01-10-2018 02:30 PM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
مضى ما يزيد عن العام, على تطبيق قانون البلديات رقم 41 لسنة 2015 , الذي جاء بنمط جديد يتعلق باسلوب ادارة للمجالس البلدية, يختلف تماما عما سبقه من قوانين نظمت العمل البلدي, حيث ميّز بين نوعين من المجالس داخل منطقة البلدية الواحدة, هما المجلس البلدي والمجلس المحلي للبلديات التي تم تقسيمها لمجالس محلية, حيث شكل بذلك نقلة نوعية في اسلوب الادارة للبلدية يختلف قلبا وقالبا عن نظام المناطق المعمول به في القانون السابق.
وبعد مضي اكثر من عام على تطبيق القانون, برزت اشكاليات عدة, لعل ابرزها ذاك المتصل بالصلاحيات المخولة لكل من رئيس البلدية والمجلس البلدي من جهه, ورئيس المجلس المحلي والمجلس المحلي من جهة اخرى, وسنحاول بعجالة الوقوف على تلك الاشكالية ونمحص كيف عالجها قانون البلديات والانظمة الصادرة بموجبه والتعليمات الصادرة عن الوزير.
ان الاشكالية الرئيسة التي ابرزها واقع التطبيق العملي, تتمحور حول ادارة معظم رؤساء البلديات للبلديات المقسمة الى مجالس محلية متأثرين بالموروث السابق لقوانين البلديات وبعقلية الاخ الاكبر الذي آلت اليه تركة اخوته, في حين ان مواد القانون واضحة بهذا الصدد, ولعل ما اسهم في تعقيد المسألة هو قلة الامكانات المادية للبديات التي تطلبها القانون حين بيّن الصلاحيات للمجالس المحلية, وقد تستغل احيانا من قبل رؤساء البلديات كورقة ضغط على المجالس المحلية, وهذه الامكانات تتعلق بالاليات اللازمة وعدد الموظفين اللازم لتمكين المجالس المحلية من ممارسة دورها القانوني المناط بها امام ناخبها المحلي.
وهنا نورد ابرزمظاهر الاستقلالية للمجالس المحلية حتى تتضخ الصورة, وهذه الاستقلالية بالطبع لا تمنع تبعية هذه المجالس للمجلس البلدي ورئيسه في مركز البلدية :
1. حدد الاعلان الصادر عن الوزير بالجريدة الرسمية عدد 5456 تاريخ 18 4 2017 عدد اعضاء المجالس البلدية والمحلية وقسّم مناطق بعض البلديات الى مجالس محلية وعدد اعضائها وقد اعتمد التقسيم على احواض الاراضي التي تتبع لكل مجلس محلي وهنا اشارة واضحة للاختصاص المكاني للمجلس المحلي.
2. اعتبار المجلس المحلي لجنة تنظيم محلية ضمن اختصاصه المكاني ولا حاجة في المصادقة على قراره من قبل المجلس البلدي, وانما يقوم رئيس البلدية باحالة قرار المجلس المحلي الى اللجنة اللوائية للتنظيم بدون تدخل, وهذه اشارة ايضا تدلّل على استقلالية المجلس المحلي.
3. افراد قانون البلديات مادتين المادة 7 متعلقة بصلاحيات رئيس البلدية والمادة 8 متعلقة بصلاحيات رئيس المجلس المحلي, وهذه ايضا مؤشر فصل مرن بين صلاحيات رئيس البلدية ورئيس المجلس المحلي.
وتأسيسا على ما تقدم فانه يبدو جليا ان هناك استقلالية للمجالس المحلية تمكنها من ممارسة اعمالها بالوجه الذي رسمه القانون وليس بالوجه القائم, وعلى ذلك فأنه من المفيد ان يحتفظ رئيس البلدية في المركز ببعض الاقسام المتصل عملها بالمجلس البلدي, كوحدة التنمية وسكرتارية المجلس والفريق الاداري وغيرها, وتوزيع باقي موظفي البلدية على المجالس المحلية حسب الحاجة, ولا ضير ان يمارس الرئيس سلطة الرقابة والتوجيه فيما يخرج عن صلاحياته المباشرة التي حددها القانون, لا ان يقوم بصلاحيات رئيس المجلس المحلي داخل منطقة اختصاص الاخير؛ لان ذلك يعد تعدٍ يشوبه عدم الاختصاص البسيط الذي يعتري القرار الاداري.
وختام القول فاننا امام مجالس محلية (بلديات مصغرة) لها حدودها الجغرافية (الاختصاص المكاني) ولها صلاحياتها الموضوعية التي رسمها القانون, ولا يمنع هذا من تبعيتها للبلدية الام, وقد اتجهت ارادة المشرع كما ظهر جليا في نصوص القانون الى التخفيف من الاعباء الادارية عن كاهل البلدية الام, واتجهت نيته لترسيخ خطوة هامة نحو ممارسة نمط جديد في الادارة يختلف عن اسلوب المناطق المتبع سابقا, وهذا النمط يتأسس على توسيع دائرة المشاركة المحلية عبر المجالس المحلية في اطار عمل بلدي قائم اساسا على اللامركزية الادارية, وحين يتغوّل رؤساء البلديات على اختصاصات رؤساء واعضاء المجالس المحلية فان في ذلك تطاول على ارادة الناخب المحلي الذي اسند للرؤساء والاعضاء المحليين تلك الصلاحيات الممنوحة لهم بموجب القانون عبرالانتخاب.