10-11-2018 02:30 PM
بقلم : أ.د. اخليف الطراونة
زمان لم نكن نعرف في بلادنا معنى التغير المناخي؛ كنا نستعد لفصل الشتاء منذ نهاية أيلول، حتى ساد في الأمثال القول: " إن أيلول ذيله مبلول" .
أما اليوم؛ فقد اختلفت الصورة تماما، إذ أصبحنا نرى الشتاء القاسي الذي يرتبط بفقدان الأحبة والأعزاء من المواطنين وكوادر الدفاع المدني والمنقذين والغطاسين ، أصبحنا نتوجس خيفة مع كل شتوة ، ويجثم على صدورنا شعور بأن مع كل شتوة هناك شهداء ، أصبحنا اليوم نسمع عن دول عربية شقيقة ذات المناخ الصحراوي وهي تغرق - مثلنا - في الفيضانات وتفقد أناسا أعزاء، في وقت كانت تعز فيه الأمطار في تلك البلاد.
إنه التغير المناخي الذي كنا نقرأ عنه ونردده، الذي ربما يكون ناجما عن تآكل طبقة الأوزون أو ربما عن حروب مدمرة عانت من ويلاتها منطقتنا واستخدمت فيها أبشع أنواع الأسلحة المحرمة دوليا كحروب الخليج الأولى والثانية والثالثة وغيرها.
لكن السؤال الذي يُطرح عند الحديث عن هذه التقلبات المناخية هو: ما هي الطريقة المثلى للإفادة منها ، والحد من مخاطرها؟
بداية؛ نترحم على أرواح هؤلاء المواطنين ونسأل الله أن يحتسبهم شهداء في عليين، ونسأله الشفاء العاجل للمصابين وعودة سالمة للمفقودين. ونقف بفخر واعتزاز وبأجل عبارات الشكر والثناء لأجهزتنا الأمنية التي تهب دوما لأداء واجبها الوطني في الإنقاذ والمساعدة ، والشكر أيضا للحكومة التي استفادت من التجربة المأساوية لفاجعة البحر الميت بتفعيل دور مركز إدارة الأزمات من أجل مواجهة مخاطر الفيضانات في البترا وضبعة والوالة وغيرها.
إننا نكرر القول إن الحكومات المتعاقبة لم تكن لها رؤية ولا تخطيطا واضحين ، بحيث تكون هناك خطة (أ )والخطة (ب ).... لمواجهة الأزمات على اختلاف أنواعها.
ولم تعمل هذه الحكومات على بناء سدود كبيرة، سواء أكانت سدودا ترابية أم سدودا إسمنتية تستوعب المياه الناجمة عن هذه الفيضانات ، وتحاول الاستفادة منها بعمل مشاريع زراعية بالقرب منها. وغالبا ما كان التخطيط يلحق بالعمران ؛ أي أننا نبني بيوتا ثم نقيم بعد ذلك البنية التحتية من مياه وكهرباء وصرف صحي ، لهذا نرى التخبط والعشوائية في البنى التحتية.
وهناك أيضا مشكلة في قصور بعض المواطنين عن استيعاب حقوقهم وواجباتهم ؛ أو ليس بالإمكان إبعاد بيوت الشعر عن المناطق المنحدرة ؟! أو ليس بالإمكان وقف التنزه والرحلات المدرسية في أوقات الشتاء وخصوصا أثناء المنخفضات الجوية اوحالات عدم الاستقرار الجوي؟!
إننا بحاجة الى تهذيب أنفسنا ؛ لنرتقي الى مستوى هذه التحديات الجسام.
وبالإضافة الى فقدان الأرواح الغالية ، وسيادة مشاعر النخوة والإيثار عند غالبية المواطنين ؛ إلا أننا ، وللأسف، شاهدنا بعض المناظر التي فيها جزء من التمثيل - ان صدقت هذه المشاهد التي تم بثها، كأن يوضع الأطفال في الطين وتصويرهم على أساس أنه تم إنقاذهم.
نسأل الله أن يجنب بلادنا وأهلها الأحبة وسائر الأوطان كل مكروه ، وأن يرزقنا الغيث : غيث رحمة ونعمة لا غيث بلاء ونقمة، وأن يحفظ الوطن وقائد الوطن سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.