06-10-2018 09:38 AM
بقلم : غاندي النعانعة
لقد قدمت ((وسائل التواصل الاجتماعي ))الكثير لنا، ولا سيما فيما يختص بتفعيل أدوارنا التي غيبت بفعل الفجوة الأزلية القائمة بين المرسل والمتلقي، في التواصل والاتصال ،على المستويين الفردي والجمعي ، ولنا أن ننظر إلى ((الفيس بوك )) وما يقدمه من محتوى يشترك في إنشائه الجميع، ويتفاعل في عالمه من يتعاطون من خلاله المعلومات والأنشطة والفعاليات في شتى النواحي و على مختلف الصعد ،على انه نموذج مناسب لقياس مدى تأثير الأفكار على حياتنا ، وعلى طرقنا في الوصول إلى جوهرها.
إن ما يعرض أمامنا بشكل متلاحق على جدران هذا "الموقع" من أراء وأفكار متشعبة ومختلفة ، وفي بعض الأحيان متشابه، يعكس مدى ارتباط الإنسان بما يفكر به ،وما يستطيع تحقيقه على أرض الواقع ،ويحمل لنا قيمة الرسالة التي لا يبرح يكرس الإنسان لها نفسه.
ويبدو ((الفيس بوك)) بتتابع أخباره ونشاطات من هم فاعلون على أرضيته الافتراضية –هنا الافتراضية مفهوم إشكالي وجدلي - مجالا منفتحا ومزدهرا في كل لحظة ،على الأقل من الجانب المشرق الذي أراه من خلاله ، فما ينشر من خلاله يعرض كما هائلا من الصور المتفاوتة لما قد نراه اعتياديا وغير ملفت ، وما نراه يجري في صلب العملية الدائرة في هذا الكون من البناء والهدم ،فلقد نجح العديد من المدونين الأردنيين في الارتقاء بما قد تكون غاية لهذا الموقع على الخصوص أو لغيره ؛حينا بواسطة الصوت والصورة ، وحينا بما هو مكتوب، وبعيدا عن أي غاية أسس من اجلها ((الفيس بوك )) نجد بأن الملايين من المدونين عبر العالم ،والآلاف منهم في الأردن قد تجاوزوا هذه المرحلة من التواصل الفج والاعتيادي ،واستطاعوا منحنا المعلومة الجيدة ، والنص المبدع ، والإلهام الخلاق .
وما يسعفنا في هذا الصعيد ،و يكمل لنا الشواهد الكاملة على الحالة التي ينقلنا إليها في كل لحظة وفي كل يوم ، العديد ممن اخذوا على عاتقهم إبراز ذلك المتخيل الجميل، والمتيقظ الواعي، مما قد يجول في أدمغة وصدور الكثيرين من أبناء هذه المعمورة ،ولنا أن نذكر في هذا المضمار اللامتناهي أسماء يجدر بنا متابعتها ، وهم يكتبون ويدونون في مجالات مختلفة ،من السياسة إلى الاقتصاد ،ومن الفلسفة إلى الأدب، بالإضافة إلى ما ينقلونه لنا من تجارب حياتية وخبرات متنوعة سواء أكان ذلك في حلهم أو في ترحالهم.
و أذكر هنا ما أستطيع حصره من الأسماء، من أمثال الأستاذ إبراهيم غرايبة بتدوينه المتميز لشذرات عميقة تتداخل تداخلا عنيفا مع ما يحدث في حياتنا ،و الدكتور مهند مبيضين ؛حيث يتسم ما يتناوله بالشعبوية المحببة والتاريخية المقربة ، و لا أنسى هنا الدكتور تيسير أبو عودة، و الدكتورة أحلام الصبيحات ، والشاعر كايد العواملة ،و الأديب غسان عبد الخالق ،والدكتورة الأديبة سناء الشعلان ، و المحامي سلطان إبراهيم العطين ،والصحفي نايف صالح المحيسن ، والتربوي خليل الزيود ،و المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة ، وصانعة الأفلام ألاء حمدان، والشاعر حكمت النوايسة ، والشاعر مهدي نصير ، والقاص عامر علي الشقيري، وغيرهم الكثير ممن لا تتسع قائمة الأصدقاء لدي لاحتوائهم ؛حيث هنا التقانة تفرط في استخدام سلطتها ، ممن توجب ملاحقة ما يتساقط من جميل نواياهم وتداركه، فهم في الحقيقة يسعون وان كانوا متفرقين إلى صناعة ذاكرة قوية ومتينة لما يمكن أن يقال، وما يحبذ الإصغاء إليه ، وهم فعليا من يجب أن يسعى الإنسان إلى اقتناء كل واحد منهم على حدا ، وكأنهم الأسفار قيمة ، وتوظيف ما يقومون به من أجلنا ، وما ينفقون عليه أوقاتهم الثمينة ، فهؤلاء هم المؤثرون بحق .