15-10-2018 09:05 AM
سرايا - الطابون الفلسطيني .. هو عبارة عن فرن يصنع يدوياً من الفخار .. و يوضع في داخل الأرض ليصنع فيه الخبز .. و يستخدم في شواء الخضار و اللحوم .. و في بعض مناطق من ريف فلسطين يُسمى التنور .. و هو إرث فلسطيني ورثوه منذ آلاف السنين عن أجدادهم الكنعانيين .. و حافظ عليه الريفيون منهم حتى نهايات القرن الماضي .. لكنه تلاشى بشكل شبه كلي في بدايات الألفية الجديدة .
يحتاج صنع الطابون .. لتربة خاصة .. و هي ذات التربة التي تُستخدم لصنع الفخار .. لكون هذه التربة تحتمل درجات حرارة عالية .. تصنعه نساء مختصات .. حيث تجتمع مجموعة من النسوة و يحضرن تلك التربة لإحداهن التي تتقن صنعه .. و تقوم بصنعه بطريقة أشبه بطريقة صانع الأواني الفخارية لكن باليد .. و لا تستخدم أي شيء آخر مساعد ...
يجري صنع الطابون على عدة مراحل .. حيث تبدأ بصنع القاعدة و تنتظر يوما لتجف .. و من ثم تستكمل في كل يوم صنع جزء منه .. و قد يستمر صنعه أحياناً من أسبوعين إلى شهر حسب حجمه .. كما أن النساء كن يتباهين في ذلك الوقت بمن تصنع طابوناً أكبر و أفضل .. و تنتقي له حجارة أفضل .. و الحجارة التي توضع في أرضية الطابون ليوضع عليها الخبز .. و هي أيضاً حجارة خاصة تكون من نوعية معينة لا تتأثر بالحرارة العالية و لا تتكسر و تسمى «الرذف» ...
للطابون طقوس خاصة و مواعيد يجب التقيد بها .. سواء في تجهيزه أو في الدور في استخدامه .. فالنساء اللواتي اشتركن في صنعه .. يقمن بطمره ليكون تحت مستوى الأرض .. و من ثم يقمن بعمل بناء بحجم غرفة صغيرة من اللِبْن حوله .. و بقي أيضاً يُصنع من اللِبْن حتى بعد دخول الإسمنت و صناعة الطوب للقرى الفلسطينية .. لكونه أكثر تحملاً لدرجات الحرارة العالية و لا يتأثر بالدخان الكثيف المتصاعد ...
تحدد النساء أدوارهن .. حيث تقوم كل يوم اثنتان منهن بتجهيز الطابون و إشعاله قبل وقت يتجاوز الساعتين لأربع ساعات لاستخدامه مرتين في اليوم .. مرةً في الفجر و مرة أخرى عند العصر ...
إن تجهيزه و إشعاله هي أصعب المهمات .. حيث كان يجري إشعاله باستخدام التبن و جفت الزيتون و خشب الشجر .. و هي مهمة تقوم بها إحدى النساء على الدور إما صباحاً أو مساءً لتقوم هي و الأخريات بالإعداد للخبز ...
و يرتبط الطابون بمواعيد .. فقد كانت النساء تخبز مرة واحدة أو مرتين فقط بالأسبوع .. كما أنه يرتبط ببعض المواسم .. فقد كان الفلاحون يفرحون بموسم قطاف الزيتون .. و خاصة عند عصره .. فليس هنالك ألذ من خبز الطابون مع زيت الزيتون الطازج .. كما أن الطابون ليس للخبز فقط .. فقد كانت النسوة تطهو فيه صواني الدجاج و اللحم .. و تشوي الخضار مثل الباذنجان لصنع «الباباغنوج» ...