04-10-2018 12:08 PM
سرايا - حين تتكرر حالات ولادة التوائم في عائلة واحدة يؤكد علماء الوراثة أن السبب جين وراثي، أما في حالة عدم تكرار الولادة فتكون حالة مصادفة أو نتيجة التلقيح المجهري لإنجاب طفل أنابيب، حيث يكثر بالتلقيح المجهري أحيانًا حالات إنجاب النساء الملقحات للتوائم.
وولادة أشقاء أو شقيقات توائم حلم عدد كبير من الأمهات اللواتي يحلمن بإنجاب توائم أشقاء حتى يكون رابط الأخوة قويًّا وأبديًّا، فلا يشعر أحد من الأشقاء بالوحدة، ولا يستطيع فراق نصفه التوأم لفترة طويلة كما يفعل أشقاء عديدون هذه الأيام لأسباب مختلفة، لكن أمهات بلدة كانديدو جودوي البرازيلية أكثر حظًّا حيث ينجبن التوائم بيسر وتلقائية وسهولة مثيرة للدهشة.
و«كانديدو جودوي» واحدة من عدد قليل من البلدات في العالم اشتهرت بوجود عدد كبير جدًّا من التوائم فيها، فالبلدة يسكنها 7 آلاف نسمة في جنوب البرازيل، ولديها عدد كبير من التوائم، ويبلغ معدل ولادة التوائم عشرة أضعاف المتوسط الطبيعي الوطني بنسبة 1000 بالمئة، ويرغب علماء الوراثة في معرفة السبب الحقيقي في نمو معدل ولادات التوائم فيها دون القرى الأخرى، هل هو وراثة أو نمط حياة صحي معين أو بيئة معينة أو تجارب علمية غير قانونية كما يروج بعض سكانها.
وعلى عكس علماء الوراثة يعتقد بعض السكان المحليين أن السبب وراء هذا العدد الكبير من التوائم في بلدتهم الصغيرة قد يكون شريرًا، حسبما نقلت مواقع وصحف إخبارية برازيلية وعالمية مختلفة من بينها موقع الـ«بي بي سي» البريطاني.
وجود توائم مكررين في البلدة طبيعي
وتقول إحدى التوائم لوسي جرونيتزجي المقيمات في القرية وشقيقتها التوأم: نحن أنفسنا لا نعرف السبب، كان الأمر بالنسبة لنا طبيعيًّا، وكان هناك توائم عديدون في المدرسة، ولدينا الكثير من الأصدقاء التوائم، الأمر طبيعي جدًّا بالنسبة لنا.
وتقول إحدى التوائم الإناث: أساتذتنا المساكين كانوا دائمًا يخلطون بيننا، حتى أصدقائنا أنفسهم يخلطون بيننا أحيانًا.
وذات مرة ذهب صديقي لشقيقتي التوأم على أنها أنا، ولم يكن هذا أمرًا جيدًا.
ما علاقة مجرم الحرب النازي الدكتور جوزيف منجيل بالبلدة؟
يزعم البعض أن مجرم الحرب النازي الهارب من العقاب بعد سقوط هتلر الدكتور جوزيف منجيل الذي تُوفِّيَ عام 1979 وصل إلى المنطقة والبلدة في السيتنيات من القرن العشرين الماضي، وكان صاحب سمعة علمية سيئة؛ لإجرائه تجارب عن التوائم في معسكر اعتقال «أوشفيتز» النازي حيث كان يجري تجاربه على الأسرى المحتجزين، وكان حين تقع عيناه على طفل توأم يبحث عن شقيقه، ويحولهما قسرًا إلى مختبراته؛ ما دفع الأمهات النسوة آنذاك إلى إخفاء توائمهن عنه، وتفضيلهن موت أبنائهن وبناتهن التوائم بالغاز على أن يعذبوا ويُشَرَّحوا لمعرفة نوع جيناتهم الوراثية الخاصة بالتوائم، حيث تتركز أبحاثه وتجاربه على اكتشاف الجينات التي تؤدي إلى إنجاب توائم، وهو الجين الذي يمكن أن يكون قد انتشر في تلك البلدة التي هرب إليها وأقام فيها، وأجرى تجاربه فيها، حيث يؤكد بعض السكان المحليين أنه زار بلدتهم على أنه طبيب بيطري مرات عدة، ثم أجرى لاحقًا العديد من العمليات والتجارب الطبية غير القانونية على سيدات من البلدة في السيتنيات.
وذكرت بعض وكالات الأنباء البرازيلية قبل سنوات نقلاً عن سكان البلدة أقاويل كثيرة حول الظاهرة.
تناولت سيدات البلدة من الطبيب الألماني جرعة هرمونات ودواءً في الستينيات؛
حيث يزعم سكان محليون آخرون: أن الطبيب الألماني جوزيف أعطاهم في وقت مبكر خليطًا من الهرمونات والدواء الصناعي من أجل تنشيط ولادة التوائم، وهو ما يبدو أنه نجح، وأدى إلى هذه النسبة العالية من التوائم في البلدة.
وجاء هذا الدواء المنشط لولادة التوائم خلاصة تجاربه الوحشية غير القانونية على آلاف الأطفال الأسرى ومئات التوائم الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لها، فخلد اسمه بوصفه أشهر مجرم أطفال في القرن العشرين.
ويؤكد طبيب محلي يُدعى الدكتور أننكير فلوريس دا سيلفا زيارة منجيل للبلدة قائلاً: أعتقد أن الدكتور جوزيف منجيل كان هنا في المنطقة، لكني لا أعتقد أنه أجرى تجاربه على أي شخص في البلدة.
ولا يوجد دليل قاطع على زيارة الدكتور جوزيف منجيل للمنطقة سوى كلام بعض السكان المحليين والطبيب المحلي أننكير فلوريس دا سيلفا.
لكن علماء برازيليون درسوا الظاهرة بأبحاث عدة، انتهوا إلى حقيقة أن ثمة جيًنا معينًا مرتبطًا بولادة التوائم يزيد انتشاره في أوساط السكان بهذه البلدة منذ عقود من الزمان، لوجود عدد كبير من التوائم المسنين فيها.
فهل للطبيب النازي جوزيف منجيل المهووس بدراسة ظاهرة وجينات التوائم دور بذلك؟
أورسولا ماتي أول عالمة وثقت ظاهرة بلدة التوائم عام 1990.
وكانت أورسولا ماتي أول عالمة توثق، في دراسة نشرت عام 1990، أن نسبة ولادة التوائم في هذه البلدة كانت مرتفعة بشكل غير عادي، وكانت النسبة مرتفعة بشكل خاص في «ساو بيدرو»، وهي قرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها ثلاثمائة وخمسين شخصًا، وهي جزء من بلدة « كانديدو جودوي». ووجدت الدكتورة أورسولا ماتي أن 10% من الولادات في بيدرو باولو من عام 1990 إلى 1994 كانت من التوائم مقارنة بأقل من 1% في البرازيل عامة.
بولينا وماريا بونتين من أشهر الشقيقات التوائم في البرازيل بعد احتفالهما بعيد ميلادهما المائة
ومن بين أشهر التوائم المولودين من نسبة الـ«1» بالمئة في البرازيل التي تقع فيها بلدة التوائم: «الشقيقتان ماريا وبولينا بيجناتون بونتين» من إقليم «فيتوريا» بالبرازيل، التي احتفلت مصورة برازيلية شهيرة تدعى «كاميلا» بعيد ميلادهما المائة، وأهدتهما جلسة تصوير وردية، وطلة شبابية تجدد حيويتهما النفسية، تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بإعجاب؛ لتميز الشقيقتين بطلة شبابية، وروح حلوة، وأناقة مميزة كالشابات تمامًا حسب وصف المصورة المعجبة بهما. وكشفت كاميلا للإعلام:أن بولينا لديها 6 أبناء، و19 حفيدًا، و16 من أبناء أحفادها، واستطاعت النجاة بأعجوبة وشجاعة من مرض سرطان الأمعاء، ونوبتين قلبيتين، وسر تعافيها السريع، قوة عزيمتها وحبها للحياة ولعائلتها.
أما شقيقتها التوأم ماريا فلديها 5 أبناء، و17 حفيدًا، و7 من أبناء أحفادها.
وهما نادرًا ما تفترقان، ومتعلقتان ببعضهما بعضًا، وترتبط عائلتاهما بعلاقة عائلية دافئة ووطيدة.
سبب الظاهرة
وقد توصلت العالمة الألمانية أورسولا ماتي المتخصصة في العلوم الوراثية في جامعة «ريو جراند دوسول» في البرازيل، التي رأست فريقًا من الباحثين الألمان، وجاءت للعيش في هذه البلدة عام 2011 لدراسة الظاهرة، وجمع المعلومات عن أسباب ولادة التوائم المتكررة بنسبة مذهلة؛ إلى أن أمهات هذه البلدة لديهن جينًا يعرف باسم «بي 53» هو الذي يلعب دورًا في إنجاب التوائم، والذي لا يعرف في مناطق أخرى حتى الآن.
وكانت هناك شائعة بين سكان المدينة تشير إلى أن السبب وراء إنجاب التوائم في هذه المدينة، هي أن المياه التي يشربها سكان المدينة مياه مقدسة تجمع بين الإلهية والإنسانية والطبيعة.
ومنذ إعلان العالمة أورسولا ماتي اكتشافها بلدة التوائم التي أُطلق عليها اسم «مدينة التوائم» لتكرار وجود التوائم فيها بحالة نادرة ومحيرة للعلماء عام 1990، تركز وسائل الإعلام الغربية والعربية الأضواء على البلدة بدافع الفضول، ولتحريض جيل العلماء من عقد إلى عقد لمحاولة فك شيفرة هذا اللغز البيولوجي الشائك من ذاك العام ولغاية عام 2018 الحالي.
ويأمل علماء الوراثة في يوم من الأيام عبر أبحاثهم أو غيرها التوصل إلى معرفة السبب الحقيقي وراء ظاهرة التوائم في هذه البلدة.
لكن في الوقت الحالي ما زالت هذه الظاهرة يكتنفها الكثير من التساؤلات العلمية والغموض، وما زال علماء الوراثة يدرسونها في البرازيل ودول كثيرة حول العالم لمعرفة سر بلدة التوائم البرازيلية الصغيرة.