07-11-2018 08:53 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
ديوان المحاسبة، وما ادراكم ما ديوان المحاسبة, هو ذلك الصرح الرقابي الهام، ديوان المحاسبة لديه العزم والعزيمة والمثابرة دون كلل او ملل على أداء مهامه وواجباته من خلال أفضل السبل الكفيلة بضمان الحماية الكاملة للمال العام وإنفاقه بحكمة، وبما يعود بأفضل مردود ممكن للإنفاق العام، تحقيقاً للأهداف السامية التي أرسى جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم دعائمها والرامية إلى الارتقاء المستدام بمستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة للمواطن الأردني وحماية جميع مصالحه في هذا الوطن الطيب.
أنشئ ديوان المحاسبة عام 1952، بموجب قانون رقم (28) لسنة 1952 استناداً لأحكام المادة 119 من الدستور الأردني, تلك المادة تنص على مراقبة إيراد الدولة ونفقاتها وطرق صرفها، وبهذا المعنى فان دور ديوان المحاسبة يتمثل في الرقابة على المال العام والتأكد من سلامة إنفاقه حسب القوانين والأنظمة المعمول بها, من خلال تطبيق أفضل معايير التدقيق والمحاسبة الدولية التي يتوائم تطبيقها وطبيعة بيئة المحاسبة والرقابة في المملكة الأردنية الهاشمية، وتطبيق أفضل الممارسات الرقابية والمحاسبية المتبعة على مستوى العالم.
عَملَ ديوان المحاسبة منذُ البداية على ترسيخ النزاهة والمساءلة والشفافية، مرشداً وشريكاً لمؤسسات الدولة الخاضعة لرقابته من اجل تحقيق التنمية الاقتصادية الشمولية لأعمالها، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية من خلال التحاور مع تلك المؤسسات, وعَملَ على تبادل الرأي المستند إلى التحليل المالي الدقيق المبني على تحليل المخاطر المالية، ودراسة جدوى المشروعات التنموية قبل البدء بتنفيذها، ومتابعة ما تحققه تلك المشروعات من نتائج على ارض الواقع، وعَملَ على تقييم أداء مؤسسات الدولة بما يسهم في إضافة قيمة مادية ومعنوية لأعمالها، ومساعدتها على تحقيق أهدافها باقتصاد وكفاءة وفعالية، وتشجيع الاستثمار المؤدي إلى تحقيق التنمية المستدامة، والنهوض بمستوى جودة الخدمات العامة للمواطنين, كل المواطنين حيثُما وجدوا.
وما دام ديوان المحاسبة يهدف الى المحافظة على المال العام والتأكد من سلامة استخدامه بصورة قانونية وفاعلة, والعمل على تطوير إدارة المال العام والتحقق من صحة الصرف طبقاً للقوانين والأنظمة والتعليمات السارية المفعول, والتنبيه إلى أوجه النقص في التشريعات المالية أو الإدارية المعمول بها، واقتراح وسائل معالجتها, والتعاون مع المؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية للارتقاء بالعمل الرقابي, والتأكد من سلامة تطبيق التشريعات البيئية المعمول بها, والتثبت من أن الإقرارات والإجراءات الإدارية تتم وفقاً للتشريعات النافذة,..من اجل كل ذلك فإننا نقول صبراً ديوان المحاسبة فإن موعدكم الجنة.
نقول دون تردد, صبراً ديوان المحاسبة فإن موعدكم الجنة, كيف لا والحكومة امهلت المؤسسات المعنية والبالغ عددها (75) مؤسّسة رسميّة، امهلتها لمدة محددة من الزمن للرد على تقريركم وتصويب المخالفات فيه,..نعم موعدكم الجنة حيث تتابعوا بجديّة مطلقة جميع الملاحظات والمخالفات الواردة في تقريركم لعام 2017م, والعمل على معالجتها كجزء من النهج الرامي الى محاربة الفساد والحدّ من الهدر في المال العام,..نعم موعدكم الجنة لرصدكم كلّ المخالفات الواردة في التقرير وتحليلها وتصنيفها، لغايات معالجتها وتصويب اوضاعها.
موعدكم الجنة بإذن الله عند الإعلان عن جميع الإجراءات المتخذة بشأن هذه المخالفات بكلّ شفافية وامانة ووضوح, إمّا عن طريق قرارات لمجلس الوزراء، أو من خلال إحالتها إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في حال تضمّنت شبهات فساد، أو من خلال متابعات إجرائيّة مع المؤسّسات المعنيّة خصوصاً في القضايا التي تتضمّن تحصيل الأموال..المخارج هنا متنوعة ومتعددة بالنوايا الطيبة والسليمة.
بقي ان نقول: ورق تقرير ديوان المحاسبة كورقة التوت طعمها واحد, لكن إذا أكلها (والها تعود على ورق التوت) دود القز أخرج حريرا جميلا، وإذا أكلها النحل أخرج عسلاً نقيا، وإذا أكلها الظبي أخرج المسك ذا الرائحة الطيبة والعطرة,..لقد وحّدتم بجهودكم الأصل, وتركتم لغيركم مساحات الاجتهاد في تعدد المخارج الصحيحة والعادلة.