20-10-2018 08:57 AM
بقلم : د. غازي عبدالمجيد الرقيبات
يشاطر الاردن دول العالم المشاركه في اليوم العالمي لبذل الجهود الحثيثه والدؤوبه لمكافحة آفة الفقر ، حيث اعتمدت الجمعيه العامه في قرار لها يحمل رقم 47/196 للعام 1993برنامجا محددا لموجهة الفقر ، ونمر بهذه المناسبه السنويه ونستذكر سويا ان الفقر مشكلة عالميه وحالة اجتماعيه ويعد من الافات التي لها ارتدادات واثار سلبيه على المجتمع في الجوانب الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه ، وتظهر هذه الظاهره عندما تتضاءل فرص العمل الجديده وتدني الانتاجيه فينخفض الدخل او ينعدم ومنها يصبح الفقير معلولا نفسيا واسريا ومهمشا اجتماعيا قابلا للانحراف بسهوله تجاه التطرف او الجريمه فتكون المحصله الحتميه اضعاف وانهيار للبناء الاجتماعي للمجتمع .
وفي الاردن ظهر وتعاظم داء الفقر في السنوات الاخيره بفعل الظروف الاقليميه الملتهبه اضافة لعدم قدرة الخطط الحكوميه في مواجهة مشكلة الفقر او على الاقل تثبيتها عند حد معين ، لابل تعدى ذلك الى الاستمرار في جلد الذات والدخول في دائرة التشكيك وانتشا ر للاشاعة يضاف الى ذلك ما اخذه موضوع الفساد من صخب وضجيج محليا وما له من اصداء خارجيه ساهمت في النفور الاستثماري لدينا (حيث تباطأت حجم الاستثمارات الاجنبيه المباشره خلال الربع الاول من العام الحالي 2018 بمعدل 54% مسجلة 201.5 مليون دينار مقابل 436.8 مليون دينار لنفس الفتره من العام الماضي 2017 ) ورافق ذلك ايضا تخمة حجم المديونيه للبلاد والتي وصلت 37.4 مليار دولار متخطية بذلك 96.4 من حجم الناتج المحلي الاجمالي ، اضافة الى ارتفاع حجم العجز المالي للموازنة والذي بلغ 661.4 مليون دينار خلال النصف الاول من العام الحالي 2018 ، وانخفاض لحجم الصادرات الاردنيه لتبلغ 2.1 مليار دينار مقابل 5.75 مليار واردات (تقرير تموز 2018) وللعلم فقد اظهرت اخر البيانات الرسميه في هذا المجال لعام 2016ان الفقر قد ارتفع نسبته ليبلغ 20% واعتقد جازما ان هذه النسبه قد ارتفعت في العامين الاخيرين بفعل الضغوط المعييشيه على المواطن نتيجه لزيادة الضرائب على السلع والخدمات المختلفه والارتفاع المتتالي في الاسعار متزامنا مع تراجع فرص العمل المتاحه وثبات للمداخيل من رواتب واجور وارتفاع نسب البطاله لمعدلات غير مسبوقه فبلغت 18.7% كل ذلك ادى لتعميق الازمه الاقتصاديه في البلاد من خلال تراجع الطلب على السلع وانخفاض للقدره الشرائيه للمواطنين ( فاصبحت الاوضاع المعيشيه للكثيرين في انحدار مستمر ) وساهم ذلك في تآكل الطبقه الوسطى لصالح تنامي حجم الطبقه الفقيره .
وبغض النظر عما سلف من عقبات وتحديات جسام الا ان تجارب الماضي اثبتت ان اقتصادنا الاردني قادر على الصمود امام التحديات لابل وتحويلها احيانا الى فرص جديده نظرا لوجود المورد الاسترايجي الوطني الاهم ( الثروة البشريه المؤهله) رغم شح الموارد الاخرى ، ورغم ذلك كله فلاغنى عن رسم استراتيجيه وطنيه لمواجهة مشكلتي الفقر والبطاله وتنظيم سوق العمل الاردني ليقوم على الحد التدريجي من الاعتماد على الايدي العامله الوافده ومحاولة اغلاق المزيد من فرص العمل امامها ، وبالمقابل لا بد من التنويه ان لدينا في الاردن قصص نجاح لمؤسسات عامه رائده في هذا المجال نتمنى مواصلة الدعم لها لتحافظ على مكان الرياده كصندوق المعونه الوطنيه الذي قدم مساعدات نقديه لقرابة 92000اسرة (عدد افرادها قرابة 280000 فرد ) وبمبلغ 8 ملايين دينار شهريا ، كما تقوم وزارة التنميه الاجتماعيه بدور هام في مواجهة هذه الظاهره وتعزيزا للانتاجيه عبر مجموعة برامج مثل مشاريع القروض الانتاجيه بدون فوائد وبرامج الاعانات العاجله والعينيه وصيانة المساكن للاسر الفقيره وتشجيع الاقبال على تسجيل الجمعيات الخيريه التي تعنى بمكافحة الفقر ، ونتوقع من الحكومة ايضا مواصلة تقديم المساعدات المباشره للفقراء من اعفاءات للتعليم والتامين الصحي المجاني لهم اضافة لتوزيع عوائد التنميه لكافة مناطق المملكة مع التركيز على مناطق جيوب الفقر الاشد حاجة وبنفس الوقت بذل قصارى الجهود الجادة لتشجيع وتحفيز الاىستثمارات لتشغيل المزيد من الايدي العامله من هذه الفئه كل ذلك لايعفي الحكومة ايضا من القيام بتشخيص دقيق لمشكلة الفقر في كافة مناطق المملكة لتشكيل وبناء قاعدة بيانات شامله ودقيقة ليتسنى بعد ذلك من وضع سياسات علاجيه بالتعاون والتنسيق فيما بين كافة الجهات الحكوميه والاهليه العامله في هذا المجال للحد من انتشار هذه الافة الاجتماعيه ضمانا لحقوق المواطن وتحقيقا للتنميه المنشوده والحياة الفضلى الكريمه للمجتمع ،ونعود ثانية لنفكرجميعا... ماذا نقول في اليوم العالمي لمواجهة الفقر في الاردن ؟