08-09-2018 11:34 AM
بقلم : كريم الْزغيّر
الْتواضع ، صفةٌ يرونها الْناس بعينِ الْتقديرِ لمن يمتلكها ، وخاصةً عندما يمتلكها الْمسؤول الْذي يزداد احترام الْناس له كلما ازداد تواضعه وتقرّبه للشارعِ وللبسطاءِ ، أدرك الْدكتور عمر الْرزّاز أهمية هذا الأمر في الْتعاملِ مع الْشارع الأردنيّ الْذي غيّر لقبه من " معالي " إلى " دولة " بعد حالةٍ من الاحتقانِ الْشعبيّ كان الْدوّارُ الْرائعَ ( الْرابع ) الْرمز الْمكانيّ لها ، وخلال الْبدايات استطاع الْرزّاز إصلاح الْعلاقة بين الْحكومة والْشعب بعقدٍ اجتماعيّ ولكن دون توضيح لماهية هذا الْعقد ، فهل الْرزّار جاء لترقيعِ أخطاء الْحكومة الْسابقة أم للبدءِ بنهجٍ مختلفٍ عن الْحكومات السابقة .
كانت الْزلّة الأولى للحكومةِ مصطلح استخدمته وزيرة الْدولة لشؤونِ الإعلام و " تاتشر الْصحافة الأردنيّة " جمانة غنيمات وهو مصطلح " الْعطوة " التي طالبت الْشعب بمنحها للحكومة ، فكيف لحكومةٍ جاءت بهدفِ التغيير أن تستخدم هذه الْمصطلحات ، ومع ذلك فقد حقق الْدكتور الْرزّاز هدفه الأهم وهو إيجاد تفاهم بين الْشارع والْحكومة وذلك من خلالِ زياراتٍ ميدانيّة قام بها شخصيًّا جعلته محط احترام الْشارع ولكن دون إطفاء نيران الْقرارات الْحكوميّة الْسابقة الْتي أججت وألهبت الْشارع الأردنيّ ، كما استطاع إخماد الْصراع الْمتوقّع حينها بين الْبرلمان والْحكومة ، خاصةً بعد أنْ شعرَ مجلسُ الْنوّاب بأنَّ الْحكومةَ الآتيةُ من بينِ الْحناجر الْهاتفة ستكون الْمسمار الأخير في نعشهِ .
بعد ثمانين يومًا من تولّي الْدكتور الْرزّاز لم تتضح ملامح الْنهج الْحكوميّ الْجديد ، إلا أنَّ التنقيب عن الْفسادِ أصبح أكثر علنيًّة ، ولكن تبقى القْضايا الْتي تؤرّق الْرزّاز والْشارع وأبرزها : قانون الْضريبة " قانون الاطاحة بالحكوماتِ " ، الأزمة الاقتصاديّة وغيرها من الْقضايا الْتي لا تزال الْحكومة تؤجل تقديها للبرلمانِ ، خاصةً وأنَّ قانونَ الْضريبة لا يزال في مطبخِ الْمفاوضات بين صندوق الْنقد والْحكومة ، حيث يصرُّ صندوق على الْصيغةِ الْقديمة للقانونِ فيما تحاول الْحكومة نيل موافقةِ الْصندوق على الْتعديلاتِ الْجديدة .
إن ابتسامات الْمجاملة لن تستطيعَ إطالة صمت الْشارع ، ولا مهرب من الأزمات ، فالمهرب الوحيد هي مواجهة الأزمات بالحقيقة ، فالشارع كلما اقترب من الْحقيقةِ كلما تفهّم الْواقع ، وكلما تفهّم الْواقع مع وجود حكومة ترى في هذا الْتفهّم سببًا للإصلاح وليس " فسحة " من الْوعودِ والْتعهداتِ التي لم تعدْ تحظى بالتصديقِِ والثقة كلما أدّى ذلك إلى استقرارٍ اقتصاديّ وسياسيّ واجتماعيّ ، والأجدى من الابتسامة هي معرفة صناعتها على وجوه الْبسطاء والْفقراء .