30-08-2018 03:14 PM
بقلم : بسام الكساسبة
لا يقتصر الإرهاب على الجماعات الإرهابية التقليدية كتنظيم القاعدة وداعش وبعض التنظيمات التابعة لإيران، وما تقوم به من تفجير عبر الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة في وسط الأبرياء، وذبحهم لأسباب مذهبية وطائفية، بل يشمل الإرهاب الفكري الذي تقوم به أحزاب وجماعات متطرفة غربية ضد الدين الإسلامي وضد المسلمين، منها على سبيل المثال لا الحصر حزب " البديل من أجل المانيا"، وأيضا حزب الحريات الهولندي الذي يتزعمه الإرهابي المتطرف غيرت فيلدرز، الذي أعلن هو وحزبه في شهر حزيران الماضي عن تنظيم مسابقة الكاريكاتير الأكثر إساءة للرسول عليه الصلاة والسلام، وقيمة الجائزة 10 آلاف دولار أمريكي، وقد اعلن هذا الإرهابي انه استلم 200 رسم ، وسيغلق باب الترشيح بنهاية شهر أب الحالي، وجميع الرسوم تتنافس على الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام لكنه سيختار للفوزأكثرها إساءة، مع العلم أن هذا المجرم المتطرف النازي له ماضي شهير في الإساءة للدين الإسلامي وللمسلمين، وقد أدانه القضاء الهولندي في عام 2010 بتهمة وصفه الدين الإسلامي "بالدين الفاشي"، كما سبق له أن طالب بحضر القرآن الكريم، وهو من مشجعي تنظيم الأعمال والفعاليات المسيئة للدين الإسلامي، كما سبق له أن أعاد نشر الرسوم الكاريكاتيرية التي أساءت للرسول عليه الصلاة والسلام عام 2005.
ما قام ويقوم به هذا المجرم من أعمال مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام ليس عملاً فردياً مقتصراً عليه فقط، وإن كان العمل الفردي بحده ذاته هو مرفوض في هذا المجال رفضاً مطلقاً، لكنه عمل جماعي ورسمي هولندي ككل أيضا، فمن يرتكبه هو زعيم ثاني أكبر حزب في هولندا له 20 نائباً في البرلمان الهولندي، وله وزراء في الحكومة الهولندية، وبالتالي تعتبر جريمته وكأن الحكومة الهولندية شريكة له في إرتكابها، طالما أنها لم تتخذ أية إجراءات صارمة لمنعه وحزبه النازي من مواصلة جريمتهم النكراء، بل ومعاقبته عليها عقاباً قاسياً.
وإن كان هناك تقصير عربي وإسلامي لغاية الآن في الرد على هذه الجريمة النكراء بحق الرسول عليه الصلاة والسلام، لكننا هنا نتحدث في حدود مسؤوليتنا في الأردن، فلا ندري لماذا تغيب دبلوماسيتنا الأردن عن مواجهة هذا العمل الإجرامي الإرهابي الشنيع ؟ وما هي الدبلوماسية؟ هل هي فن الفذلكة الكلامية وصرف العبارات اللبقة المنمقة الخالية من أية قيم ومعاني؟ وهل هي مجرد سفر وزيارات لدول وإكثار من المؤتمرات الصحفية المليئة بالكلام المعلوك المستهلك منذ عقود؟ الدبلوماسية معناها الحقيقي قيام جميع السلطات بتوظيف قدراتها في خدمة قضايا الأردن وقضايا الأمة ومواجهتها بفاعلية وكفاءة ومنها القضايا المستجدة كقضية هذا البرلماني الهولندي المتطرف النازي، فإذا كانت دبلوماسيتنا عاجزة عن القيام بواجب الدفاع عن الحبيب الرسول محمد عليه الصلاة والسلام فما هو المأمول منها في خدمة الأردن وقضايا الأمة وإذا كان هذا الموضوع الخطير لا يستثيرها فما الذي يثيرها ويلفت إنتباهها؟ إذاً أمام هذا الفعل الإجرامي الإرهابي فإن الواجب الوطني والديني يحتم على وزير الخارجية توجيه رسالة شديدة اللهجة لوزير الخارجية الهولندية يحمل فيها الحكومة الهولندية مسؤولية صمتها على هذا المجرم وحزبه النازي، وعليه إستدعاء السفير الهولندي في عمان وتسليمة رسالة إحتجاج قوية، وعلى الدبلوماسية الأردنية حشد الدبلوماسية العربية والإسلامية في مواجهة هذا العمل الإجرامي، وعلى رئيس الوزراء الأردني أن يبادر لإثارة هذا الموضوع على الصعيد الأممي والإسلامي إسوة بنظيره رئيس وزراء الباكستان الذي قام بجملة ردود فعل مشرفة، منها تبنيه لفكرة إثارة هذا الموضوع الخطير في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لإستصدار قرار أممي يجرم هذه الأعمال ويعاقب عليها، وكذلك الحال مع كبار مسؤولي تركيا الذين قاموا بخطوات مشرفة ومماثلة على هذا الصعيد، بينما تغيب ردود افعال الجهات الرسمية الأردنية إزاء هذه الجريمة النكراء بحق الرسول عليه الصلاة والسلام.
كذلك الحال مع البرلمان الأردني الذي يكثر إعضائه الحديث في مختلف المجالات، وقد سجلوا أرقاماً فلكية في زيارة الدول والبرلمانات الأخرى، وتسجيل المياومات بحجة أن زياراتهم تعزز وتوطد العلاقات الثنائية بين البرلمان الأردني وبرلمانات الدول الأخرى، مع ذلك لا نرى ولم نلمس نتائج لزياراتهم العتيدة تلك، وقد لاذوا اليوم نحو الصمت في قضية خطيرة يرتكبها زعيم الكتلة البرلمانية في البرلمان الهولندي المؤلفة من عشرين نائباً؟ وأين نتائج مشاركة أعضاء البرلمان الاردني بإجتماعات الإتحادات البرلمانية العربية والإقليمية والعالمية في مواجهة هذه الأعمال المسيئة لرسول عليه الصلاة والسلام؟
صمت رهيب دوماً تبديه جهاتنا الرسمية حيال القضايا الخطيرة والمسائل الكبيرة التي تواجه وطننا وتواجه أمتنا، مع أننا نطمح لرؤية أجهزتنا وسلطاتنا الرسمية وهي تتصرف كأجهزة كبيرة مسؤولة في الدفاع عن مصالحنا كشعب ودين وثقافة وفكر أسوة بما تدافع حكومات الدول الأخرى وخصوصاَ المتقدمة منها بقوة عن مصالح دولها ورعاياها ومبادئهم وأفكارهم ومعتقداتهم.