرهابي الإجرامي الجبان الخسيس...
ما اريد إيصاله لوزيرة الإعلام وللاعلام الأمني هو سرعة الإبلاغ عن الحادث بخبر صحفي او بيان مقتضب يؤكد الحادثة أو ينفيها ويكون البيان أو الخبر الصحفي سريعا مقتضبا سابق لوسائل الإعلام قبل تداوله من مندوبيها أو المتعاونين معها....
كتبت مقالا سابقا بعد أحداث قلعة الكرك المشؤومة بأن يتم تشكيل إدارة للاعلام الأمني مقرها وزارة الداخلية من الكفاءات الإعلامية الأمنية المحترفة تتعامل مع كافة الأزمات إعلاميا... فكل ما يحدث من ضعف إعلامي هو بمثابة ضربة للوطن...واهتزاز صورته عالميا...وتكوين صورة ذهنية مشوهة عن الدولة الأردنية بعدم قدرتها وضعفها وتخبطها إعلاميا مع أي موقف او حادثة....لكن الظاهر ما ناس( يقرأ ورق) أو ماحدا( بده) يشتغل...( صبة خضرا)...والكل خايف على كرسية...مصلحتي أولا ومن بعدي الطوفان هذا لسان حال كثير من المسؤولين....لك الله يا وطني... وللحديث بقية