12-08-2018 02:04 PM
بقلم : بسام الكساسبة
شكلت الإدارة الضعيفة لقطاع الطاقة في الأردن، أحد ابرز أسباب تعثر الاقتصاد الأردني خلال العقدين الأخيرين، نتيجة لإرتفاع أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلي، وارتفاع تعرفة الكهرباء وتأثير ذلك على تكاليف الإنتاج السلعي والخدمي، وبالتالي التأثير السلبي على المستوى المعيشي للمواطنين، إلى جانب ذلك التداعيات السياسية الخطيرة لقطاع الطاقة بعد توجه الأردن لإستيراد الغاز الاسرائيلي كبديل للغاز المصري الذي توقف تصديره للاردن بسبب عمليات التفجير المتكررة لخط نقله إلى الأردن بين عامي 2011 و 2012 خلال الأحداث السياسية التي إجتاحت الساحة المصرية في هذين العامين.
واللافت للإنتباه هو تزامن التفجيرات التي أدت إلى إنقطاع الغاز المصري عن الأردن في عام 2011 مع دخول الدبلوماسية الأمريكية على الخط بقيادة وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون كوسيط لإقناع الجانب الأردني لإستيراد الغاز من إسرائيل، مما يلقي شكوكاً حول علاقة إسرائيل بتلك التفجيرات، وبالتالي لماذا كلما حضر مسؤول أمريكي إلى الأردن حاملاً معه رغبات الكيان الصهيوني سارع مسؤولوا الأردن للإستجابة لطلباته ورغباته السياسية والاقتصادية حتى وإن كانت مخالفة لمصالح وتوجهات الشعب لأردني؟ كموافقة الجانب الأردني على طلب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون في عام 2011 من الجانب الأردني الشروع باستيراد الغاز الإسرائيلي، وموافقة الجانب الأردني على إتفاقية إستيراد الغاز الإسرائيلي التي حضرت لها ورعتها الدبلوماسية الأمريكية على مدار ثلاث سنوات وصولاً لتوقيعها في عام 2014 وتنفيذها في وقتنا الراهن، حيث يجري مد الخط الناقل لهذا الغاز من شمال الكيان الصهيوني إلى شمال الأردن، ومن ثم توزيعه إلى باقي أنحاء الأردن للإستخدامات المنزلية والتجارية والصناعية.
على أية حال كان أمام الأردن ولا يزال بدائل أفضل للغاز الإسرائيلي ومنها إستيراده من قطر، هذه الدولة العربية الشقيقة، التي تعد من أشهر وأكبر منتجي ومصدري الغاز في العالم، حيث دول عديدة في الشرق والغرب تعتمد على إستيراد الغاز القطري، ولو إستورد الأردن الغاز القطري لحقق مكاسب اقتصادية وسياسية ووطنية، على النقيض مما يجلبه إستيراد الغاز الإسرائيلي للأردن من سمعة كريهة وسيئة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والوطنية، بإعتبار إستيراده من الكيان الصهيوني مخالف لإرادة الشعب الأردني الذي عبرت مختلف أطيافه ومكوناته عن رفضها المطلق لهذه الإتفاقية، ورفضها التعامل مع الكيان الصهيوني الذي يغتصب أراضينا العربية في فلسطين وينكل بأهلها، ويغتصب المسجد الأقصى ويعيق العبادة فيه، ويشن الحروب النازية على أهل غزة ويمنع عنهم أبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء وكساء وطاقة وغاز، مع أن الغاز الذي ستصدره إسرائيل للأردن هو في الأصل غاز فلسطيني وليس ملكاً للإسرائيليين ، والأردن حينما يستورد الغاز من الكيان الصهيوني فإنما يقدم دعماً سياسياً ومالياً ومعنوياً لهذا الكيان كي يواصل سياساته الإجرامية النازية ليس في فلسطين المحتلة فحسب، بل ليواصل مشاريعه التآمرية على إستقرار الدولة الأردنية وفي مقدمتها صفقة القرن التي تعد الوجه الآخر لمؤامرة الوطن البديل الدنيئة سياسياً وأخلاقياً ووطنياً.
نتساءل ما الفوائد التي حققها الأردن من بناء علاقات سياسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني منذ توقيعه على إتفاقية وادي عربة كي تصر الجهات الرسمية الأردنية على إستيراد الغاز الإسرائيلي؟ ألا يتآمر هذا الكيان النازي الخبيث على إستقرار الدولة الأردنية وفي مقدمة ذلك تداعيات قانون يهودية الدولة الصهيونية وإعتبار القدس عاصمة لهذا الكيان ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وأخيراً صفقة القرن سيئة الصيت؟
دبلوماسيتنا الأردنية تغوص في مستنقع من الأخطاء السياسية والاقتصادية الجسيمة، تحتاج هذه الدبلوماسية إلى إعادة نفضها وهيكلتها، نحتاج في الأردن لدبلوماسية تخدم مصالحنا الاقتصادية والسياسية والوطنية والقومية، وليس دبلوماسية هزيلة وخانعة تصب في مصلحة الكيان الصهيوني ومشاريعه التآمرية على الأردن.